متابعات ينبوع العرفة:
ينتظر الكثيرون أن تكون التهدئة بين إيران وجيرانها عامل تهدئة، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، لكن الأميركيين ينظرون بحذر شديد إلى تعاظم دور الميليشيات الموالية لإيران، وإلى كميات الأسلحة التي تمتلكها، خصوصاً المسيّرات والصواريخ التي أعطتها طهران لهذه الميليشيات.
يقول القادة العسكريون الأميركيون إن هذه الأسلحة تؤرقهم، وإن أي كمية من الصواريخ والمسيرات هي خطر حقيقي على الجنود الأميركيين المنتشرين في العراق وسوريا، كما تشكّل مخاطر متصاعدة على الحدود التركية من جهة، والحدود الأردنية من جهة أخرى.
الخطر تقني
فرزين نديمي، المتخصص في شؤون التسلّح، قال لقناتي “العربية” و”الحدث”، إن “المسيرات لها تأثير فائق، وهذا ما نلمسه لدى إطلاق أربع أو ست مسيرات على منطقة التنف”. وكان يشير إلى التأثير المعنوي والأمني الذي تلحقه المسيرات بالقوات الأميركية وإن لم تكن الأضرار كبيرة في هجوم حصل العام الماضي.
تقييم الأميركيين يشير أولاً إلى أن الكميات المتوفرة بحوزة الميليشيات ضخمة، وربما يصل الرقم بين الصواريخ والمسيرات إلى أكثر من 100 ألف في لبنان، وأرقام مضاعفة في سوريا والعراق.
لكن ما طرأ مؤخراً على هذه الأسلحة هو تمكّن الميليشيات، بمساعدة إيرانية، من تلقي تكنولوجيا تطوّر دقة هذه الصواريخ والمسيرات، وبحسب مصدر عسكري أميركي “لا تجعلها دقيقة، بل تساهم في دقتها مثل أن تزرع الميليشيات كاميرا في مسيرة وتطلقها ثم تصوّب مسار وهدف المسيرة التالية بناء على مكان سقوط الأولى”.
الانهمار الصاروخي
رسم القائد السابق للمنطقة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكنزي، صورة قاتمة لمسرح الشرق الأوسط في ورقة بحث، وخلال محاضرة ألقاها منذ أسابيع في واشنطن عندما تحدّث عن انهمار الصواريخ بالمئات والآلاف، وقال إنه في حال اندلاع حرب سيتم استعمال الصواريخ البعيدة المدى مع صواريخ كروز متوسطة المدى، ومسيرات للقصف أو المراقبة، ويتم “استهداف القواعد الجوية والقواعد البرية والبحرية ومراكز السكن، وسيتفوّق العدد الكبير من المنظومات الإيرانية على منظومات الدفاع الجوي ومضادات الصواريخ وستصل إلى أهدافها”.
جنود أميركيون في سوريا (أرشيفية)
يقول الجنرال المتقاعد ماكنزي إن الحرب المقبلة ستكون حرباً بالنيران، أي بدون مدرعات، فيما يقول مصدر عسكري أميركي لقناتي “العربية” و”الحدث” إن “زمن العمليات الانتحارية، واختراق بوابة الثكنة العسكرية بشاحنة مليئة بالمتفجرات، صار من الماضي”، ويشير إلى أن التهديد لمواقع القوات الأميركية في التنف وشمال شرق سوريا وثكنات انتشار القوات الأميركية في العراق “أمر جدّي، والهجمات تتكرر، والأميركيون يأخذون احتياطات كبيرة لحماية جنودهم في هذه المناطق عن طريق نشر منظومات متطورة، مثل “سي رام” و”باتريوت” وباعتماد أساليب أقل تطوراً مثل نشر الجنود وخفض كثافة السكن واستعمال المباني المحصنة”.
الخطر الهادئ
لأسابيع طويلة وربما لأشهر، يبدو التهديد منخفضاً نظراً لوجود فترات هدوء طويلة بين الهجمات، لكن الأميركيين قلقون جداً من الوضع الحالي، وقد تعرضت قواتهم خلال العامين الماضيين لسلسلة من الهجمات، آخرها في يوم 23 مارس الماضي، حين قتل متعاقد أميركي يعمل مع الأميركيين وردّت القوات الجوية الأميركية بقصف مواقع للميليشيات.
