تهانينا لك إذا كنت مشجعا لمانشستر سيتي، أو إذا ما كنت متعاطفا مع الرجل الذي طالما استعصت عليه الكأس ذات الأذنين منذ مغادرته برشلونة قبل 11 عاما، فقد تمكَّن بيب غوارديولا أخيرا من الفوز بدوري الأبطال وجلب الكأس إلى ملعب الاتحاد بعد الفوز على إنترميلان، الذي أحرج البطل وربما كان الطرف الأقرب لخطف البطولة.
وقع الكثيرون في فخ توقع مباراة سهلة للسيتي ضد إنتر بعد تأهل الطرفين للنهائي، ربما لأن الفريق الإيطالي أقل نجاحا وبريقا من بطل إنجلترا في السنوات الأخيرة، لكن صدِّق أو لا تُصدِّق؛ ربما إنتر تحديدا هو الخصم الذي لم يرد غوارديولا مواجهته وخاصة في النهائي. (1)
سنخبرك بالسبب؛ أولا، كون إنتر فريقا إيطاليا هو سبب كافٍ لعدم رغبة غوارديولا في مواجهته، لأن التقاليد في إيطاليا تحرم الإسباني من نوع المواجهات التي يُفضِّلها، تلك التي خاضها ضد بايرن ومدريد حيث واجه فيها فرقا تتقدم للفوز، وهو ما يُعَدُّ “إلحادا” في إيطاليا، إذ تُعَدُّ 0-0 نتيجة إيجابية للطليان في مباريات خروج المغلوب كما ذكر بيب نفسه في المؤتمر الصحفي قبل المباراة. (2)
ثانيا، من وجهة نظر تكتيكية، يلعب إنتر بقيادة سيموني إنزاغي بنظام 3-5-2 الذي يعرف غوارديولا جيدا أنه يُعطل أساليبه في اختراق المساحات خلف الأظهرة تلقائيا، تكفي الإشارة إلى أن آخر مباراتين واجه بهما مان سيتي منافسا يلعب بالرسم ذاته خسر بنتيجة 0-1 ضد برنتفورد، وتعادل 1-1 مع إيفرتون، وقد لا نختلف في مدى قوة إنتر مقارنة بأيٍّ منهما، فقد تأكدنا من ذلك جميعا في النهائي. (3)
حبكة الفيلسوف
دخل إنتر المباراة بالرسم المعتاد 3-5-2، ولم يفاجئنا إنزاغي بجديد حتى مع البدء بدجيكو إلى جانب لاوتارو بدلا من روميلو لوكاكو، بينما اطمئن الجميع باستمرار بيب على التشكيل نفسه الذي خاض به الأدوار اللاحقة من البطولة في الشهر الأخير؛ 3-2-4-1، لكن في الملعب كان هناك تغيير واضح مُفصل للإنتر، وإلا فإنه لن يكون غوارديولا!
— Peak x2 (@STactics3) June 11, 2023
لأن إنتر يلعب في الخط الأمامي بمهاجميْن فإن بيب اكتفى برودري فقط للاستلام خلفهما، على أن يصعد ستونز خطوات للأمام ويتمركز للخارج قليلا، حتى يتمكن من استقبال التمريرات خلف لاعبي وسط الإنتر، بينما يترك غوندوغان موقعه المعتاد في القناة اليسرى للعمق للعب خلف إرلنغ هالاند وبالقرب من كيفن دي بروين.
كان الهدف من وراء ذلك هو خلق زيادة عددية بأربعة لاعبين في وسط الملعب على ثلاثي وسط إنتر، ليصبح هناك دائما لاعب حر، وبمجرد استلام رودري، تتاح له 3 خيارات للتمرير؛ ستونز/دي بروين بالخارج إلى جانب مساري التمرير لهالاند وغوندوغان خلف ثلاثي وسط إنتر.
Pep aimed for 4v3 in the midfield pic.twitter.com/hSNcteyoac
— Peak x2 (@STactics3) June 11, 2023
كانت هناك مشكلة بسيطة أحبطت تلك الفكرة، وهي أن إنزاغي منع رودري من الاستلام نتيجة قراره برقابة لاعبي السيتي رجلا لرجل وخاصة في منطقة الكرة، وهنا تناوب هاكان وبروزوفيتش على رقابة رودري أثناء محاولة السيتي بناء اللعب في الثلث الأول أو الثاني، وبالنظر إلى مجريات المباراة، بدا أن بيب كان مستعدا لذلك، لأن فريقه ذهب حينها للمسار الآخر، وهو استغلال المساحات على الأطراف التي يسمح بها تلقائيا هيكل 5-3-2 لإنتر.
