شهدت العاصمة السودانية الخرطوم قصفا جويا ومدفعيا اليوم الجمعة، إذ تستمر المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع رغم توقيع الطرفين على “إعلان جدة” الذي يتضمن مبادئ لحماية المدنيين.
ولم يشمل إعلان المبادئ الموقع في جدة بالسعودية وقف إطلاق النار، وقد صرح ممثل الأمم المتحدة الخاص للسودان فولكر بيرتس بأنه يتوقع استئناف محادثات وقف القتال اليوم أو غدا.
وأوضح بيرتس أن اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة لم تصمد بسبب “شعور كل طرف بقدرته على تحقيق النصر”، لكنه أضاف أنه لاحظ تغيرا في موقفيهما.
وقال المسؤول الأممي -في مؤتمر صحفي عبر الفيديو من بورتسودان- “لا يفترض نظريا أن يستغرق الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار وقتا طويلا”.
واتفقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في المحادثات، التي جرت بوساطة سعودية وأميركية في جدة، على الالتزام بسيادة السودان والحفاظ على وحدته، واعتبار مصالح وسلامة الشعب السوداني أولوية رئيسية.
وأكد الطرفان الالتزام بحماية المدنيين في جميع الأوقات، وتسهيل المرور الآمن لهم لمغادرة مناطق القتال واحترام وحماية المرافق الخاصة والعامة كافة، وضمان عدم استخدام نقاط التفتيش في انتهاك مبدأ حرية تنقل المدنيين، وفقا لما جاء في إعلان المبادئ.
من جانبها، قالت الآلية الثلاثية -التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة “إيغاد” (IGAD)- إنه “يتعين على الطرفين نقل تعليمات واضحة لا لبس فيها للرتب الأدنى” في سبيل تنفيذ الاتفاق.
مواجهات بالخرطوم ودارفور
ميدانيا، أفاد مراسل الجزيرة بأن سلاح الجو السوادني نفذ لليوم الثالث على التوالي قصفا جويا عنيفا على أهداف للدعم السريع في شمبات شمالي الخرطوم بحري.
وكذلك نقلت وكالة رويترز عن أحد السكان في جنوب الخرطوم قوله “كنا نتوقع أن يهدئ الاتفاق الحرب، لكنننا استيقظنا على نيران المدفعية والضربات الجوية”. ودوت الأصوات نفسها في الخرطوم بحري.
ونقلت الوكالة أيضا عن أسرة في الخرطوم بحري قولها إن مقاتلين من قوات الدعم السريع حاولوا الاستيلاء على منزلها صباح اليوم الجمعة.
في الوقت نفسه، تدور اشتباكات متواصلة في ولاية غرب دارفور بالسودان في المناطق الحدودية مع تشاد، إذ يُسمع في مدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان دوي المدافع الثقيلة بوتيرة متقطعة منذ ليل الخميس.
أما عن تطورات الوضع الإنساني، فقد صرحت متحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الجمعة بأن قرابة 200 ألف شخص فروا من السودان إلى دول الجوار منذ اندلاع القتال الشهر الماضي، من بينهم أطفال كثيرون يعانون سوء التغذية وصلوا إلى تشاد في الأيام القليلة الماضية.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية أولغا سارادو -في إفادة صحفية- إن نحو 60 ألفا وصلوا إلى تشاد عبر الصحراء، منهم 30 ألفا خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضحت أن قرابة 90% ممن وصلوا مؤخرا نساء وأطفال، وأن خُمس الأطفال الصغار يعانون سوء التغذية.
من ناحية أخرى، بلغ عدد النازحين داخليا في السودان جراء القتال أكثر من 700 ألف شخص، وفقا للأمم المتحدة.
دعم مالي شحيح
وأضافت سارادو أن “مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين تدعو… إلى تقديم دعم مالي عاجل لتفادي كارثة إنسانية”.
وأشارت إلى تباطؤ الدعم المالي مقارنة بحالات طوارئ أخرى، “رغم مدى إلحاح الأزمة وخطورتها”، وقالت إن من المتوقع إطلاق مناشدة جديدة للحصول على الدعم المالي، وذلك بعدما دعت المفوضية الأسبوع الماضي إلى جمع 445 مليون دولار.
وفي الإفادة نفسها، قال متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن النيران التهمت مصنعا في العاصمة السودانية الخرطوم كان ينتج الغذاء للأطفال الذين يعانون سوء التغذية.
ورأى المتحدث جيمس إلدر أن هذه الحادثة هي “الأكثر قتامة ووضوحا حتى الآن لكيفية تهديد هذا الصراع حياة الأطفال بطرق متعددة”. وأشار إلى أنه لا يعلم إن كان المصنع قد أُحرق عمدا.
وقد علّقت كثير من وكالات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى المساعدات للسودان، خاصة في العاصمة الخرطوم في انتظار ضمانات لسلامة المؤن والعاملين.
وأدت الاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل/نيسان الماضي إلى مقتل 600 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 5 آلاف، وفقا لمنظمة الصحة العالمية التي تقول إن الأعداد الحقيقية أكبر من ذلك بكثير على الأرجح.
وقالت وزارة الصحة السودانية إن ما لا يقل عن 450 شخصا قتلوا في اشتباكات ولاية غرب دارفور وحدها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.