آخر تحديث: 26/7/202311:53 PM (بتوقيت مكة المكرمة)
محمد بازوم، سياسي نيجيري ذو أصول عربية ليبية تعد من الأقليات في البلاد، وهو حليف مقرب لفرنسا، ولد في الأول من يناير/كانون الثاني 1960، وشغل العديد من المناصب العليا في حكومة الرئيس محمود يوسفو، فكان وزيرا للخارجية والداخلية والشؤون الدولية. تولى في عام 2021 رئاسة النيجر، وكان أول رئيس دون انقلاب عسكري أو تمديد ولاية، كما أنه أول عربي يرأس بلاده.
واحتجز جنود من الحرس الرئاسي بازوم يوم 26 يوليو/تموز 2023 داخل القصر الرئاسي في العاصمة النيجيرية نيامي، ومنعوا الوصول إلى مقرات الوزارات الواقعة بجانب القصر.
وتعد النيجر من أكثر دول العالم التي شهدت انقلابا في تاريخها المعاصر، إذ سجلت أربعة انقلابات منذ استقلالها عن فرنسا في العام 1960، فضلا عن العديد من محاولات الانقلاب الفاشلة، كانت إحداها قبل تنصيب بازوم بيومين.
وكان آخر انقلاب في الدولة الأفريقية قد حدث في فبراير/شباط 2010، وأطاح بالرئيس مامادو تانجا.
المولد والنشأة
ولد محمد بازوم (“أبو عزوم” كما يطلق عليه أصدقاؤه) في الأول من يناير/كانون الثاني 1960، في منطقة ديفا أقصى جنوب شرقي النيجر، قرب الحدود مع نيجيريا، وقد نالت البلاد استقلالها عن فرنسا بعد 8 أشهر من ميلاده.
ينحدر بازوم من قبيلة أولاد سليمان العربية التي يقطن فرع منها النيجر، بينما تتركز غالبيتها في جنوب ووسط ليبيا، وتنحدر أصولها إلى قبائل بني سليم العربية العدنانية القيسية وسط الجزيرة العربية.
وقد أشار بازوم إلى أن جده الأكبر وصل إلى النيجر في أربعينيات القرن الـ19، وحاول منافسوه استغلال هذا الانتماء القبلي ضده خلال الانتخابات الرئاسية، واتهموه بأنه من أصول أجنبية.
يتقن بازوم عدة لغات من بينها العربية والإنجليزية والفرنسية والهوسا والتوبو والكانوري. وهو متزوج من السيدة حيدزة بن مبروك.
الدراسة والتكوين العلمي
درس بازوم مراحله الأساسية في النيجر، وحصل على شهادة الثانوية عام 1979، ثم توجّه إلى داكار عاصمة السنغال لدراسة الفلسفة الأخلاقية والسياسية في جامعة دكار (جامعة الشيخ أنتا ديوب)، التي كانت آنذاك أكبر جامعة في غرب أفريقيا، ومن ثم لقب بـ”الفيلسوف” لدراسته الفلسفة، وفي تلك الفترة لفت الأنظار بميوله اليسارية خلال نشاطه الطلابي، ثم عمل مدرسا لدى عودته إلى بلاده.
التجربة السياسية
دخل بازوم عالم السياسة مبكرا، فلم يكد يتجاوز الثلاثين من عمره حتى تولى منصب وزير الدولة للتعاون في الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء أمادو شيفو في الفترة من 1991 إلى 1993.
وفي انتخابات أبريل/نيسان 1993 انتخب لعضوية الجمعية الوطنية مرشحا للحزب الديمقراطي الاجتماعي، ثم شغل منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون والتكامل الأفريقي والنيجريين في الخارج بحكومة حمة أمادو في 21 يناير/كانون الثاني 1995.
كان لبازوم علاقة تاريخية طويلة بالرئيس المنتهية ولايته محمد يوسوفو، فقد شارك معه في تأسيس “الحزب الوطني الديمقراطي الاجتماعي” عام 1990، ثم صار نائبا للحزب عام 2004، ثم تولى رئاسته عام 2011 بعد تولي يوسوفو رئاسة الجمهورية، وفقا للشرط الذي يقضي بأن رئيس الدولة لا يشارك في السياسة الحزبية.
انتخب 4 مرات نائبا في الانتخابات البرلمانية التي جرت أعوام (1993، و2004، و2011، و2016) عن دائرة تيسكر بمنطقة زيندر جنوب شرق البلاد، ثم انتخب نائبا لرئيس مجلس الأمة ورئيسا للكتلة النيابية لحزبه.
انتقل بازوم إلى منصب وزير الدولة برئاسة الجمهورية في 25 فبراير/شباط 2015، ومنحته هذه الخطوة فرصة التركيز على قيادة الحزب تحسبا لمسعى يوسوفو لإعادة انتخابه عام 2016.
