وصف مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني امتناع أميركا وبريطانيا عن إدانة سجن السياسي الباكستاني عمران خان بأنه مجرد تفضيل للحكام المستبدين من أجل مصالحهما، قائلا إن هذا السلوك له تاريخ طويل في واشنطن ولندن.
وقارن كاتب المقال بيتر أوبورن الحاصل على جائزة أفضل مقال/مدونة في عامي 2017 و2022؛ بين رد فعل أميركا وبريطانيا تجاه الحكم على المنشق الروسي أليكسي نافالني بتهمة تمويل التطرف وإعادة تأهيل الفكر النازي، ورد فعلهما على الحكم ضد عمران خان، حيث أدانتا فورا الأول، ورفضتا إدانة الثاني.
حالتان متشابهتان
وقال إن حالتي نافالني وخان متشابهتان تماما، إذ إن قليلا من الناس يعتقدون بصدق التهم الموجهة إليهما، وعدالة الأحكام ضدهما، وإن كلا الرجلين تريد القوى المسيطرة في بلديهما إبعادهما عن المسرح السياسي.
وأشار إلى أن نافالني قد تعرض لمحاولة تسميم قبل 3 سنوات، بينما أصيب خان في محاولة اغتيال أواخر العام الماضي، قائلا إن كلاهما سجين سياسي محتجز بتهم ملفقة من قبل السلطات الروسية والباكستانية.
ازدواج المعايير الصارخ
ومع ذلك، يقول الكاتب، لا يهتم الغرب إلا بمصير واحد منهما، إذ سارع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إدانة حكم السجن على نافالني ووصفه بأنه ذو دوافع سياسية، وطالب بإطلاق سراحه. كما سارع وزير الخارجية البريطانية برد فعل مماثل لرد فعل بلينكن.
وأضاف أوبورن أن بريطانيا وأميركا تدركان جيدا أن التهم الموجهة إلى خان -التربح من الهدايا الرسمية- واهية، لأن خان، خلال توليه منصب رئيس الوزراء الباكستاني، غيّر القانون بحيث يكون من الصعب على السياسيين الاستفادة من الهدايا التي يتم تلقيها في زيارات خارجية، وإنه من المحتمل أن يكون خان هو السياسي الأقل فسادا في تاريخ باكستان الحديث.
المصالح وليس المبادئ
واستمر الكاتب بالقول إن واشنطن ولندن لا تهمهما نزاهة خان أو فساد غيره من حكام باكستان، بل يهمهما وجود حكام مطيعين لمصالحهما حتى إن كانوا مستبدين، وقد أثبت التاريخ الطويل لباكستان ذلك، مشيرا إلى تعاملهما مع الرئيس محمد أيوب خان، والجنرال محمد ضياء الحق، ومؤخرا الجنرال برويز مشرف.
وأشار أوبورن إلى أن التاريخ يثبت أن أميركا وبريطانيا معاديتان لأي زعيم سياسي باكستاني يحكم بتفويض ديمقراطي.
كما أشار إلى أن سياسة خان تحدت نظام الحزبين الفاسد للغاية والذي هيمن على السياسة الباكستانية، من خلال حزب الشعب الباكستاني والرابطة الإسلامية الباكستانية لأكثر من نصف قرن، وسعت إلى إنهاء وضع البلاد كدولة عميلة لأميركا، وتمسك بمبادئه وخاض معاركه وحيدا ضد الحرب الأميركية الوحشية على “الإرهاب”، وأدان ضربات الطائرات بدون طيار ودافع عن سيادة القانون، وظل شوكة في جسد أميركا بمجرد توليه السلطة، لكنه دفع الثمن.
قائمة أعداء أميركا
ووصف الكاتب رفض إدارة الرئيس جو بايدن التنديد بسجن خان بأنه يرقى إلى درجة التواطؤ، وقال إن خان اليوم هو السياسي الأكثر شعبية في البلاد، وإجراء أي انتخابات في باكستان بدونه ستكون بلا معنى.
وأشار إلى أن خان انضم إلى القائمة الطويلة للقادة الوطنيين الشرعيين ديمقراطيا الذين تجرؤوا على تحدي أميركا باتباع سياسة خارجية مستقلة مثل محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في مصر، وسلفادور أليندي في تشيلي، وذو الفقار علي بوتو أول زعيم باكستاني منتخب ديمقراطيا، ومحمد مصدق في إيران، وكثيرون غيرهم.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.