بسبب استخدام السيتي لثلاثي خلفي في عملية البناء، يصعد باريلا مع دجيكو ولاوتارو لمكافئة العدد في الخط الأول للضغط على قلب دفاع سيتي الأيسر ناثان أكي، رودري مُحاصر في العمق من بروزوفيتش ودجيكو، لذلك يخرج دي بروين من العمق إلى الطرف ليس فقط لمساندة أكي، ولكن لسحب المدافع الأيمن لإنتر -دارميان- بعيدا عن موقعه، وتفريغ مساحة للاختراق في الخط الخلفي.
وهنا يأتي دور هالاند للهروب من الرقابة للمساحة الخالية واستقبال تمريرة دي بروين، أو بالانتظار لإجبار أتشربي على رقابته ومنعه من الترحيل لتغطية الفراغات التي خلَّفها تقدُّم دارميان، وهنا يقوم غريليش بمهاجمتها، لكن لسوء التمريرة أو الاستقبال، لم يتمكن سيتي من إكمال الفكرة بنجاح.
الفكرة نفسها كانت تتم من الجانب الآخر مع تغيير في الديناميكية، حيث يهبط جناح السيتي برناردو سيلفا للخلف للاستلام من زميله أكانجي فيطارده ديماركو، وفي تلك الأثناء يهاجم جون ستونز المساحة خلف ديماركو، لا بهدف الحصول على الكرة، ولكن لسحب المدافع الأيسر لإنتر باستوني، لتفريغ مساحة يهاجمها غوندوغان بدوره، بينما يقوم هالاند بتثبيت أتشيربي مجددا كي لا يتمكن من الخروج للألماني.
يحاول رودري الاقتراب للمساندة وتوفير خيار تمرير يسمح بتغيير اتجاه اللعب، لكن وفقا للتعليمات، لاوتارو يغلق عليه زاوية التمرير، ومع اقتراب هاكان منه، يقرر بيرناردو التمرير في المساحة الفارغة لغوندوغان، لكن الألماني أخطأ في التمرير لزميله النرويجي خلفه، وكان أتشيربي بالمرصاد.
بالنظر إلى المعطيات، بدا أن سيتي امتلك الأفكار لكن جودة التنفيذ كانت عائقا أمام نجاحها، لكن الجدير بالذكر أيضا أن الطريقة التي يدافع بها إنتر صعَّبت الأمور على لاعبي السيتي وأجبرتهم على نوعية تمريرات صعبة ووضعيات استقبال معقدة، لذلك كان لدى بيب فكرة أخرى!
كانت الفكرة الأخرى مرتكزة على استغلال عجز إنتر عن تأمين عرض الملعب كليا في المناطق العُليا (Upper midfield) سواء بالثنائي الهجومي أو ثلاثي الوسط، بسبب اللعب بـ5 لاعبين في الخط الخلفي، فيكون من الصعب على فريق سيموني إنزاغي تغطية عرض الملعب إلا إذا تخلى عن أحد المهاجمين ليُصبح الرسم 5-4-1، وهو ما لا يقوم به إنتر.
في الوقت ذاته لا يستطيع بيب لعب الكرات القُطرية مباشرة من جانب إلى آخر للأجنحة على الخطوط أمام فريق يدافع بخماسي دفاعي، لذلك كانت الفكرة بتغيير الملعب تدريجيا، ليس للأجنحة على الأطراف ولكن في المساحات الداخلية خلف لاعبي وسط إنتر، وكان ذلك تحديدا سببا لصعود جون ستونز خطوات للأمام وعدم اللعب على الخط نفسه مع رودري أمام المدافعين.
مع قرار إنزاغي بالضغط على لاعبي السيتي برجل لرجل، كان جون ستونز هو اللاعب الحر من طرف السيتي، بسبب موقعه المحير، بعيدا عن لاعبي وسط إنتر وكذلك بعيدا عن مدافعي الفريق، لكن حتى وصول الكرة الطويلة له من إيدرسون، تمكَّن باستوني الرجل الحر الآخر من طرف إنتر من ترك الخط والخروج للضغط ومنعه من الاستلام، وكان ذلك حل إنزاغي للموقف باستخدام أحد المدافعين، وخاصة باستوني المميز في الضغط للتغطية خلف ثلاثي الوسط وكأنه رابعهم، ومع ذلك فإن بيب قد تدخل مرة أخرى.
