فيلم “ستان لي”.. قصة “القهوجي” الذي صنع عالم الأبطال الخارقين | فن


“فانتاستيك فور” و”سبايدرمان” و”آيرون مان” و”ثور” و”الفهد الأسود” و”إكس مان”، مجموعة من الأسماء التي يعرفها كثيرون، وهم جزء من عالم أنشأه مبدع واحد، إنه ستان لي الذي كان مراهقا عندما عمل في التنظيف وإعداد القهوة والمساعدة في مكتب للقصص المصورة، ليصبح خلال شهور كاتبا ثم محررا لما تحول بعد ذلك إلى “مارفل كوميكس” (Marvel Comics).

تعرض منصة “ديزني بلس” (Disney Plus) في الوقت الحالي فيلما وثائقيًا بعنوان “ستان لي” (Stan Lee)، يستعرض قصة المبدع الراحل الذي أسهم في تغيير شكل القصص المصورة ووضع حجر الأساس لعالم مارفل السينمائي الممتد.

قصة ستان لي بصوته

فيلم “ستان لي” من إخراج ديفيد غيلب عُرض بمهرجان “تريبيكا” قبل وصوله إلى منصة ديزني، واختار صناعه إعطاء الفرصة للمبدع الراحل ليروي قصته بصوته منذ البداية وحتى النهاية، فهو الصوت الوحيد والراوي المستحوذ على أسماع وعقول المشاهدين خلال ساعة ونصف، وذلك عبر مقاطع صوتية تم اختيارها من العروض التلفزيونية التي ظهر فيها، والمحاضرات التي ألقاها حول فن القصص المصورة، وخلال الترويج لـ”مارفل كوميكس” ومراسم توزيع الجوائز، والأفلام الوثائقية الأخرى التي شارك فيها خلال حياته، إضافة إلى مشاهده في أفلام “عالم مارفل” الممتد.

ويعد ستان لي أهم كاتب للقصص المصورة بعد جيري سيغل صاحب شخصية “سوبرمان”، فقد كان مؤلفًا ومشاركًا في ابتكار مجموعة واسعة من الأبطال الخارقين، وواضع حجر أساس عالم “مارفل”.

يروي لي قصته الخاصة، ومن خلالها نتعرف على  التحولات الكبرى التي حدثت في القصص المصورة، وكيف تغيرت منذ دخل هذه الصناعة وحتى اليوم.

أبطال خارقون بعيدا عن المثالية

بدأت القصص المصورة للأطفال، وقدمت شخصيات مثالية للغاية، مما وضعها داخل أطر محدودة، لكن خيال ستان لي الواسع أخذ تلك القصص إلى مناطق جديدة، فبدأ كتابة قصص تستهدف أجيالا أكبر من المراهقين والشباب، واستخدم كلمات لا يفهم بعضها سوى طلبة الجامعات.

النقطة الفاصلة هي تغييره طبيعة الأبطال الخارقين أنفسهم، إذ لم يعودوا شخصيات بلا هفوات، بل يعيشون مثل البشر، لهم صفاتهم السيئة، ومخاوفهم الخاصة، وعيوبهم الذي تضعفهم، ويهزمون في بعض الأحيان.

منح ستان لي أبطاله لمسة بشرية، في المقابل نال لقب الأسطورة بفضل تلك الشخصيات. فالمراهق الذي بدأ الكتابة لأن كتّاب المؤسسة كلهم استقالوا، أصبح سريعا المحرر الرئيسي فيها، وبدأ ابتكار الشخصيات المختلفة، ثم بعد سنوات التحق بالإدارة، وترك مهنة التحرير لكاتب آخر، وأصبح المسؤول الأول عن الترويج للقصص المصورة، يعامله الجمهور والصحافة كنجم سينمائي، ووجهه شهير مثل وجوه أبطاله.

