تجددت الاشتباكات والانفجارات في العاصمة السودانية الخرطوم بعد ساعات من بدء هدنة جديدة صباح اليوم بين الجيش وقوات الدعم السريع عقب وساطة أميركية سعودية، فيما تتسارع عمليات إجلاء رعايا العديد من دول العالم من السودان عن طريق البر والبحر.
وأفاد مراسل الجزيرة في السودان بتجدد سماع إطلاق نار كثيف ودوي انفجارات في محيط القصر الرئاسي بالخرطوم، وذلك بعد سريان هدنة جديدة بين طرفي القتال مدتها 3 أيام، بعد 10 أيام من اندلاع المعارك بين الجيش والدعم السريع.
وذكر المراسل أن انفجارات وأصوات قذائف وتحليق طائرات سمعت في أجواء أم درمان شمال غربي الخرطوم، وقال مراسل الجزيرة إن خروقا محدودة للهدنة سجلت في العاصمة السودانية.
وأشار المراسل إلى اشتباكات اندلعت بين الجيش والدعم السريع في منطقتي الكدرو والحلفاية بالخرطوم بحري شمالي العاصمة، ونشر شاهد عيان مقطع فيديو تظهر فيه طائرة حربية وأصوات اشتباكات وإطلاق رصاص كثيف.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرها ناشطون سودانيون، آثار سقوط قذيفة صاروخية على مركز الرومي الطبي بمدينة أم درمان اليوم الثلاثاء، مما تسبب في سقوط عدد من الجرحى.
رواية الطرفين
واتهم الجيش قوات الدعم السريع بخرق الهدنة عبر استهداف قواتها القصر الجمهوري بسلاح المدفعية، وقالت القوات المسلحة إنها رصدت تحركات أرتال وتعزيزات عسكرية لقوات الدعم تتجه من غرب السودان للخرطوم لتنفيذ عمليات واسعة النطاق.
وقال الجيش السوداني إنه رغم التزامه بالهدنة فسيحتفظ بحقه الكامل في التعامل مع الخروق ومحاولات قوات الدعم السريع استغلال الهدنة لإنقاذ ما وصفه بموقفها الميداني المتدهور.
في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بخرق وقف إطلاق النار، وقالت إن هذا الخرق يهدد المواطنين والمقيمين والأجانب. وقال الناطق باسم قوات الدعم السريع إن طائرات الجيش لا تزال تحلق في سماء الخرطوم، وهو ما يمثل إخلالا بالهدنة.
وجددت الدعم السريع التزامها بالهدنة وكل شروطها من أجل فتح ممرات إنسانية للمدنيين والرعايا الأجانب، وحذرت من القصف المدفعي العشوائي للجيش، مؤكدة أنه يعرّض حياة المواطنين والمقيمين للخطر ويعوق الهدنة.
وأعرب وزير المالية والتخطيط الاقتصادي السوداني جبريل إبراهيم عن أمله في تطوير الهدنة لوقف دائم لإطلاق النار وبدء عملية سياسية شاملة، فضلا عن استغلال الهدنة لدفن الجثث وإخلاء الجرحى وفتح ممرات آمنة.
وأعلنت حكومة شمال دارفور حالة الطوارئ بالتزامن مع حظر التجوال من الساعة العاشرة مساء وحتى الخامسة صباحا.
ونشرت حسابات سودانية على فيسبوك، اليوم الثلاثاء، مشاهد من استمرار الاشتباكات بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور.
وكانت مدينة الأبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان (جنوب غربي الخرطوم) قد شهدت موجة من الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع.
الوضع الإنساني
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية بالسودان نعمة عابد إنه تم إحصاء 459 قتيلا قضوا في المعارك الدائرة في السودان، وأضاف أن التقديرات تشير إلى أن العدد الحقيقي أكبر من ذلك بكثير.