سواء كان الفريق في الثلث الأول أو الثاني، يهبط لاعبو الوسط الهجوميون لسيتي للاستلام في المساحة الخالية على الأطراف، وفي تلك الأثناء، لا يحاول هالاند الاقتراب من منطقة الكرة لكنه يبتعد عمدا بدلا من ذلك، حيث يحاول التمركز في مساحة المدافع الأبعد باستوني، كي يجبره على العودة والانشغال به عوضا عن جون ستونز.
بمجرد وصول الكرة لغوندوغان يضغط عليه باريلا، لا يبدو كيفن دي بروين هنا مهتما بالاستلام فعلا، إذ يتحرك خلف باريلا كما لو كان يختبئ، وذلك لأنه يقوم بسحب بروزوفيتش معه بعيدا عن العُمق، حتى يضع هاكان في معضلة؛ إما الترحيل خلف بروزوفيتش لإغلاق عمق الملعب وبذلك يستطيع رودري الاستلام بأريحية، وإما الضغط على رودري وتفريغ عمق الملعب لجون ستونز الذي يراقب المشهد من الجانب الآخر.
أجبر غوندوغان هاكان على الخيار الثاني بمجرد تمريره لرودري، وهنا اندفع التركي للضغط عليه، فمرر الإسباني من لمسة واحدة لناثان أكي -“الرجل الحر” في تلك الوضعية- الذي يمكنه بسهولة الوصول إلى “الرجل الثالث” جون ستونز، لكن تردد الهولندي أفسد الأمر برُمته بعدما اختار الرجوع للخلف وإعادة تدوير الكرة. خلال الشوط الأول لم ينجح الأمر، إما بسبب تدخلات باستوني وإما بسبب سوء لاعبي السيتي في استغلال المواقف، وهو ما جعل بيب غاضبا على الخط طوال الشوط الأول لأن فريقه لم يكن فعالا أثناء الحيازة مثلما كان في الضغط.
Pep getting mad at the line for not applying the game plan pic.twitter.com/ivBDEhfdpg
— Peak x2 (@STactics3) June 11, 2023
في الشوط الثاني تغير الوضع، حيث كان السيتي أفضل في تدوير الكرة وإجبار إنتر على التراجع، بل واستغلال المساحات خلف لاعبي وسط الفريق الإيطالي، وهو ما أسفر عن أخطر فرصتين للفريق وكان هدف المباراة الوحيد تتويجا لإحداهما.
مع تقدم السيتي، تراجع إنتر في الشوط الثاني للدفاع المتأخر لكن بالأدوار نفسها التي كانت فعالة في الشوط الأول، لكن سيتي قرر الاندفاع أكثر من خلال وضع لاعب الوسط المهاجم بالأمام وفي العمق، بينما يهبط غريليش للاستلام من أكي، أثناء نزول غوندوغان للمساندة ساحبا دارميان معه، وبسبب تثبيت هالاند لأتشيربي وباستوني، استطاع فودين القطع من خلف بروزوفيتش وطلب الكرة في المساحة التي تركها دارميان، وعلى عكس مجُريات الشوط الأول، تمكَّن غريليش تلك المرة من إيصال الكرة.
قام فودين بتمهيد الكرة لغوندوغان، وبعد تبادل التمريرات استطاعوا الحفاظ عليها، لكن تمكن إنتر من إغلاق المساحات حول منطقة الكرة، ومع مطاردة فودين أُجبِر على التراجع، لكن المشكلة هنا أن خط وسط الفريق سُحِبَ كليا إلى منطقة الكرة بعدما حمّل السيتي لاعبيه بكثافة على ذلك الجانب (6 لاعبين حول الكرة) بينما لا يزال ستونز متمركزا في المساحة الداخلية على الجانب الآخر منتظرا تغيير اتجاه اللعب.
تراجع لاوتارو للمساندة الدفاعية أعطى كذلك الكثير من الحرية لأكانجي للتقدم، ومع استلامه للأمام والتقدم، وفّر السويسري بدهاء الوقت المستقطع للتمرير لستونز الذي ربما كان ليُمكِّن ديماركو من استغلاله الصعود للضغط، وبذلك بات على ستونز إفساح المجال لزميله فتحرك للخارج، ومع تكاسل هاكان عن الخروج لمقابلة أكانجي، خرج باستوني للضغط على السويسري وترك برناردو سيلفا، واستطاع البرتغالي الاستلام بأريحية في ظهر المدافعين وإرسال العرضية التي أسفرت عن الهدف.
