عمّان- يظن كثير من الناس أن مستوى ذكاء الأطفال يحدّده مستواهم الدراسي فقط، فيكتفون بالاختبارات الدراسية لتكون مقياسهم الوحيد لتقييم القدرات الذهنية والعقلية لأبنائهم. في حين تؤكد دراسات كثيرة أن نسبة كبيرة من الأطفال المتأخّرين دراسيّا يتمتعون بمستويات ذكاء مرتفعة، فضلاً عن قدرات إبداعية كبيرة.
وتكمن أهمية اختبارات الذكاء لدى الأطفال في التأكد من سلامة أدمغتهم وتوافقها مع أعمارهم، لتلبية حاجاتهم المستقبلية وفقا لقدراتهم الفعلية. فكيف يستطيع المربّون اختبار الذكاء لدى الأطفال؟
تقول المستشارة التربوية والأسرية الدكتورة أمل بورشك إنه “يمكن تحقيق ذلك بطرق عدة، منها: تحفيز الطفل وتقديم تفسيرات متعاقبة لسلوكه، وتتبع مساراته في التحصيل الدراسي، والتنسيق في ذلك مع المدرسة، ومتابعة مدى توافق مستوى تفكيره وقدراته مع أقرانه بإعداد تمرينات وتدريبات تساعد في حساب مستوى استيعاب الطفل وذكائه”.
ويمكن تقييم اختبار الذكاء عند الطفل، سواء من الأهل أو المعلمين، بإجراء مقارنة تتعلق بقياس الفروق في الذكاء بين أقرانه، الذين هم في السن ذاتها، ورصد نتائج نوعية الاختبارات اللفظية والأدائية المراد تطبيقها على الطفل، مع الاستعانة بمتخصص يقف على مدى صدقية الاختبار.
أما تقييم معايير مكوّنات أي اختبار، فيُظهر الوعي الذاتي والاجتماعي للطفل ومستوى الإدارة الذاتية لديه وعلاقاته، مع الأخذ بالاعتبار عدم وجود محدّدات دقيقة وإنما تقريبية للقدرات المعرفية عند الأطفال، إذ لا توجد أدلة على النمو المعرفي لدى الأطفال، وفق بورشك.
التعاون بين الأهل والمدرسة
عن أهمية التعاون بين الأهل والمدرسة في متابعة الطفل وتطوّر ذكائه، تقول المستشارة بورشك إن الأمر يكون من خلال تدريبات منهجية ومنظمة بناء على أسس علمية ومدروسة لتحسين أداء الطفل، وتنشيط قدراته لتسريع الحفظ وتقوية الذاكرة، وتطوير قدراته العقلية ومهارات ذكائه وتفوقه العلمي.
وتضيف أن “أهمية هذا التعاون تكمن في متابعة تحصيل الطفل وتطوره النمائي، للتمكن من إعادة رسم مسيرته العلمية والمعرفية والفكرية ومتطلباتها المستقبلية، مع تحقيق الاستفادة من قنوات التعلم غير التقليدية، وحضور التدريب العقلي التفاعلي والانغماس في التدريبات التطبيقية والفعاليات المتنوعة التي تصقل المهارات”.
علامات الذكاء
من ناحيتها، تعتبر المتخصصة في الطب النفسي للأطفال الدكتورة أسماء طوقان أنه تمكن ملاحظة بعض العلامات على ذكاء الطفل في سن مبكرة جدًا، مثل القدرة على الابتسامة والاستجابة للتحفيز البصري والصوتي، كما يمكن للوالدين ملاحظة بعض العلامات التي تشير إلى ذكاء طفلهم في سن الثالثة، مثل القدرة على حل المشكلات البسيطة والتفكير الإبداعي.
لكن يجب الانتباه إلى أن الأطفال في هذا العمر يتطورون بشكل مختلف عن بعضهم بعضا، ويمكن أن يختلفوا في مهاراتهم وقدراتهم، وفق طوقان، مشيرة إلى أن للذكاء أنواعا مختلفة في علم النفس يجب على الوالدين تمييزها لتطويرها عند أبنائهم، ومنها: الذكاء اللفظي والرياضي، والمكاني، والمنطقي، والانفعالي، والاجتماعي، والعملي. وكلٌ منها يعكس مجموعة مختلفة من المهارات والقدرات.
وتوضح طوقان أن “لكل نوع منها تأثيرا مختلفا على الأداء في الحياة اليومية، ومن أهم أنواع الذكاء الذي يساعد الطفل في علاقاته الاجتماعية وصحته النفسية مستقبلا هو الذكاء الانفعالي الذي يتشكّل عند الطفل في مرحلة الطفولة المبكّرة، ويمكن أن يتم تعزيزه وتطويره من خلال توفير بيئة داعمة ومحفّزة”.
تعزيز الذكاء الانفعالي
وتقترح طوقان على الأهل والمربين تعزيز الذكاء الانفعالي لدى الأطفال عن طريق تعليمهم التعبير عن مشاعرهم، وتحفيزهم على التعاطف مع الآخرين وتعزيز الصداقات والعلاقات الإيجابية. كما يمكن تحفيز ذكاء الطفل، عموما، من خلال توفير بيئة تعليمية غنية وداعمة وتشجيع الاستكشاف والفضول والتفكير الإبداعي.
وتستدرك بالقول إنه لا يوجد نوع من الذكاء أفضل من نوع آخر، بل إن الأفضل من ذلك والأهم هو معرفة نوع الذكاء الذي يمتلكه الطفل. وأيضا، هناك علامات يمكن أن تدل على الذكاء، مثل القدرة على حل المشكلات، والإبداع، والتفكير الناقد.
ومع ذلك، يجب أن يتم تقييم الذكاء بواسطة اختبارات معتمدة، لتحديد مستوى الذكاء بدقة، مثل: اختبار “ستانفورد بينيه” المعروف بـ”الصورة الخامسة”، واختبار “وكسلر” لقياس ذكاء الأطفال، الذي يُشرف عليه متخصص في علم النفس.
اختبارات الذكاء
نشر موقع “فيري ويل فاميلي” (verywellfamily) مجموعة من الأفكار للاختبارات، يمكن أن تساعد المعلمين في تحديد التدخلات التي يحتاجها الطفل، وأهمها:
- اختبارات الذكاء المشتركة: وهي أحد الأشكال المعروفة للاختبارات المعيارية، إذ تقارن فيها مستويات المهارة “العادية” بمستويات المهارة الفردية للطلاب من العمر ذاته، ويتم ذلك عبر أشكال وأدوات عديدة.
- اختبارات الذكاء الجماعية: وتتكون عادة من كتيب اختبار ورقي وأوراق تسجيل ممسوحة ضوئيا، وتتضمن اختبارات التحصيل الجماعي التي تقيّم المجالات الأكاديمية معرفيا.
- اختبارات الذكاء الفردية: وتتضمن أنواعا عدة من المهمات، بعضها محدد بوقت، وقد تتضمن اختبارا لتوجيه الاستجابات، ومهمات الألغاز والألعاب، وجلسات الأسئلة والأجوبة.
- الاختبارات المحوسبة: التي أصبحت متاحة على نطاق واسع، وتتضمن مهمات مشابهة لتلك الموجودة في الاختبارات الفردية، ويتم تنسيقها رقميا، كما هي الحال مع جميع الاختبارات، ويجب على الفاحصين مراعاة حاجات الطفل قبل اختيار هذا التنسيق.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.