دكا- لم يستغرق الأمر سوى 90 ثانية، لانهيار مجمع مصانع الملابس الجاهزة المكون من 8 طوابق بكامله.
وكانت نيلوفا بيجوم العاملة في المبنى من بين الناجين من الحادث الذي بدا كأنه انفجار قنبلة.
كما نجا من الحادث نحو 2500 من العاملات الأخريات، ولكنهن تعرضن لإصابات مع بيجوم، وماتت أكثر من 1100 عاملة، في الكارثة التي وقعت في مصنع “رانا بلازا” لإنتاج الملابس، الكائن على مشارف دكا عاصمة بنغلاديش.
وفي 24 أبريل/نيسان 2013، انتشرت صور المبنى المنهار في مختلف أنحاء العالم، وأصبحت تمثل رمزا لظروف العمل السيئة لملايين النساء العاملات في قطاع المنسوجات اللاتي ينتجن الملابس لصالح العالم الغربي.
وتعهدت شركات كثيرة للأزياء وقتذاك بألا يتكرر ذلك الحادث مرة أخرى، ولكن ما الذي حدث منذ ذلك الوقت في بنغلاديش التي تعد ثاني أكبر منتج للمنسوجات في العالم بعد الصين.
معاناة العاملات المصابات
لم تستطع معظم العاملات المصابات في الحادث -البالغ عددهن 2500- العودة للعمل أو ممارسة حياتهن الطبيعية، ولا زلن يناضلن من أجل الحصول على التعويض المناسب.
وتقول إحدى الناجيات وتدعى شيلا بيجوم “اعتبرت نفسي في عداد الأموات منذ اليوم الذي انهار فيه المبنى فوق رأسي، حيث لم يعد في مقدوري كسب العيش، وبالتالي صرت أعيش حياة غير إنسانية”.
ولم تعد الأمور مثلما كانت من قبل بالنسبة لنيلوفا بيجوم (42 عاما)، وبالرجوع إلى ذلك اليوم المشؤوم، ظلت راقدة تحت الأنقاض 9 ساعات كاملة، واليوم أصبحت تعاني من ضغط الدم ومتاعب في الكلى، وورم في صدرها، كما تم بتر ساقها اليمنى، وفقا لبيجوم.
وتضيف “أمضيت 11 شهرا في المستشفيات، ومع ذلك لا زلت غير قادرة على المشي”.
وتوضح نيلوفا أنها تلقت تعويضا قدره 215 ألف تاكا (نحو 2040 دولارا) من شركات الأزياء، غير أن هذا المبلغ لا يمثل شيئا بالنسبة لما تكبدته بعد الحادث، وتقول “كلفني العلاج الطبي أموالا تتجاوز هذا التعويض، ولم أعد أستطيع كسب المال لتلبية احتياجات أسرتي”.
ومنذ أن توفي زوجها وأمها غادر ابنها (15 عاما) المدرسة ويعمل الآن في مرآب للسيارات.
وانضمت شيلا بيجوم لإضراب عن الطعام مع نحو 30 من العاملات الناجيات، عند موقع الحادث في الذكرى العاشرة للمأساة، وقام المئات بتأبين الضحايا، ووضع أكاليل الزهور عند نصب تذكاري مؤقت في موقع الكارثة.
مطالب النساء الناجيات
وطالبت الناجيات بتقديم دعم مدى الحياة للعاملات المصابات، يشمل العلاج الطبي، وتعويضا عن معاناتهن بسبب الحادث.
ودعت شيلا أمام حشود المعزين والمحتجين الحكومة والشركات الغربية التي تشتري الملابس الجاهزة إلى تقديم تعويض للضحايا، بالإضافة إلى الدعم الذي قدمته العلامات التجارية الغربية في أعقاب المأساة.
كما شارك نشطاء حقوق العمال وأقارب وأصدقاء الضحايا في مسيرات، ونظموا تجمعات للمطالبة بمزيد من الدعم المالي لعائلات القتلى والمصابين.
وطالب المشاركون بتقديم تعويض مناسب يستمر مدى الحياة لأولئك الذين فقدوا قدرتهم على العمل.
حماية العاملين
وبعد انهيار مجمع المصنع، وقّعت نحو 200 شركة للأزياء اتفاقا حول حماية العاملين من الحرائق وانهيار المباني، في ما يعرف باسم “اتفاق بنغلاديش”.
ونتيجة للاتفاق، قام المفتشون بزيارة مئات المصانع وأدخلوا تحسينات، مما أدى إلى تحسين إجراءات السلامة للعاملين في حالات نشوب حرائق على سبيل المثال، وفقا لما تقوله رئيسة منظمة “فيمنت” لحقوق المرأة جيزيلا بيركهارت.
وأدى الاتفاق إلى الحد من عدد الوفيات في حوادث المصانع، حسب ما يقوله الباحث تميم أحمد من مركز حوار السياسات الفكري بدكا.
ما موقف شركات الأزياء؟
ولكن منذ انتقال مراقبة تنفيذ “اتفاق بنغلاديش” إلى مؤسسة محلية تسمى “مجلس الاستدامة للملابس الجاهزة” منذ 3 أعوام تزايدت الحوادث مرة أخرى.
ورغم أنه يمكن القول إن معايير العمل تحسنت، فإن رئيس الاتحاد الوطني للعاملين بقطاع الملابس أمين الحق أمين يقول إن شركات الأزياء ليست راضية عن التحدث عن تحملها تكاليف أعلى، رغم أن تحملها زيادة بنسبة 5 أو 10% لكل منتج لن يجعلها فقيرة.
ويضيف أنه منذ عام 2018، كان الحد الأدنى للأجور الشهرية في بنغلاديش يبلغ 8000 تاكا (75 دولارا)، مشيرا إلى أن هذا المبلغ هو ما يحصل عليه كثير من العاملين في قطاع الملابس، البالغ عددهم أكثر من 4 ملايين، ومعظمهم من النساء.
ويطالب أمين وعدد آخر من النقابيين بزيادة الحد الأدنى للأجور ليصبح 23 ألف تاكا (216 دولارا)، في ضوء معدل التضخم المرتفع حاليا، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.
ومن ناحية أخرى، تريد بنغلاديش زيادة حجم صادراتها من المنسوجات التي تعد مصدرا مهما للدخل، ومنذ انهيار مبنى “رانا بلازا”، تضاعف حجم صادرات قطاع المنسوجات، ليصل إلى أكثر من 42 مليار دولار سنويا، وفقا لأحدث البيانات.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.