تلك الفكرة أنتجت كذلك فرصة فودين التي تصدى لها أونانا؛ أُجبِر لاعبو وسط إنتر على الترحيل لجهة ومن ثم تغيير اتجاه اللعب في المساحة الشاغرة خلفهم. تلك المرة لم يصعد هاكان للضغط على رودري وفضَّل البقاء ومن ثم الترحيل لستونز وقت لعب الكرة، لكن وجود فودين خلف هالاند منح رودري خيار تمرير إضافي للاختراق والبقية تعرفونها.
تحسَّن لاعبو السيتي هجوميا في النصف الأول من الشوط الثاني، واستطاعوا في النهاية تفعيل أفكار مدربهم واستغلال مشكلات الإنتر والتقدم في النتيجة، لكن رغم جودة الحبكة التي قدمها الفيلسوف، فإن الفريق قبلها وبعدها احتاج إلى ما هو أكثر من ذلك للفوز!
الحظ العاثر
يمكننا الحديث الآن عن الكيفية التي هاجم بها إنتر مستغلا كذلك مزايا نظامه الخططي 5-3-2 الذي يتحول أثناء الهجوم إلى 4-3-3 أو حتى 3-4-3 بناء على وضعية الخصم. أمام السيتي، استخدم إنزاغي الرسم الأول في سعيه لتخطي الضغط.
عند بناء اللعب، أراد إنزاغي من الظهير الأيمن دمفريز التقدم للخط الأخير، بينما يوفر دارميان الاتساع ويتحرك للخارج ليكون على الخط، لعب إنزاغي برباعي في الخط الأول على أن يتمركزوا على ارتفاعات منخفضة لسحب لاعبي السيتي الذين يضغطون برسم 4-2: هالاند يحاول غلق مسار التمرير على هاكان، بينما يراقب كيفن دي بروين بروزوفيتش، ويقف غريليش في منتصف المسافة بين كلٍّ من دارميان وباريلا، يقوم برناردو بالضغط من الخارج للداخل وتحديد اتجاه اللعب.
من خلال التمركزات الخارجية لكلٍّ من هاكان وباريلا تتضح نية إنزاغي في تمديد المسافة بين محوري السيتي رودري وغوندوغان كي لا يتمكنوا من تغطية العمق، ومع سحب غوندوغان لأعلى بواسطة باريلا، يمكن لأتشيربي الآن التمرير للاعبي الخط الأمامي.
بمجرد وصول الكرة إلى دمفريز يقترب دجيكو من العمق للمساندة مستغلا التغطية المتأخرة من رودري، ليستلم بأريحية ويضع جسده حائلا بين لاعبي السيتي والكرة منتظرا الدعم من لاعبي الوسط الذين وصلوا سريعا بمجرد نزول الكرة الطولية قبل لاعبي السيتي، ليمرر دجيكو وينجح الفريق في إيجاد الرجل الحر “هاكان” خلف رودري.
لكن اتجاه استلام التركي منعه من اللعب للاوتارو أو ديماركو المنطلق على الرواق، كما أن تأخره في التمرير سمح لأكانجي باعتراض تمريرته في ظهر المدافعين إلى دمفريز. عموما، لم يكن إنتر أفضل حالا من السيتي أثناء الحيازة بالشوط الأول، لكن بالمثل، تحسن الفريق في الشوط الثاني، خاصة بعد تأخره في النتيجة واضطراره للتقدم.
بعد تقدمه في النتيجة تراجع سيتي للدفاع بكتلة متوسطة، لكن إنتر استمر في النهج ذاته، من خلال الكرات الطولية لمهاجميه الذين يجيدون احتواءها بدورهم والحفاظ على الكرة في انتظار زملائهم، وهو ما تفنن فيه لاوتارو في تلك اللعبة، حيث استلم تمريرة أتشيربي تحت ضغط أكانجي ثم مرر لديماركو ثم توجه للمنطقة في انتظار العرضية إلى جوار لوكاكو وباريلا وهاكان، حيث يهاجم الفريق دائما بأعداد كبيرة في العرضيات، بينما يقترب لاعبو الخط الخلفي إلى حدود المنطقة للدفاع الوقائي أو للفوز بالكرة الثانية.
بمجرد إرسال العرضية من بروزوفيتش، قام الظهير -ديماركو في تلك الوضعية- بتقليل الاتساع ودخول المنطقة في ظهر لاعبي الفريق الخصم، الأمر الذي جعله في مكان مثالي لالتقاط الكرة الثانية التي فاز بها زميله دمفريز، سدد ديماركو مرتين لكن تكفلت العارضة بالتصدي للأولى، بينما تصدى لوكاكو للثانية في مشهد سريالي.
