عمان- تفوق أخطار وسائل التواصل الاجتماعي مزايا ومتعة الانخراط فيها، لا سيما بالنسبة للأطفال والمراهقين، إذ عادة ما يشعر الأطفال بأنهم مضطرون إلى المشاركة في ما يفعله أصدقاؤهم وأقرانهم في كل ما يرونه من تحديات عبر منصات التواصل الاجتماعي، سواء الخطيرة أو الإيجابية، بهدف مجاراتهم أو التوافق معهم.
فكيف يستطيع الأهل التحدّث إلى أطفالهم عن التحدّيات الخطيرة لوسائل التواصل الاجتماعي؟
يرى المتخصص التربوي والأسري الدكتور عايش نوايسة أن الثورة التكنولوجية أدت إلى انتشار كبير لمواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المرتبطة بها، ما منح للأطفال فرصة المشاركة مباشرة في صناعة المحتوى ومشاركته مع الآخرين.
وقال نوايسة “انعكس هذا التحوّل بشكل كبير على سلوك الأطفال، وأصبحت العلاقة مع مواقع التواصل تصل إلى درجة الإدمان اليومي ولساعات طويلة. ورافق ذلك صعوبات لدى الأهل في مراقبة المحتوى وما يشاهده الأبناء نتيجة ظروف اقتصادية واجتماعية ترتبط بانشغال الأهل في العمل وفي تحقيق متطلبات الحياة”.
استخدام مقنن وموجّه للمواقع
ويضيف نوايسة أنه لا بد من إعادة الهيبة إلى الأسر ودور الأم والأب في تربية الأبناء وتوجيههم نحو الطريق القويم من خلال الاستخدام المقنن والموجّه لمواقع التواصل والتطبيقات المختلفة، وتنبيه الأبناء إلى التأثيرات السلبية الصحية والاجتماعية الناتجة عن الاستخدام المفرط لهذه المواقع، وضرورة شرح أخطار المشاركة في التحديات الرائجة عبر مواقع التواصل.
ويشدّد الخبير التربوي الأردني على ضرورة توجيه الأبناء إلى أهمية توظيف هذه التقنيات والمواقع الإلكترونية بما ينعكس على تحسّن تعلمهم ومهاراتهم الجديدة، مضيفا أن “التحدي كبير أمام الأهل، ولا بد من مشاركة الأبناء في معالجة السلبيات الناتجة عن استخدام هذه المواقع”.
أفكار للحوار مع الأطفال حول التحديات
تقترح هناء الرملي الخبيرة في تكنولوجيا المعلومات والمستشارة في مجال التوعية بثقافة استخدام الإنترنت مجموعة من الأفكار لإجراء حوار مع الأطفال حول التحديات المنتشرة عبر مواقع التواصل:
- قبل البدء في الحوار، حدّد الموضوعات التي ترغب في مناقشتها، وتأكد من فهمك الجيد للأخطار المحتملة من التحديات الشائعة.
- ابدأ بأسئلة مفتوحة لإشراك أطفالك وتشجيعهم على المشاركة، مثل “ما المواقع التي تستخدمونها؟” أو “ما الذي يعجبكم فيها؟”.
- أعطِ أطفالك فرصة لطرح الأسئلة والمناقشة المستمرة.
- استجب لحاجاتهم، واجعلهم يشعرون بالراحة في طرح أي استفسارات أو مخاوف.
- اسألهم عما يعرفونه عن هذه التحديات، وما إذا كانوا قد رأوا أو سمعوا عن أي شخص يقوم بها.
- استمع إلى آرائهم ومشاعرهم من دون الحكم عليها أو انتقادها.
وتطرح المستشارة هناء نماذج للأسئلة:
- ما شعورك حيال هذه التحديات؟
- لماذا تعتقد أن بعض الناس يقومون بهذه التحديات؟
- ماذا ستفعل إذا طلب منك شخص ما القيام بأحد هذه التحديات؟
- كيف يمكنك مساعدة صديق يقوم أو يفكر في القيام بأحد هذه التحديات؟
وتضيف الخبيرة في تكنولوجيا المعلومات ما يلي:
- استمع بعناية واحترام إلى آراء طفلك وأفكاره، ولا تقاطعه.
- شارك مخاوفك وتوقعاتك. يمكنك أن تشرح لطفلك سبب عدم ملاءمة بعض التحديات ونوع الأخطار التي تشكلها عليه.
- اسأله عما يعرفه. يمكنك بدء اكتشاف التحديات التي يحبها طفلك، والتحديات التي يستمتع بها. ويمكنك أيضا أن تسأله عما إذا كان قد واجه أي مشكلات أو أخطار.
- شجعه على التفكير بشكل نقدي ومستقل في هذه التحديات، وعدم متابعة المشاركين في هذا النوع من الألعاب أو الخضوع لضغط الأقران. وساعده على تنمية احترامه لذاته، حتى لا يشعر بالحاجة إلى إقناع الآخرين بالسلوكيات المحفوفة بالأخطار.
- قدم المعلومات بطريقة ملائمة لسن طفلك، مع التركيز على الآثار السلبية المحتملة.
- تواصل مع طفلك بعد الحوار لمتابعة النقاش والتأكد من فهمه الصحيح.
- حاول قدر الإمكان أن تجري محادثات منتظمة مع طفلك حول تجاربه عبر الإنترنت.
تحديات الوسائط الاجتماعية الفيروسية
تُعرف تحديات الوسائط الاجتماعية الفيروسية بأنها عادة ما تُشرك المستخدمين الذين يصوّرون أنفسهم وهم يؤدون إجراءات غير عادية أو درامية أو مضحكة أو محفوفة بالأخطار، ومشاركة هذا المحتوى مع الآخرين الذين يمكنهم بعد ذلك أداء الفعل ذاته، وبالتالي قبول إكمال التحدي والاستمرار في مشاركته، بحسب ما نشر موقع “فيري ويل فاميلي” (Verywellfamily).
تقول الدكتورة نوشين أمين الدين، رئيسة “مجلس الأبناء والإعلام” في الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال “هناك شعور بأنه إذا كان الأشخاص الآخرون يفعلون ذلك، فقد يكون من الممتع محاولة تقليدهم، حتى لو كانت فكرة جديدة ولم تخطر في بالهم سابقا”.
وترى نوشين أن بعض تحديات وسائل التواصل الاجتماعي محفوفة بالأخطار للغاية، خصوصا عندما تشمل الأدوية أو تؤثر بأي طريقة أخرى على الجسم. وتوضح أن بعض التحديات تأتي على شكل ممارسات غير معروفة النتائج، ما يشكّل خطرا على صحة الأطفال.
ففي عام 2013، انتشر ما يسمى بـ”تحدي القرفة”، إذ تجرّأ عدد كبير من المراهقين حول العالم على تناول ملعقة من القرفة المطحونة في 60 ثانية، من دون ماء، ما أسفر عن إصابتهم بالتهاب رئوي شفطي أو تلف الرئة الدائم.
وعليه، تعد تحديات وسائل التواصل الاجتماعي خطيرة للغاية، لأنها تنطوي على ضغط الأقران والتفكير الجماعي، ما يدفع الأطفال القابلين للتأثر إلى المخاطرة بصحتهم أو حياتهم.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.