وفي معلومات إضافية لـ”العربية” و”الحدث”، أكدت مصادر عسكرية أميركية أن الهجوم الأخير على شمال شرق سوريا، انطلق بالفعل من العراق وليس من سوريا. وكانت “وول ستريت جورنال” أشارت إلى الأمر من قبل، لكن القوات الأميركية ردّت على قواعد للميليشيات في سوريا حيث تنتشر مدعومة من فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
هدأت الساحة بعد ذلك، لكن هذا الهجوم مؤشر إضافي على خطورة الوضع، ولا مؤشر حتى الآن على أن الدعم العسكري الذي يصل الميليشيات يتراجع، بل تتابع الميليشيات تلقي التسليح والتدريب والمال، ويتوقّع الأميركيون أن تتابع الميليشيات ضرب الأهداف الأميركية وغير الأميركية في المنطقة الممتدة من العراق إلى سوريا، فيما يوسّع حزب الله في لبنان من نشاطاته العابرة للحدود، ويعمّق من خبرة قواته وما يحمله من سلاح.
الميليشيات تحاصر الأميركيين
خريطة انتشار الميليشيات تدل على خطورة عالية، فهي تتعمّد الإحاطة بالمواقع الأميركية في سوريا والعراق، وقال ميك موللروي من “معهد لوبو” الأميركي: “إنهم يفعلون ذلك لحماية طرق الإمداد، وليحاوطوا المنشآت، وليتحرّكوا بسرعة مع شركائهم ولو حدث أمر ما، يضعوننا في حرج تكتيكي، لأنه من الصعب أن نقاتل ونحن في وضعية الإطباق علينا”.
يرى الكثيرون في العاصمة الأميركية أن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن لا تملك خطة لمواجهة هذا الخطر، فيما تعتبر مصادر الحكومة الأميركية أن ما يحصل هو “لعبة شطرنج” بين الميليشيات وإيران من جهة، والأميركيين وحلفائهم من جهة أخرى.
قال أحد المتحدثين لـ”العربية” و”الحدث” إن ما حصل منذ العام 2021 بين الجنود الأميركيين والميليشيات كان “محسوباً، حيث تبدأ السلسلة بهجوم يتبعه رد أميركي، ثم قصف بري وبعض الصواريخ بدون أضرار في صفوف الأميركيين، ثم هدوء “والأهم”، بحسب قوله، إن القوات الأميركيين لم ترد على إيران بدلاً من الميليشيات.
عناصر من حزب الله في سوريا (أرشيفية)
تصاعد المخاطر
ستكون الأشهر المقبلة مليئة بالمخاطر، فالأميركيون بدأوا التحدث علناً الآن عن تقارب عسكري أكبر بين روسيا وإيران، وفي حين يلفت النظر كثيراً حصول إيران على طائرات ومروحيات روسية، سيكون حصول طهران على معلومات تكنولوجية وأجهزة إلكترونية متطورة أكثر خطراً عندما تتوفّر هذه المعلومات والتكنولوجيا الروسية المتطورة للميليشيات المنتشرة من العراق إلى سوريا إلى لبنان وحتى إلى الحوثيين في اليمن.
وفي هذا السياق، يقول ميك مولروي، الذي كان نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي: “إنهم طوّروا هذه الأسلحة في مكان مثل أوكرانيا عندما استعملها الروس، وهم يستعملون السلاح وباتوا يعرفون الآن كيف يستعملونه بحيث يتحاشون أنظمة الدفاع والحماية ويقصفون الأهداف بدقة”.
وربما يكون الجميع معنياً، فالميليشيات تنتشر حول القوات الأميركية في سوريا والعراق، كما تنتشر على حدود الأردن والجولان وجنوب لبنان، وتوسّع انتشارها في شمال سوريا وشمال العراق عند الحدود التركية.
وبتقديرات الأميركيين ستكون الأراضي السورية في صلب هذه المخاطر، وقال أحد المتحدثين لـ”العربية” و”الحدث” إن سوريا تشبه مخزناً ضخماً للأسلحة، و”مركز توزيع يشبه مراكز شركة أمازون”.
الجدير بالذكر ان خبر “مسيرات وتقنيات أكثر لدى الميليشيات.. وخطر التصعيد مع أميركا يزداد” تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق يبوع المعرفة والمصدر الأساسي هو المعني بصحة الخبر من عدمه.
وموقع ينبوع المعرفة يرحب بكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة كافة الأحداث والأخبار اول بأول.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.