قال اللواء المتقاعد الدكتور أمين إسماعيل مجذوب الخبير في إدارة الأزمات والتفاوض إن حديث مجلس السيادة السوداني عن حاجة “منبر جدة” لآليات وإجراءات ينطلق من تجارب الهدن السابقة التي لم تلتزم بها قوات الدعم السريع، وارتكابها تجاوزات لم تحاسب عليها حتى الآن.
وشدد مجذوب على أن القوات المسلحة السودانية لا تضع عقبات ولا عراقيل أمام العودة لعملية التفاوض التي تسعى إليها الرياض وواشنطن من خلال “منبر جدة”، لكن “تجريب المجرب سيؤدي للندامة” على حد تعبيره، مؤكدا على ضرورة إرساء تلك الآليات حتى لا تتكرر النتائج المنبثقة عن الهدن السابقة.
جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/7/25) لتصريحات قيادات في مجلس السيادة السوداني عن أن منبر جدة التفاوضي تشوبه نواقص تتعلق بآليات وقضايا إجرائية لا يمكن إيقاف الحرب دون حسمها، وتأكيدهم أنه لا هدنة مع قوات الدعم السريع إلا بعد ما وصفته بتنظيف وتأمين الخرطوم ومدن أخرى.
في مقابل ذلك، أكد المستشار السياسي لقوات الدعم السريع يوسف عزت استعدادها للمشاركة في أي نوع من الاجتماعات تقود إلى السلام، مشددا على أن وقت السلام قد حان.
وتساءلت الحلقة عن الخلفيات الميدانية والسياسية لهذه المواقف الأخيرة من الطرفين، وما يقصده مجلس السيادة السوداني من وراء الحديث عن أن منبر جدة تنقصه آليات وقضايا إجرائية، ورؤية الطرفين لتفعيل ذلك المنبر على النحو المطلوب لوقف إطلاق النار.
ربط لازم
وفي توضيح لموقف القوات المسلحة، أوضح مجذوب أن عدم التزام قوات الدعم السريع بالهدن السابقة وارتكابها عمليات نهب وسلب في العاصمة ودارفور وجرائم ضد الإنسانية يستلزم ربط أي مفاوضات مقبلة بآليات تلزم تلك القوات بما يتم التوصل إليه وتضمن خروج القوات المتمردة من الخرطوم.
وأكد أن القوات المسلحة تعوّل على منبر جدة في تحقيق تقدم في معالجة الأزمة، لكنها تريد توثيق أي اتفاقات بتلك الآليات حتى لا يتكرر ما حدث في الهدن السابقة، لافتا إلى أن فريق التفاوض الموجود في جدة يمتلك تفويضا، لكن لديه سقف يتمثل في أن تكون هناك إلزامية للطرف الآخر بالمبادئ المتعارف عليها لأي هدن أو اتفاق وقف إطلاق للنار.
وأشار إلى أن هناك خطة أميركية تستهدف العودة بالمشهد إلى ما قبل الحرب، وتقوم على تسليم السلطة للمدنيين، وخروج طرفي النزاع العسكريين منه، مؤكدا أن القوات المسلحة لا تمانع ذلك، لكنها لن تقبل بأن تظل قوات الدعم السريع قوة عسكرية مستقلة عن القوات المسلحة للدولة.
وفي ما يتعلق بما صرح به مسؤولون في مجلس السيادة بشأن الآليات الضرورية لمسار جدة، يرى مجذوب أنه يظل المسار الأوفر حظا والأقدر على تحقيق تقدم في معالجة الأزمة في حال ما تم التنسيق مع اللجنة المنبثقة عن مؤتمر دول جوار السوادن الذي عقد في القاهرة.
حديث فرعي
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي السوداني حافظ كبير أن الحديث عن أي هدنة وشروط وآليات لانعقادها هو حديث فرعي يمكن تجاوزه، والمطلوب هو بدء سريع للتفاوض حول أسباب النزاع الحالي، وهو ما سيحقق هدف حماية المدنيين وإنهاء الأزمة.
وأشار في حديثه لما وراء الخبر إلى أن اختلاف مفهوم وتعريف الهدن لدى الطرفين من شأنه ألا يحقق تقدما في التوصل إلى هدنة حقيقية، حيث يرى الجيش أنه من لوازمها سحب الجنود من مواقعهم واشتراط عدم تحركهم، وهو الأمر الذي ترفض قوات الدعم القبول به.
وبحسب كبير، فإنه منذ اليوم الأول للصراع أكدت حركة الدعم السريع استعدادها للجلوس والتفاوض، و”هو الأمر الذي كان ترفضه القوات المسلحة وتؤكد قدرتها على الحسم، ومع استمرار النزاع وفشلها في ذلك تراجعت عن هذا الموقف، لكنها تجتاج إلى إعادة تعريف موضوع التفاوض”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.