انتخب بازوم عضوا في المجلس التشريعي بالانتخابات النيابية في فبراير/شباط 2016، وبعد أن أدى يوسوفو اليمين الدستورية لولاية ثانية، عُين بازوم وزير دولة للداخلية والأمن العام واللامركزية والشؤون العرفية والدينية في 11 أبريل/نيسان 2016، وظل يشغل المنصب حتى صيف 2020، عندما استقال من منصبه للاستعداد للترشح للانتخابات الرئاسية.
يشهد له السياسيون الذين اقتربوا منه بأنه كان وزيرا فاعلا في الشؤون الخارجية، وصاحب قبضة مهيمنة خلال توليه منصب وزير الداخلية، حيث يحفظ ويعي جيدا طوبوغرافيا بلاده وقام بمسح كل زاوية وركن فيها.
بازوم رئيسا
وفي أبريل/نيسان 2021 أدى بازوم اليمين الدستورية ليعين رئيسا للبلاد في حدث سياسي نادر في تاريخ النيجر منذ استقلالها عن فرنسا، حيث نقلت السلطة سلميا من رئيس مدني منتخب ديمقراطيا (محمد يوسوفو) لآخر، بعد إنهائه فترتين رئاسيتين دون تعديله الدستور ليحظى بثالثة ودون انقلاب عسكري بعد 4 انقلابات منذ الاستقلال. وقد نُصِّب بازوم بعد يومين من إحباط محاولة انقلاب عسكري.
وشكّلت هذه الانتخابات التي انتهت جولتها الثانية في 21 فبراير/شباط سابقة غير مألوفة في البلاد سمحت بصعود رئيس من الأقلية العربية في بلد تحكمه العصبية القبلية. وأدى بازوم اليمين في “المركز الدولي للمؤتمرات” في العاصمة نيامي بحضور عدد من رؤساء الدول الأفريقية.
وحقق بازوم فوزا صعبا وحصل على 2.5 مليون صوت، مقابل 1.9 مليون صوت لصالح خصمه ماهمان عثمان، أي أكثر من 55% من الأصوات، وقال بازوم بعد أدائه اليمين الدستورية إن النيجر “تواجه وجود مجموعات إرهابية تجاوزت همجيتها كل الحدود” وتقوم “بارتكاب مجازر بحق المدنيين الأبرياء على نطاق واسع وترتكب أحيانا جرائم حرب حقيقية”. وأن قادة المجموعات الإرهابية “يخضعون لسيطرة دول أخرى”.
وكانت توجهات بازوم التي أعلنها يوم تنصيبه التركيز على ثروات بلاده المعدنية لما يمكن أن تساعد في تحقيق نمو اقتصادي سنوي بنسبة 8% تقريبا خلال خمس سنوات، ورغم ذلك أكد أن تحديات المناخ والأمن تعوق التنمية.
وأضاف أن مشكلة النيجر الأساسية منذ استقلالها ضعف نظامها التعليمي، وأكد قائلا إنه سيجعل إصلاح النظام التعليمي والأمن أولوية له.
ومن التحديات التي واجهت بازوم إبان تسلمه الرئاسة قضية الهجمات الجهادية المستمرة من تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية” غربي البلاد على الحدود مع مالي وبوركينا فاسو، وجماعة “بوكو حرام” النيجيرية في شرق البلاد، لكنه أعلن تخطيطه تعزيز الأمن في النيجر بالتعاون مع الدول المجاورة وفرنسا وأميركا.
اتهامات
تقدمت شخصيات معارضة بطلب إلى المحكمة الدستورية (أعلى قضائية في النيجر) متهمة محمد بازوم بتزوير جنسيته النيجرية، وقالت إنها لن تعترف بفوزه بالرئاسة وستستمر في الاعتراض على نتائج الانتخابات.
وقد أثارت هذه القضية غضب بازوم خلال الحملة الانتخابية، لكن معاونيه اعتبروا الأمر “تافها ولا يستحق”، وأشاروا إلى أن والد منافسه من تشاد. وقد رفضت المحكمة طلب شطب ترشيحه.
ومن الاتهامات الأخرى التي طالته كانت قبل إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات بفترة وجيزة، حيث زعمت حملة منافسه ماهمان عثمان (أول رئيس منتخب في البلاد) وقوع عمليات تزوير واسعة النطاق، بما في ذلك سرقة صناديق الاقتراع وحشوها وتهديد الناخبين. وقال مساعدو بازوم إن الحملة لم تقدم أي دليل يدعم هذه المزاعم.
وقد كان عثمان يأمل في الفوز بالرئاسة للمرة الثانية، مدعوما بقبيلة الهوسا القوية التي ينتمي إليها ويقدر تعداد أفرادها بنحو 50% من إجمالي السكان البالغين 24 مليون نسمة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.