وظل التبرير الأكثر ترديداً لارتفاع الأسعار هو تبعات جائحة كورونا والانعكاسات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا وما صاحبها من تطورات، لا سيما فيما يخص ارتفاع أسعار الغاز، والصدمة التي تعرضت لها سلاسل الإمداد، وتعطل إمدادات السلع بما في ذلك القمح والزيوت.
ورغم بدء الأسعار وتيرة الانخفاض النسبي على المستوى العالمي، إلا أن السلع الغذائية في بريطانيا قد أدارت ظهرها لهذا، وهو الأمر الذي أبرزه تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية أخيراً تحت عنوان (لماذا لا تزال أسعار المواد الغذائية في المملكة المتحدة في ارتفاع شديد ومتى سيتوقف ذلك؟).
التقرير أشار إلى أن أسعار الغاز الآن هي أقل مما كانت عليه قبل الحرب، كما انخفضت أسعار الغذاء العالمية أيضاً بشكل حاد، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، ذلك أنه في أبريل، انخفض مؤشرها الغذائي بنسبة 19.7 بالمئة عن العام 2022.
يعطي عدم التطابق هذا مصداقية لفكرة “تضخم الجشع“: الشركات التي تستخدم التضخم كذريعة لزيادة هوامش الربح، وهو ما علقت عليه الأمين العام لـ Unite the Union شاريون غراهام، بقولها إن المملكة المتحدة “في قبضة أزمة تربح”. وقد دعا الحزب الديمقراطي الليبرالي أخيراً سلطات المنافسة إلى فتح تحقيقات.
- قال بنك إنجلترا الأسبوع الماضي إن شبكة وكلائه في جميع أنحاء البلاد، قد وجدت أن انخفاض التكاليف في بعض الشركات “لا يتم تحويله تلقائياً إلى أسعار المستهلكين، وذلك في محاولة لإعادة بناء الربح”.
- لهذا السبب يتعين على هيئة المنافسة والأسواق النظر فيما إذا كانت المتاجر الكبرى وتكتلات المواد الغذائية تحقق أرباحاً مفرطة.
- الأسبوع الماضي، أعلن نواب في لجنة البيئة والغذاء والشؤون الريفية عن التحقيق في “الإنصاف في أسعار الغذاء”.
- يدافع أصحاب الشركات عن أنفسهم، مستندين إلى “قيام بعض السلاسل بمنح الموظفين زيادات متعددة في الأجور في العام الماضي، أي أن فاتورة أجور الصناعة آخذة في الارتفاع”.
آلية العرض والطلب
من جانبها، تقول الأكاديمية المتخصصة في الشؤون الأوروبية، الأستاذ المساعد في جامعة نيوهامبشير، إليزابيث كارتر، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن ارتفاع الأسعار في المملكة المتحدة على ذلك النحو، جاء لعدة أسباب رئيسية، من بينها تأثيرات جائحة كورونا، خاصة أن عديداً من الشركات قد رفعت أسعارها بعد عودة النشاط في محاولة للتعافي (وتعويض الأرباح) بعد الإغلاق، فيما لم تخفض تلك الشركات الأسعار بمجرد تعافي الأعمال.
العامل الثاني، في تقدير كارتر، يرتبط بتداعيات الحرب في أوكرانيا، لا سيما مع ارتفاع أسعار النفط، لتتقاطر هذه التكاليف الإضافية عبر مختلف القطاعات الاقتصادية، ومع استخدام عديد من الجهات الفاعلة هذه الأزمات (التعافي من الوباء، وارتفاع أسعار الطاقة) لتبرير ارتفاع الأسعار.
وتضيف: “هناك فكرة سائدة في علم الاقتصاد المعاصر؛ مفادها أن الأسعار يتم تحديدها من خلال تقاطع العرض والطلب.. لكن الأشياء لا تسير على هذا النحو في الواقع بنفس الوتيرة بشكل عملي، ذلك أنه كيف كمنتج فردي يمكنك تقدير الطلب؟ ما تفعله بدلاً من ذلك هو إلقاء نظرة على أسعار منافسيك”.
وتطبق ذلك على المشهد الراهن في بريطانيا، بقولها: إن قضية زيادة الأسعار والتي تؤدي لارتفاع معدلات التضخم ومن ثم رفع الفائدة لكبح جماح التضخم، ليست “زيادة الطلب”، ولا هي كلفة زيادة الأجور، تكمن المشكلة في قيام الشركات بزيادة أسعارها بهذه الطريقة. وبالتالي فإن التعامل من خلال رفع سعر الفائدة يخطئ إلى حد ما هدفه الأساسي”.
- منذ ديسمبر 2021، رفع بنك إنجلترا الفائدة 12 مرة حتى الآن، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ العام 2008.
- أعلن البنك الخميس الماضي عن رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.5 بالمئة.
- تماشى قرار بنك إنجلترا الأخير مع التوقعات السابقة، ضمن مساعيه لكبح جماح التضخم الذي لا يزال الأعلى بين جميع الاقتصادات المتقدمة.
- أعلن بنك إنجلترا عن أنه “يستبعد ركود الاقتصاد البريطاني”.