وذكرت نقابة الأطباء في السودان أن عدد الوفيات منذ بداية الاشتباكات ارتفع إلى 291، بينما سجلت 1699 إصابة بين المدنيين، وأضافت النقابة أن 13 مستشفى تم قصفه في الاشتباكات، وأن 19 مستشفى تعرض للإخلاء القسري.
وأضافت النقابة أنه يوجد العديد من الإصابات والوفيات غير مشمولة في هذا الحصر، ولم تتمكن من الوصول للمستشفيات لصعوبة التنقل وتردي الوضع الأمني في البلاد.
وفي اجتماع عقد في جنيف، أعلن ممثلو الوكالات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة أن 15 مليون سوداني يحتاجون للدعم الإنساني العاجل، وقال مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إن نقص الغذاء والمياه والأدوية والوقود يشتد، خاصة في الخرطوم.
وفرّ عشرات الآلاف -بمن فيهم سودانيون ومواطنون من دول مجاورة- في الأيام القليلة الماضية إلى مصر وتشاد وجنوب السودان، على الرغم من الاضطرابات والظروف المعيشية الصعبة فيها.
وأشار مراسل الجزيرة إلى أن حركة المواطنين في العاصمة حذرة. وأضاف أنّ حركة النزوح التي رصدها هي الأكبر منذ اندلاع الأزمة قبل 11 يوماً لافتاً إلى ارتفاع أسعار تذاكر الحافلات بمعدل 10 أضعاف.
عمليات الإجلاء
وتتسارع عمليات إجلاء الدبلوماسيين الأجانب من السودان، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده أجلت 538 شخصا بينهم 209 فرنسيين.
وخلال ترؤسه اجتماع مجلس الأمن والدفاع في باريس، أعلن ماكرون إصابة جندي فرنسي خلال عمليات الإجلاء، مؤكدا أن حالته مستقرة.
وأفادت وزارة الخارجية الباكستانية بإجلاء 700 من مواطنيها، بينما أعلنت أوكرانيا إجلاء 138 مواطنا في المجموع، بينهم 87 من رعاياها، غالبيتهم خبراء في الطيران من طيارين وفنيين وأفراد عائلاتهم، فضلا عن مواطنين من جورجيا وبيرو.
وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إن بلاده شرعت -اليوم الثلاثاء- في تسيير رحلات إجلاء لحاملي جوازات السفر البريطانية من السودان على متن طائرات لسلاح الجو البريطاني، وذكر وزير الدفاع البريطاني بن والاس أن بلاده وضعت عناصر من البحرية الملكية في بورتسودان لتأمين المنطقة.
وقالت وزارتا الخارجية والدفاع الألمانيتان -في بيان مشترك الثلاثاء- إن برلين ستنظم آخر رحلة إجلاء لها من السودان إلى الأردن مساء اليوم، وأضافت الوزارتان أن دولا شريكة ستجلي المواطنين الألمان المتبقين في السودان في الأيام المقبلة.
وكان متحدث باسم الجيش الألماني أكد إجلاء نحو 100 آخرين على متن خامس رحلة تقوم بها ناقلة تابعة للجيش، موضحا أن الطائرة هبطت في الأردن.
وأعلنت وزارة الخارجية الصينية إجلاء معظم المواطنين الصينيين من السودان إلى الموانئ الحدودية في الدول المجاورة، وقالت الوزارة إنها لم تتلق أي تقارير عن سقوط ضحايا صينيين بالسودان حتى الآن.
وأقلعت صباح اليوم الثلاثاء أول طائرة عسكرية جزائرية من مطار بورتسودان شمال شرق السودان، وعلى متنها رعايا جزائريون، وذكرت مصادر للجزيرة أن الطائرة توجّهت إلى مطار بوفاريك العسكري في الجزائر.
وكانت الأمم المتحدة قالت أمس إنها قررت الإبقاء على عدد من موظفيها في السودان، وعلى رأسهم فولكر بيرتيس المبعوث الخاص للأمين العام.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.