في أواخر عام 2015، أطلقت الإعلامية الأميركية الشهيرة أوبرا وينفري، سلسلة وثائقية من 7 أجزاء، بعنوان “اعتقاد” (Belief)؛ تُصور كيف يبحث الناس من مختلف المعتقدات عن المعنى، من خلال سرد قصص حية وعاطفية وصور سينمائية مرئية، تسلط الضوء على الممارسات الدينية والروحية حول العالم.
وصلت وينفري حينها إلى أماكن مختلفة، انطلقت لاستكشاف جمال الإسلام من مدينة مكة المكرمة، حيث يذهب المسلمون للحج، باعتبارها فرصة سنوية لتقديم “قصة حب للحياة”.
عندما وجد “الابن الضال” الحب في رحلة الحج
ما الذي تغير في جوردان ريختر بعد رحلة الحج؟ ما الذي جعله يعود وقد أصبح “رجلا أفضل وأبا أفضل”؟، تلك هي الأسئلة التي طرحتها وينفري على موقعها الرسمي؛ قبل أن تُجيب قائلة “ريختر كان يحتاج إلى الحب”، ويبدو أنه وجده في الحج.
ريختر متزلج ألواح محترف من لوس أنجلوس، كان أبواه مدمنين، “ولا يزال يعاني من إعطائهما الأولوية للمخدرات على شراب الحليب له في طفولته”.
اعتنق ريختر الإسلام في التسعينيات، بعد مشاركته في فيلم قصير، كأحد أشهر نجوم “التزلج على الألواح”، ثم حكى حكايته من التزلج إلى العثور على الإسلام، في فيلم وثائقي بعنوان “الابن الضال” (Wayward Son) عام 2011.
في رحلة الحج تعلم ريختر الصبر، وعرف طعم الوضوح ونشوة الروح وراحة القلب، وأصبح “أكثر وعيا”، وشعر بأنه يملك صديقا بوسع الكوكب اسمه “العالم الإسلامي”.
واختار أن يكسر بعض الصور النمطية عن الإسلام، ويزيل الارتباك بشأن فكرة الغرب -وخصوصا الأميركيين- عن هذا الدين.
وبدأ من “البقعة التى تحتل مكانا مقدسا جدا في قلبه”، وعاد من الحج بوجه دائم التبسم، وقلب مفعم بالامتنان تغمره الدهشة لكونه “عاد كيوم ولدته أمه”، وأصبح شغله الشاغل هو “كيف يتمسك بكل فائدة اكتسبها في الرحلة”، لكنه يشعر بالحزن أيضا لعجزه عن تقديم إجابات عن أسئلة كثير من الناس ممن يحاولون فهم ما حدث، وإن كانت الآمال الكبيرة التي أضحت لديه “تجعله متفائلا جدا”.
عندما يدفع الحج عجلة الحياة إلى الأمام
في الأسبوعين الأخيرين من عام 2016، أمضى الإندونيسي حكم مبروري وزوجته (كلاهما يبلغ من العمر 35 عاما)، أكثر من شهر ونصف الشهر في مسقط رأسهما بشرق جاوا، لتصميم دراجة ذات مقعدين وحامل أمتعة ومجموعتين من الدواسات لمضاعفة دفعها، لتناسب رحلة أحلامهما إلى الحج، التي قررا أن يجعلاها قصة حب للحياة؛ بنشر رسالة الإسلام بين أتباع الديانات في البلدان التي سوف يمران بها، طوال مسافة 12 ألف كيلومتر، استغرقت عاما كاملا.
فرسان الحج
يسافر المسلمون من جميع أنحاء العالم إلى مكة المكرمة كل عام لأداء فريضة الحج، لكنها المرة الأولى التي شهد فيها صيف عام 2017، مغامرة لا تُنسى قام بها 9 من المسلمين البريطانيين يُعرفون باسم “فرسان الحج”؛ قطعوا 3 آلاف كيلومتر على الدراجات الهوائية.
عبروا خلالها الجبال والأنهار، وتحملوا الكثير من الإصابات والظروف الجوية القاسية، من لندن إلى فرنسا وسويسرا وإيطاليا واليونان ومصر؛ حتى أكملوا التحدي في أقل من 6 أسابيع، ووصلوا للأراضي المقدسة لأداء الحج، واستثمار الرحلة إليه، لجمع مليون جنيه إسترليني، لشراء سيارات إسعاف ولوازم طبية أخرى لآلاف المحتاجين داخل سوريا. وفقا لموقع “ميدل إيست آي” (middleeasteye).
هكذا يجب أن ينظر الناس إلى الحياة
أيضا، في الأسبوع الأول من شهر يونيو/حزيران عام 2019، انطلق فريق “رحلة الحج” الذي يضم مجموعة من المسلمين الإنجليز، يقودون دراجاتهم الهوائية من لندن إلى المدينة المنورة، في رحلة يصل طولها إلى 4 آلاف كيلومتر، عبر 17 دولة في 60 يوما، شملت تركيا، حيث رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمجموعة في مكتبه الرئاسي في قصر دولما بهجة بإسطنبول.
وكان اليوم الثالث عشر هو الأصعب على فريق الرحلة، عندما صعد الفريق بالدراجات لارتفاعات 2400 متر “حتى كادوا يلامسون السحاب” في اجتيازهم لجبال الألب السويسرية.
DAY 12/60: Lots of climbing today but the views are INSANE! ??? we’ll be touching down Austria soon, then #Liechtenstein. #Switzerland is a must visit #Subhanallah ??
Keep them donations coming guys!!! https://t.co/D4JcuGV8jQ #TourDeHajj @pennyappeal pic.twitter.com/H9v2xG3os5
— Tour de Hajj (@TourdeHajj) June 18, 2019
وحول الفريق رحلة الحج إلى “مغامرة مثيرة، لجمع نصف مليون جنيه إسترليني، من أجل بناء آبار ومدارس ومساجد للمسلمين المحتاجين في باكستان وأماكن أخرى في العالم، وزيادة الوعي بمحنتهم، ونشر وتعزيز الإيمان، وبناء مستقبل أكثر إشراقا”.
وقال الدراج جنيد أفضل، أحد أفراد المجموعة “إن الأمر يتعلق بالإرادة، هكذا يجب أن ينظر الناس إلى الحياة”، بحسب وكالة الأناضول.
أحدث المغامرين العاشقين
ولأن كل موسم حج على موعد مع عشاق مغامرين ينظرون إلى فريضة الحج باعتبارها فرصة لتقديم واحدة من قصص الحب للحياة، بدأ شهاب (29 عاما) رحلته من ولاية كيرالا الهندية، مطلع يونيو/حزيران 2022، مجتازا أراضي باكستان وإيران والعراق والكويت؛ قاطعا مسافة 8650 كيلومترا مشيا على الأقدام في 382 يوما.
حيث كان يسير حوالي 25-60 كيلومترا في اليوم، حاملا زاده من الماء والطعام وثيابا ثقيلة وحطبا للتدفئة؛ تنخفض إلى 15 كيلومترا في أيام الشتاء الباردة؛ قبل أن يصل إلى مكة المكرمة، في يونيو/حزيران الجاري، لأداء الفريضة.
أكمل شهاب رحلته دون أن تُثنيه مشاق الرحلة وعقباتها، ولا وعورة الطريق ومخاطره، ولا هجمات الضواري وبرد الشتاء القارس؛ وجعل من رحلته المُذهلة إلى الحج “مصدر إلهام للآخرين، بأنه يمكن التغلب على أي تحدٍّ، في طريق تحقيق الهدف”؛ وفقا لموقع دوحة نيوز.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.