ويقول خبراء صناعة المواد الغذائية إن ارتفاع تكاليف الطاقة وتعطل سلسلة التوريد الناجم عن الحرب في أوكرانيا لا يزالان المحرك الرئيسي لارتفاع الأسعار، جنباً إلى جنب وتكلفة العمالة، وتأثير أزمة المناخ على المحاصيل، وتضاف بالنسبة للمملكة المتحدة الحواجز التجارية الجديدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ضمن أبرز الأسباب، بحسب تقرير الغارديان.
معاناة الاقتصاد البريطاني
ويعاني الاقتصاد البريطاني من تحديات كبيرة مع ارتفاع التضخم وتراجع معدلات النمو، حيث تعتبر بريطانيا هي الدولة الوحيدة في مجموعة السبع التي لم تعد إلى أوضاع ما قبل انتشار وباء كورونا.
أسعار الطاقة
تقرير صحيفة الغارديان البريطانية المشار إليه، نقل عن كبير الاقتصاديين في محلل صناعة المواد الغذائية IGD، جيمس والتون، قوله:
- الكثير من الأمور التي كانت تدفع التضخم في بداية العام الماضي، مثل أسعار الطاقة، تنخفض فعلياً، الأمر الذي سيؤدي إلى خفض التضخم بشكل عام” ومع ذلك ، لم يكن هذا هو الحال في أسواق المواد الغذائية.
- السبب في ذلك أن تكلفة أساسيات الطعام نفسها، مثل فول الصويا والقهوة والقمح والشعير، تظل مرتفعة.. يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتغييرات تكلفة الطعام في الجزء العلوي من سلسلة التوريد لتنتقل إلينا كمستهلكين.
- المنتجون وتجار التجزئة يشترون ويبيعون باستخدام عقود طويلة الأجل، ما يعني أن السعر لا يتم تعديله إلا عند انتهائه وإعادة التفاوض بشأنه.
وعلى الرغم من ذلك، يشير إلى أنه “في المملكة المتحدة، ليس من الشائع أن تتراجع أسعار المواد الغذائية”.
أزمة تكلفة المعيشة
من جانبه، يقول الباحث السياسي في لندن، مصطفى رجب، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إن الحكومة البريطانية تُدرك علم اليقين بأن غالبية الشعب يعاني من التضخم وأصبح غير قادر على مواجهة أعباء الحياة، حتى أن البلديات تتوسع في محاولات توعية للاقتصاد في الاستعمال وإعادة الاستخدام”.
ويضيف عضو حزب العمال البريطاني: “ورغم ذلك، فنحن نعيش في مجتمع مليء بالتناقضات المادية، ذلك أن محال الأغذية والمتاجر المختصة -خاصة الكبيرة- تتبع حيلاً خبيثة تظهر في تقليل بعض أسعار السلع وزيادة أسعار سلع أخرى كثيرة، حتى أدرك الناس هنا تلك الحيلة، وصاروا يشترون احتياجاتهم من عدة محال”.
ويتحدث عن تحقيق عديد من الشركات التي تسير على نفس النهج أرباحاً طائلة من رفع الأسعار، مشدداً على أن الأسعار ارتفعت بطريقة جنونية وسط ظروف اقتصادية صعبة، ومع تضخم طمع الشركات على ذلك النحو، لا سيما “أننا نعيش في مجتمع رأسمالي حر ليس عليه رقيب، فأصبح البعض يبالغ في مضاعفة أسعار البضائع، وليس هناك خيار أمام البريطانيين سوى أن يراقبون الأسعار قبل الشراء والتوقف عن شراء ما يفوق قدراتهم المادية، حتى أن بعض أصحاب السيارات يتركون سياراتهم ويلجأون للمواصلات العامة نتيجة ارتفاع أسعار البنزين.. ومع ذلك، فإن أسعار المواصلات أيضاً لم تعد بنفس الأسعار السابقة”.
ورفع صندوق النقد الدولي في وقت سابق توقعاته لأداء الاقتصادي البريطاني خلال العام الجاري 2023 من توقعات سابقة بانكماش 0.6- بالمئة إلى انكماش بنسبة 0.3- بالمئة في التقرير الأخير. بينما يعتقد الصندوق بأن المشهد في عمومه لا يبدو مبشراً بالنسبة للندن.
- تُسجل بريطانيا معدل تضخم “هو الأعلى في غرب أوروبا”.
- بلغ معدل تضخم أسعار المستهلكين في البلاد 10.1 بالمئة في مارس، متراجعاً بشكل طفيف من 10.4 بالمئة في فبراير، بحسب البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني.
- ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة 19.1 بالمئة على أساس سنوي في مارس (أكبر زيادة منذ أغسطس 1977).
والجدير بالذكر أن خبر متى تتوقف وتيرة ارتفاع أسعار الغذاء في بريطانيا؟ تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق التحرير في ” إشراق 24″ وأن الخبر منشور سابقًا على عالميات والمصدر الأصلي هو المعني بصحة الخبر من عدمه وللمزيد من أخبارنا على مدار الساعة تابعونا على حساباتنا الاجتماعية في مواقع التواصل.
نشكر لكم اهتمامكم وقراءتكم لخبر متى تتوقف وتيرة ارتفاع أسعار الغذاء في بريطانيا؟ تابعوا اشراق العالم 24 على قوقل نيوز للمزيد من الأخبار
الجدير بالذكر ان خبر “متى تتوقف وتيرة ارتفاع أسعار الغذاء في بريطانيا؟” تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق ينبوع المعرفة والمصدر الأساسي هو المعني وتم حفظ كافة حقوقه
المصدر
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.