مراسلو الجزيرة نت
برلين- بعد رفض المحكمة الإدارية العليا في برلين البتّ في دعوى قضائية رفعتها الحركة ضد قرار غير ملزم اتخذه البرلمان الألماني (بوندستاغ) عام 2019 بحظر الحركة بتهمة العداء للسامية؛ قررت حركة مقاطعة إسرائيل “بي دي إس” (BDS) اللجوء إلى المحكمة الدستورية الألمانية العليا والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ.
ورغم أن المحكمة الإدارية العليا لم تبت في الدعوى التي رفعتها الحركة، فإنها أجازت للحركة الاستئناف ضد قرارها، حيث اعتبرت المحكمة الدعوى خلافا يتعلق بالقانون الدستوري ولا يقع في نطاق صلاحياتها.
وقال محامي الحركة أحمد عابد -في حديث للجزيرة نت- إن قرار المحكمة الإدارية العليا تهرب من البت في القضية، مضيفا أن المحكمة الإدارية العليا في برلين “تحاشت في قرارها الإجابة عن سؤال حول إذا كان البرلمان الألماني اتخذ قرارا يحد من حرية التعبير عن الرأي”.
صلاحيات سياسية
أما المحكمة نفسها فقد ردت على استفسار للجزيرة نت بالقول “لأن البرلمان الألماني اتخذ القرار بصفته جهازا مشرّعا، ولأنه اعتمد على أن ذلك من صلاحياته السياسية؛ سيكون من اللازم وضع هذا الإجراء القانوني الدستوري في إطاره، وسيخضع فحص مضمونه لصلاحيات المحكمة الدستورية العليا”.
وأكد القائمون على الحملة المسؤولة عن تقديم الدعوى القضائية (كريستوف غلانز وأمير علي ويوديت برنشتاين) أن قرار المحكمة يعني بالنسبة لحركة المقاطعة اللجوء إلى المحكمة الدستورية الألمانية العليا وإلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ.
وأبدى الثلاثي -في حديث مع الجزيرة نت- تفاؤلهم بقدرة المحكمتين على اتخاذ قرار نزيه لوقف ما وصفوه “بحملة التشهير” التي تتعرض لها الحركة منذ قرار البرلمان الألماني، قائلين إنهم “سينتصرون في النهاية على غرار الانتصار الذي حققته حركة المقاطعة في فرنسا عام 2020؛ عندما قضت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية بأن إدانة فرنسا ناشطين شاركوا في حملة لمقاطعة منتجات مستوردة من إسرائيل لا تستند إلى مبررات كافية وتنتهك حقهم في حرية التعبير”.
وعن قرار اليوم، أضافوا أنهم فهموا القرار على أن “الدعوى القضائية الموجهة ضد جمهورية ألمانيا الاتحادية تتعلق بحرية التعبير وحقوق الإنسان؛ الأمر الذي لا يعد من اختصاص المحكمة الإدارية العليا”.
تكاليف باهظة
ورغم هذا التفاؤل، قال كريستوف غلانز إن المشكلة تكمن في الوقت والتكاليف المالية الباهظة التي ستترتب على اللجوء إلى المحاكم العليا، سواء في ألمانيا أو في ستراسبورغ، مضيفا أن محامي الجهات المدعى عليها “ينصحونهم دائما بتهكم بعدم الانفعال لأنهم في النهاية يكسبون أمام المحاكم”.
ورغم ذلك، يضيف غلانز أن الفلسطينيين الذين يعانون كل يوم من الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحقهم “لا وقت لديهم ولا يستطيعون الانتظار”.
من جانبها، قالت شيرون برنشتاين -ابنة اليهودية الألمانية يوديت برنشتاين المتحدثة باسم مجموعة (الحوار اليهودي الفلسطيني) في مدينة ميونخ، التي غابت عن المحكمة بسبب المرض- إنها “ليست متأكدة من أن أمها التي ولدت عام 1945 في فلسطين للاجئين ألمانيين ستكون قادرة على أن تكون شاهدة على نهاية هذه القضية أمام المحاكم”.
واتهمت شيرون الدولة الألمانية بـ”إسكات صوت يهودي ألماني يطالب بالعدالة والحرية”، وذلك من خلال “المماطلة” في البت في القضية أمام المحاكم.
وكانت الجزيرة نت استهلت البحث في هذه القضية بالتوجه إلى مفوض الحكومة الألمانية لمحاربة العداء للسامية فيلكس كلاين الذي رد بالاعتذار عن تقديم تصريح حول القضية.
ورد ليونارد كامينسكي المساعد الشخصي للمفوض بالقول في الرد إن “السيد كلاين لن يدلي في الوقت الراهن بتصريحات حول القضية”.
وكان هذا الماراثون القضائي بدأ بعد تصويت البرلمان الألماني (بوندستاغ) في مايو/أيار 2019 بأغلبية كبيرة لحظر حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، واصفا إياها بأنها حركة تستخدم أساليب معادية للسامية لتحقيق أهداف سياسية.
وبرر القرار الذي قدمه التحالف المحافظ المسيحي الديمقراطي بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل في حينها -إضافة إلى الاشتراكيين الديمقراطيين والليبراليين الخضر- بأن حجج حركة المقاطعة والأساليب التي تستخدمها “معادية للسامية”.
وبررت الحركة لجوءها إلى القضاء الألماني بالقول إن القرار البرلماني الذي وصمهم بالعداء للسامية شوّه سمعة الفلسطينيين والمتضامنين معهم في ألمانيا، وشوه أهدافهم التي لا تقوم على استخدام العنف، وكان سببا في اتخاذ البلديات والمدن الألمانية قرارات بحرمان الحركة من إقامة أنشطتها والحصول على القاعات العامة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.