فطنت السينما في بداية الألفية إلى الإمكانيات الكبيرة لقصص “مارفل”، خصوصا مع تطور المؤثرات البصرية مما يسمح بتقديمها بشكل يليق بها على الشاشة الكبيرة، ليبدأ فصل جديد في نجومية ستان لي. ففي عام 2008، عُرض فيلم “آيرون مان” (Iron Man) الذي قدم شخصية الرجل الحديدي التي ابتكرها ستان لي، وحملت جزءا كبيرا من شخصيته الخاصة.

ظهر آيرون مان (توني ستارك) كرجل له عيوبه كما له مزايا، قوي وشجاع وذو قلب كبير، لكنه في الوقت نفسه يحكمه غروره الذي يقوده إلى المهالك في بعض الأحيان، وهي كلها صفات تمتع بها ستان لي. فالمبدع الكبير ذو خفة الظل الشهيرة والذكاء الشديد والإبداع، حكمه في الكثير من الأحيان الغرور الذي جعله ينسب الكثير من الفضل لنفسه متجاهلا الآخرين، وهنا يبدأ الجزء الخفي من قصة ستان لي التي مرّ عليها الفيلم سريعا.

فريق ستان لي

لا يمكن إنكار إبداع وإسهامات ستان لي، وقد ظهرت في الفيلم بوضوح، فهو ليس فقط مبتكر العديد من الشخصيات، بل كتب عددا هائلا من القصص، واستطاع الوصول إلى شرائح واسعة من الجمهور بالترويج لنفسه وقصصه حول العالم، لكنه بالطبع لم يفعل ذلك بمفرده، وهنا تبدأ جميع الانتقادات لحياة ستان لي وعمله في الظهور.

فكما ظهر في الفيلم، فشل ستان في تقدير الفنانين الذين عمل معهم، وكثيرا ما ادعى أنه صاحب الفضل الكامل في كل ما قدمته “مارفل”، وهذا ليس فهما خاطئا لدوره، لكنه أيضا يتوافق مع اعتقاده المعلن أن “الشخص صاحب الفكرة هو صاحب العمل”، وأن الفنان الذي يعمل لرسم وتحويل فكرته إلى قصة مصورة ليس من حقه نسبة الفضل نفسه.

في أحد أكثر لحظات الفيلم توترا، يتحدث ستان لي مع المبدع جاك كيربي -الذي رسم العديد من قصص مارفل- عن السبب وراء ترك كيربي العمل، وهو عدم نسبة الفضل لأصحابه، وتهميش أدوار الرسامين، ويظهر في المكالمة عناد لي ومحاولة كيربي التزام الدبلوماسية لكن مع تأكيده على أهمية الحفاظ على حقه الأدبي.

في جزء آخر من الفيلم، قال ستان لي إنه “كان دائما ما يعتبر ستيف ديتكو هو المؤلف المشارك لسبايدرمان، لكن من نبرة الحديث يتضح أنه يفعل ذلك فقط لمحاولة تهدئة ستيف والذين قد يوافقون على وجه نظره في أنه صاحب الفضل في سبايدرمان .

من وجهة نظر ستيف ديتكو، فإن “الفكرة هي مجرد فكرة”، ورسمه هو الذي جعل الرجل سبايدرمان حقيقيا.

لكن من دون الفكرة في المقام الأول، لم تكن أحداث الشخصية والقصة موجودة، وهو ما يحتاج بالتأكيد نقاشًا موسعًا حول حدود عمل كل مبدع في صناعة القصص المصورة، فمن صاحب الفضل الحقيقي في كل قصة، المؤلف أم الرسام؟

ينتهي فيلم “ستان لي” بوفاة المبدع عام 2018، بعد خطاب ملهم للغاية ألقاه على مجموعة من الطلبة المتخرجين يخبرهم عن أهمية اتباع أحلامهم طالما يرون أنها جيدة، وهي الرسالة التي يوجهها الفيلم بالتبعية لكل المشاهدين الذين تابعوا عن كثب قصة صعود أسطورة القصص المصورة.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post قالت المصادر إن الكوكايين الذي تم العثور عليه في البيت الأبيض كان في موقع مختلف عما تم الإبلاغ عنه سابقًا
Next post نجم البرازيل وحسناء أميركا أول المنضمين إلى “ثريدز”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading