تستخدم أقلام الفضاء خراطيش حبر مضغوطة يمكن أن تعمل تحت ظروف مختلفة لا يستطيعها قلم الحبر العادي.
عندما غادر البشر سطح الأرض لبيئة الفضاء ذات الجاذبية المنعدمة لأول مرة في الستينيات من القرن الماضي، سرعان ما اكتشفوا أن أقلام الحبر الجاف المصممة لبيئة الجاذبية الأرضية لم تكن فعالة جدا في الفضاء.
وتقول الأسطورة أيضا إن وكالة ناسا للفضاء قد أنفقت ملايين الدولارات على تطوير قلم حبر جاف يعمل في بيئة ذات جاذبية أصغر، ويزعم أن رواد الفضاء الروس قد تحايلوا على المشكلة باستخدام أقلام رصاص من الغرافيت.
هل أنفقت ناسا آلاف الدولارات على تطوير قلم فضائي بينما استعمل الروس قلم رصاص؟
كتب كلايتون سي أندرسون رائد الفضاء والأستاذ في كلية الهندسة جامعة ولاية أيوا على حسابه في موقع كورا قائلا: كما هو الحال مع معظم الأساطير الحضرية، هناك قدر ضئيل من الحقيقة بهذا الادعاء، لكن وكالة ناسا لم تكن مبذرة كما قد يظن البعض.
بدأت ناسا في تطوير قلم فضائي، لكن سرعان ما تصاعدت التكاليف وعندما واجهت الوكالة معارضة عامة، عاد رواد الفضاء إلى استخدام أقلام الرصاص. وفي نفس الوقت تقريبا، بدأ بول سي فيشر مؤسس شركة فيشر بينز Fisher Pens أيضا بتطوير قلم يعمل في ظروف انعدام الوزن باستخدام ماله الخاص.
ويحتوي قلم فيشر على خرطوشة حبر مضغوطة تعمل بالبيئات التي ينعدم فيها الوزن وفي درجات الحرارة القصوى وتحت الماء أيضا. ووافق مديرو ناسا على تزويد رواد فضاء أبولو بقلم فيشر، وسرعان ما تبعهم الاتحاد السوفياتي حيث قام بتزويد رواده بالقلم نهاية الستينيات.
هل استخدام قلم الرصاص آمن بالمركبات الفضائية؟
وفق تقرير نشر على موقع “ساينس ألرت” فإنه من غير المرغوب به المخلفات القابلة للاشتعال، حيث يمكن أن تطفو بالمركبة الفضائية كنشارة قلم الرصاص أو مخلفاته من الجسيمات المجهرية من الغرافيت الموصل كهربيا التي تتساقط من قلم رصاص أثناء الكتابة.
وتعتبر النار على وجه الخصوص مشكلة خطيرة تتعلق بسلامة المركبات الفضائية، التي تشدد عليها ناسا، لاسيما بعد أن تسبب حريق في مقتل جميع أعضاء مهمة أبولو- 1 الثلاثة عام 1967.
تطوير قلم الحبر الفضائي
كانت أقلام الحبر في الستينيات خطرة أيضا. وتم تقديم أول قلم حبر جاف ناجح تجاريا عام 1945، ووفقا لمؤسس شركة فيشر فقد “تسرب الحبر من الأقلام في كل مكان” وهو أمر غير محبذ بالمركبات الفضائية.
واستخدم رواد فضاء أبولو أقلام فلوماستر صنعتها شركة “دورو بين” لكنهم استخدموا أيضا أقلام الحبر بعد أن أتقن بول سي فيشر بالتعاون مع فريدريش شاتشر وإروين راث قلم الفضاء حيث سجلوا أول براءة اختراع له عام 1965.
وكما يقول فيشر، فإن طريقة إصلاح الحبر المتسرب جاءت إليه في المنام “لقد توفي والدي قبل حوالي عامين، وفي هذا الحلم، جاءني وقال: إذا أضفت مقدارا ضئيلا من راتنج الصنوبر إلى الحبر فسيتوقف التسرب. أخبرت الكيميائي بذلك فضحك وقال إن ذلك لن ينجح. و”بعد ثلاثة أشهر عاد إلي وقال إنني على حق! وإنه كان يحاول إيجاد طريقة لاستخدام الصنوبر، لكنه أدرك بعد ذلك أنني أعني الراتنج! استخدم 2% من الراتنج وكانت تلك النسبة جيدة لمنع التسرب”.
وتستخدم هذه الأقلام خراطيش حبر مضغوطة يمكن أن تعمل تحت ظروف مختلفة لا يعمل بها قلم الحبر العادي، مثل درجات حرارة متفاوتة على نطاق واسع، والكتابة رأسا على عقب، والكتابة على الأسطح الدهنية.
وقد عرض فيشر بيع تلك الأقلام لناسا، وبعد اختبارات صارمة، قررت الوكالة شراءها لمهام أبولو المستقبلية، وظهر قلم “فيشر سبيس” لأول مرة في أبولو-7 عام 1968.
ولا تزال أقلام “فيشر سبيس” مستخدمة حتى اليوم، والآن بات لدى رواد الفضاء على متن المحطة الدولية العديد من الخيارات إذ يتم تزويدهم بأقلام شاربي Sharpie الملونة، وكذلك أقلام الرصاص من النوع الميكانيكي وليس الخشبي.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.