تصرّ الولايات المتحدة على ضرورة بقاء مقاتلات “إف-16” (F-16) التي سترسل إلى كييف داخل الأراضي الأوكرانية، لكن أين يمكن لكييف وضعها حتى لا تدمرها القوات الروسية؟
في تقرير له نشرته صحيفة “فزغلياد” الروسية، ينقل أندريه ريزشيكوف عن الخبراء أن البنية التحتية الأوكرانية جاهزة لاستقبال المقاتلات وأن أوكرانيا تستطيع تأمين خدمات صيانة هذه المعدات رغم تكلفتها الباهظة.
وأكّد وزير القوات الجوية الأميركية فرانك كيندال أن مقاتلات إف-16 التي سيتم تسليمها إلى كييف ستبقى في أوكرانيا.
من جهته، قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف إن واشنطن شددت موقفها استعدادًا لإرسال طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إلى نظام كييف.
ويعتقد الخبراء أن مسألة نقل مقاتلات إف-16 إلى أوكرانيا حُلت بالفعل وبقيت فقط مسألة توضيح موعد الاستلام والخصائص الكمية.
وحيال هذا الشأن، يقول الطيار العسكري اللواء فلاديمير بوبوف “أعتقد أن أوكرانيا تمتلك بنية تحتية وقواعد جوية ومطارات تخول لها استقبال عدد صغير من هذه المقاتلات، فالمدارج مناسبة من حيث الطول والعرض وقوة الخرسانة ومحطات الوقود”.
ويضيف بوبوف أن “المشكلة تكمن في مسائل تقنية متعلقة بالبنية التحتية، مثل نظام كابلات الطاقة الكهربائية الضرورية للمقاتلات. بالنسبة للتكنولوجيا الغربية، من المهم توفير الكهرباء وإعادة التزود بالوقود والغازات، بما في ذلك النيتروجين والأكسجين وفي بعض الحالات الهيدروجين”.
ويتابع بوبوف “في الوقت نفسه، لا أعتقد أن أوكرانيا جاهزة لاستقبال العشرات من هذه الطائرات. ففي ظروف القصف المستمر والهجمات الدورية التي تتعرض لها، لا يمكن لها أن تكون مستعدة. تقصف روسيا المطارات بمعدل مرة أو مرتين في الشهر، وفي الأشهر الأخيرة نفّذت غارات مكثفة”.
ويوضّح بوبوف أن الهجمات الروسية استهدفت -في المقام الأول- مدارج ومستودعات الوقود ومواد التشحيم ومواقع تخزين وإصلاح وتوزيع الطائرات وأنظمة الصواريخ والقنابل والأسلحة. ووفقًا له، يتعين على الأميركيين تسليم معدات مختلفة إلى أوكرانيا وصنع محولات وأجهزة تقنية أخرى.
من جانبه، لا يرى الخبير والمؤرخ العسكري يوري كنوتوف عائقا أمام تجهيز البنية التحتية لاستقبال وتشغيل مقاتلات إف-16 القادرة على الإقلاع والهبوط على جزء من الطرق السريعة.
ويتابع كنوتوف “لا أشك في إمكانية نشر الطائرات في المطارات الحالية واستخدام الطرق العامة كممرات والمراكز السكانية كمواقع للصيانة، لا سيما أن هذه الإستراتيجية استخدمت من قبل في مصر وأثبتت فعاليتها”.
وأورد الكاتب أن مقاتلات إف-16 استُخدمت في عديد من المناسبات في تدريبات مشتركة في أوكرانيا، وقامت بدوريات في السماء خلال بطولة أوروبا لكرة القدم عام 2012، وهبطت في المطارات المحلية. ووفقا لكنوتوف يمكن لأوكرانيا نشر مقاتلتين أو 3 مقاتلات في مطار واحد، وهو ما يضمن عدم اكتشافها وتدميرها في قواعدها.
وحسب كنوتوف “تكمن المشكلة الرئيسية في تجنيد العدد المناسب من الفنيين والميكانيكيين الذين سيخدمون هذه الطائرات”، مضيفا أن أوكرانيا تفتقر إلى المتخصصين المؤهلين لإعداد مقاتلات إف-16 للطيران.
ومن أجل حماية المقاتلات الغربية من الهجمات الروسية المحتملة، يمكن استخدام ما يعرف بـ”الكابوني” (مواقف تحت المباني)، فضلا عن الملاجئ الخرسانية المسلحة الموجودة في البلاد منذ الحقبة السوفياتية.
لكن يستبعد كنوتوف إمكانية وضع أوكرانيا المقاتلات الأميركية داخل الكابوني، لكونه سهل الاختراق، مضيفا “في الوقت الراهن، تخترق صواريخ كروز وغيرها من أسلحة التدمير الأخرى أي كابوني. ولكن إذا كان الموقع مستودعا أو ورشة عمل، سيكون اكتشافه أكثر صعوبة”.
وقيّم بوبوف احتمال نقل المقاتلات الأميركية المسلّمة إلى كييف ووضعها في المطارات في بولندا أو رومانيا أو سلوفاكيا، قائلا “إن هذه الطائرات في مرحلة الإقلاع تكون محملة بخزانات وقود وصواريخ معلقة أو أسلحة قنابل، وهو ما يجعلها هدفا سهلا. في فترة التهديد، ستضطر المقاتلات إلى إسقاط هذه الخزانات من أجل المناورة والابتعاد عن الهجمات الصاروخية التي تشنها أنظمة الدفاع الجوي الروسية والطائرات المقاتلة”.
وحسب بوبوف، فإن أوكرانيا ستتسلم أولى مقاتلات إف-16 بحلول الخريف أو نهاية العام في أحسن الأحوال، مرجحا نشر أولى المقاتلات في المطارات التشغيلية للبلدان المجاورة لأوكرانيا، ولا سيما في الجزء الشرقي من بولندا ورومانيا.
وأفاد الكاتب بأن تدريب الأطر الفنية على استخدام مقاتلات إف-16 سيستغرق شهورًا أو سنوات وذلك حسب مستوى التدريب. في الوقت نفسه، تتطلب ساعة واحدة من طيران إف-16 صيانة لمدة 16 ساعة. كما تحتاج المقاتلات إلى إصلاح وتهيئة البنية التحتية للمطار بالكامل على الأقل في تلك التي تتمركز فيها طائرات إف-16.
وفي ختام التقرير، أشار الكاتب إلى أن العمل على إنشاء هذه البنية التحتية في أوكرانيا قد بدأ بالفعل أو سيبدأ في المستقبل القريب، وخلافا لذلك لن تحدث إف-16 فرقا في الصراع، بالإضافة إلى أن اكتشاف هذه البنى التحتية وتدميرها يعتبران من المهام الرئيسية للقوات المسلحة الروسية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.