عمان- يسعى الآباء والأمهات إلى غرس روح المسؤولية لدى أطفالهم، بهدف إعدادهم ليصبحوا ناجحين في المجتمع والحياة. والأمر ليس مستحيلاً، إذ يمكن لطفلك أن يتعلم كيف يكون شخصاً يتمتع بالمسؤولية والاهتمام قبل البلوغ.
وترى المستشارة النفسية التربوية رانيا الطباع أن “المسؤولية من المفاهيم الأساسية التي تُخلق مع الإنسان وتتطوّر خلال مراحل حياته، ليصبح إنسانا عاقلا مسؤولا محاسَباً على أفعاله”.
وتوضح أن مفهوم المسؤولية يتدرّج بالنمو والتطور بِدءا من مراحل الطفولة الأولى في حياة الطفل، وتُعد بعض الأعمال التي يقوم بها الطفل مؤشرات على كيفية نمو المسؤولية وتطوّرها لديه، وبالتالي تحقيق الاستقلالية مستقبلا.
ومن تلك المؤشرات أن يرفع الطفل الغطاء (البطانية) عن وجهه في حال كان مزعجاً له، إذ أن هذا السلوك ورغم بساطته يبيّن أن الطفل يستطيع الدفاع عن نفسه ضمن حدود قدراته الحالية. وتعتبر المستشارة النفسية أن هذه السلوكات، وأخرى مماثلة، تعمل على تشكيل شخصية مسؤولة عن سلوكاتها مستقبلا.
التحديات والتحفيز
وتُسنِد المستشارة الطباع الدور الأكبر في تنمية سلوك الطفل وشخصيته إلى الأسرة والوالدَيْن من خلال رسم روتينها اليومي، فعند قيام الطفل بأي سلوك نضع أمامه تحديات ونعمل على تحفيزه للقيام بها وإنجازها.
وتقترح، مثلاً، وضع برنامج يومي للطفل يتضمن مهمات عليه تنفيذها، كترتيب السرير أو تحضير مائدة الطعام أو قراءة كتاب أو الاستحمام، والإشادة به عند إنجازها، وذلك بهدف تحفيزه على الاستمرار في القيام بتلك المهمات لاحقا.
وتشير، هُنا، إلى ضرورة مراعاة سنّ الطفل عند تكليفه بأي من تلك المهارات، ومراعاة الدقة في إتمام المهمة، إذ أنه من غير المعقول الطلب من الطفل الصغير ترتيب سريره بمستوى الترتيب ذاته الذي يفعله الكبار، إذ علينا أن نقبل بالتدرّج لنصل إلى الهدف المطلوب.
ويمكن للأهل الذين لديهم أكثر من طفل طلب المساعدة من الطفل الأكبر، مما يزيد إحساسه بدوره الجديد ويساعد في تنمية المسؤولية لديه، وفق الطباع.
وتضيف: يمكن أن تكون الحماية الزائدة، والحرص المبالغ فيه نحو سلوكات الأطفال بهدف حمايتهم، المعيق الأكبر لتطوير الإحساس بالمسؤولية وتنميته عند الأطفال، فالمبالغة في الحرص وعدم السماح لهم بتجربة تحديات حياتية بشكل مستمر تجعلهم أشخاصاً اتكاليين غير مسؤولين عن سلوكهم مستقبلا”.
المسؤولية والصحة النفسية
من جهتها، تقول المتخصصة النفسية الدكتورة سلام عاشور إنه عندما يتعلم الأطفال تحمّل المسؤولية مبكرا ينعكس ذلك إيجابا على صحتهم النفسية ويعطيهم ثقة بالنفس، فيفعلون ما هو صحيح حتى عندما لا يراقبهم أحد، ويصبحون صالحين وأشخاصا أكثر أخلاقا ويساهمون بفعالية في مجتمعاتهم.
ومن شأن ذلك، وفق المتخصصة النفسية، أن يجعل الطفل أكثر استقلالية واعتمادا على نفسه في حل المشكلات التي قد تواجهه في حياته مستقبلا، فضلا عن القدرة على اتخاذ القرارات، واحترام حقوق الآخرين.
وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يتحمّلون المسؤولية في سن مبكرة هم أكثر نجاحا في حياتهم الدراسية والمهنية. وتنصح المستشارة النفسية الأهل باتباع الخطوات التالية التي تساعدهم في غرس روح المسؤولية لدى أطفالهم:
– البدء من مرحلة الطفولة المبكرة، ومراعاة المرحلة العمرية وقدرات الطفل، مثل إعطائه فرصة اختيار ملابسه وألعابه.
– عندما يقوم الطفل بتحمل المسؤولية، مثل ترتيب أغراضه وألعابه وكتبه، على الأهل مكافأته وتعزيز هذا السلوك الإيجابي حتى يستمر.
– يتعلم الأطفال عادة من خلال القدوة والنموذج، فعلى الأهل أن يكونوا قدوة جيدة لأبنائهم.
– الصبر في تعليم الطفل المسؤولية، فالأمر يحتاج إلى وقت.
وتختم المتخصصة النفسية بالقول: تحمل المسؤولية من أهم الصفات التي يمكن أن يمتلكها الشخص، إذ تعني القدرة على قبول عواقب الأفعال، سواء كانت جيدة أو سيئة. وبالتالي، على الأهل التفكير بجدية عند تعليم أطفالهم هذه القواعد مبكراً.
أساليب تربوية
نشر موقع “شايلد ديفولبمنت” (Child Development) بعض الأساليب التي تساعد الأهل في تربية أطفال مسؤولين ومهتمين، ومنها:
- عامل طفلك باحترام ورعاية: فجميع الأطفال يستحقون الشعور بالحب والتقدير.
- بصرف النظر عن مدى صعوبة التعامل مع طفلك، ذكّر نفسك بأنه “يتقدّم في عمله” وقد يرتكب الكثير من الأخطاء على طول الطريق.
- يجب أن تكون لبقا ومهتما ومحترما لأطفالك، ويشبه ذلك إعطاء حديقتك أشعة الشمس والماء والأسمدة.
- دع أطفالك يشاركون في المهام المنزلية: من الشائع أن الأطفال الذين أصبحوا بالغين مسؤولين، كانوا قد تلقوا التوجيه في طفولتهم من خلال إكمال المهمات المنزلية.
- ساهم بتعليمهم مهارات إدارة الأموال: إحدى أكبر الصعوبات التي يواجهها الكبار هي إدارة الأموال بحكمة. ولتنمية عادات جيدة، يجب أن تتاح للأطفال فرصة تعلمها وممارستها قبل بلوغهم سن الرشد. ومنح طفلك إعانة مادية يُعد الخطوة الأولى لتعليمه كيفية تحمل المسؤولية المالية.
- امنح طفلك بعضا من المساحة والحرية: حاول ألا تخاف من السماح لطفلك بتمضية بعض الوقت بمفرده، أو السماح له باتخاذ قرارات بشأن وقته وهواياته وأصدقائه. وحاول أن تمنحه الاستقلالية والمساحة التي يحتاج إليها لينمو ويصبح بالغا مسؤولا يعرف كيف يعتني بنفسه.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.