استمر تراجع سيتي، واستمر إنتر بالمبادئ ذاتها؛ أعداد كبيرة داخل المنطقة، اقتراب اللاعبين البعيدين عن منطقة الكرة حول منطقة الجزاء لمحاصرة المنطقة، بينما يقوم الظهير من الجهة العكسية بتقليل الاتساع والتمركز خلف المدافع الأخير.
لم تجد عرضية غوسينس سوى أقدام بيلانوفا بفضل تمركزه على حدود المنطقة رفقة بروزوفيتش وباريلا، وبمجرد اصطياده للكرة، قام غوسينس بالدخول للعمق، لتلقي تمريرة بروزوفيتش في ظهر بيرناردو سيلفا، ليمررها بحرفية شديدة للوكاكو الذي يسدد، لكن يشاء القدر أن ترتطم الكرة في قدم إيدرسون قبل أن ترتطم بوجه روبين دياش على بُعد خطوة من المرمى لتخرج خارج الملعب.
لم يتمكّن إنتر في النهاية من إدراك التعادل، رغم الفرص المحققة التي صنعها الفريق لنفسه إلى جانب تلك التي أهداها له لاعبو السيتي في وقت مبكر من عمر المباراة، وفي المقابل فاز السيتي بنصف مُعدل الأهداف المتوقعة لخصمه في مباراة درامية، وحقيقة أن الفريق استقبل أخطر فرص اللقاء بعد دقيقة من تسجيله هدف التقدم يجعلنا نراجع الكثير من الآراء السطحية المُعلبة، المبنية كليا على النتيجة في تجاهل تام لكل ما سواها، لأن تسجيل تلك الفرصة كان كفيلا بقتل السيتي معنويا وربما خسارة اللقب وانقلاب الآراء للنقيض! (4)
Pep “It was written in the stars this season. We were solid in the box” #Pep #ReInventingTheGame pic.twitter.com/MFn5iY02Y3
— The Pep (@GuardiolaTweets) June 10, 2023
فاز بيب أخيرا رغم عدم استحقاقه، وخسر إنزاغي رغم كفاية ما قدمه. فوز الأول لا يجعله محصنا؛ في الواقع، لقد صرح بأن ذلك الفوز ربما كان مكتوبا في السماء على أي حال كناية عن دور الحظ، كما أن خسارة الثاني لا تجعله نكرة ولن تنسف عظيم ما قدمه. لن يزيد دوري الأبطال بيب غوارديولا شيئا، لأن ما قدمه طيلة 15 عاما فوق مستوى التشكيك. ما يجعلنا ننتظر تسديدة، وتمريرة، وتصديا لإطلاق أحكام نهائية هو وقوعنا في حماقة الخلط بين مفهوم الفوز والرغبة في الفوز. (5)
في هذه الحياة، هناك مساحة من الفوز تقع خارج أيدينا تماما. هناك العديد من العوامل الخارجة عن سيطرتنا وتؤثر على النتائج النهائية، والحياة بها قدر لا بأس به من العشوائية، وكرة القدم باعتبارها جزءا من الحياة ليست استثناء، معرفة ذلك يساعدنا على تمييز الفرق بين ما هو تحت سيطرتنا، ما نستطيع حقا تنميته وتطويره، وبين ما ليس لنا به طائل.
قُبلة الرضا بالفضة في عام 2021
وقبلة الرضا بالذهب في عام 2023Pep ? pic.twitter.com/RuNgqCp0S7
— Abokr Omar (@Abokr10) June 10, 2023
تساعدنا هذه المعرفة أيضا على التمييز بين الفوز، وبين الرغبة في الفوز، لأنهما شيئان مختلفان تماما؛ الرغبة في الفوز تعني أنك ستفعل كل الممكن من أجل تحقيق هدفك، وفي كرة القدم هو تسجيل أهداف أكثر من خصمك. الرغبة في الفوز منظور يساعدنا على تقييم العملية وليس النتيجة، والجميل في الأمر أنه يعزز تنافسيتنا ويحمينا من خسارة احترامنا لأنفسنا، لأننا في كل مرة نسقط بها، نكون أكثر جوعا للتحسن والمحاولة مرة أخرى.
المصادر
1- السيتي يواجه الإنتر في نهائي دوري الأبطال
2- مؤتمر بيب غوارديولا التقديمي للنهائي
3- جدول مباريات سيتي لموسم 2022-2023
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.