عوائق وتحديات تضاعف معاناة الصحافيات السوريات في مناطق سيطرة المعارضة | مرأة


شمالي سوريا – بعد أكثر من عقد على اندلاع الحرب في سوريا، لا تزال الصحافيات يواجهن تحديات ومعوقات اجتماعية تحول دون ممارسة عملهن الإعلامي بسلاسة، بدءا من التمييز على أساس الجنس، وليس نهاية برفض شرائح من المجتمع المحلي عمل المرأة في هذا المجال.

وعلى الرغم من استفادة السوريات من هامش الحرية في مناطق سيطرة المعارضة السورية -لاسيما في شمالي غربي البلاد- لجهة الإعلام المفتوح غير الموجه من جانب سلطة النظام، فإن المحاذير والعقبات الاجتماعية لا تزال تجعل من الصعب على الصحافيات السوريات العمل في التغطية الإعلامية دون قيود.

وتكافح الصحافيات السوريات في مناطق سيطرة المعارضة لإثبات أنفسهن، في ظل شبه احتكار ذكوري لـ”مهنة المتاعب” في الشمال السوري، في وقتٍ اشتكت فيه صحافيات من تعرّضهن للوم شرائح من المجتمع على اختيارهن هذه المهنة “التي لا تناسب النساء”، وفق منتقدين.

وتتمثل مصاعب العمل في منع الاقتراب والتصوير من مواقع القصف والعمليات العسكرية، بالإضافة إلى رفض التصريح لهن.

أوضاع مأساوية لأطفال مخيمات الشمال السوري يفاقمها تدني مستوى الرعاية الصحية
إعلاميات سوريات اشتكين من عدم تقبّل المجتمع عملهن في مجال الصحافة (الجزيرة)

صعوبات تواجه الصحافيات المستقلات

الإعلامية السورية حلا إبراهيم بدأت عملها في العام 2014 بهدف توثيق الانتهاكات التي تعرّض لها الشعب السوري، إلا أنها ترى أنها وزميلاتها “فاقدات لحقّنا في سهولة الوصول إلى المعلومة”، لافتة إلى أن العاملات في الإعلام المستقل يواجهن إجراءات روتينية صعبة للوصول إلى المعلومة والخبر.

حلا تقول إن المجتمع المحلي لا ينظر إلى الصحافية والعاملة في الحقل الإعلامي كصاحبة رسالة، بقدر ما يهتم بمظهرها العام وطريقة لباسها وخروجها في الشارع، معتبرةً أن الصحافيات لا يمتلكن مساحة كافية من الحرية.

وبحسب الإعلامية السورية، فإنه يُحظر على الصحافيات والإعلاميات المستقلات تغطية الحوادث الميدانية المتعلقة بالمعارك والقصف والعمليات الحربية، بالإضافة إلى منع تصوير تدريبات المؤسسات والتشكيلات العسكرية والأمنية أو الاقتراب منها.

وتؤكد حلا إبراهيم أنها لم تُمنَح حتى اللحظة بطاقة مهنية لكونها مستقلة ولا تتبع جهة إعلامية محلية أو وكالة صحافية، مما يضطرها إلى الحصول على تصريح لأي تصوير أو تغطية إعلامية تقوم بها شمالي غربي سوريا.

سوريا - إدلب - تواجه المرأة العاملة بالإعلام في الشمال السوري صعوبة في الوصول إلى المعلومة وتحفظ البعض على عملها
عاملات بالمجال الإعلامي بسوريا قلن إنهن يواجهن صعوبة في الوصول للمعلومة وسط تحفظ البعض على عملهن (الجزيرة)

احتكار الرجال “مهنة المتاعب”

ومع تجارب الإعلام المسموع في مناطق سيطرة المعارضة شمالي غربي سوريا، كان لدى الإعلامية لارا زعتور تجربة خاصة في قراءة الأخبار الميدانية العاجلة عبر أثير إذاعة “راديو فريش” المحلية، على الرغم من تحفّظ واستنكار بعض الأهالي.

وتروي الصحافية لارا كيف استفادت من دورات عدة في تحرير الأخبار وقراءتها وطريقة التعامل مع الميكروفون، لتعمل في إذاعة الأخبار المحلية العاجلة، قبل أن تواجه بالنقد والرفض من بعض الفئات الرافضة لعمل المرأة في الراديو.

وتقول لارا زعتور للجزيرة نت إن هؤلاء رفضوا عملها في مجال الأخبار عبر الإذاعة بحجّة أن العمل في الإعلام يخص الرجال فقط، وأنها تأخذ فرص غيرها في هذا المجال، ويجب ألا تعمل فيه وتتركه للذكور.

وحول الصعوبات التي واجهتها، تشير الصحافية السورية إلى أنها مُنعت من تصوير إحدى التغطيات الميدانية وهُدّدَت بمصادرة كاميراتها، لكونها لم تكن تمتلك في ذلك الوقت بطاقة صحافية أو إذنا للتصوير.

وتقول لارا إن شريحة من المجتمع تفتقر إلى فهم دور الإعلام المحلي في تغطية أحداث الشارع والأخبار وأهمية نقل الواقع السوري إلى العالم، مشيرة إلى أن بعضهم يطلب المال من أجل الظهور في التقارير الصحافية والتغطيات الإعلامية.

استمرار النزوح من إدلب يفاقم معاناة مخيمات الشمال السوري
الإعلاميات السوريات يقلن إنهن قادرات على الوصول لمشكلات المواطنات اللواتي لا يتحدثن عن هواجسهن إلا لنساء مثلهن (رويترز)

معاناة المرأة الصحافية

لكن المصورة الصحافية رنا ملحم تجد أن المواقف التي يتعرّض لها الصحافيون والصحافيات في شمالي غربي سوريا بشأن منع العمل تتعلق بمواقف فردية، ولا تمثل السلطات المحلية في المنطقة، داعية إلى تأمين مزيد من الحريات للعاملين في الإعلام.

وتطالب رنا ملحم بأن تعامل الصحافيات السوريات في مناطق سيطرة المعارضة أسوة بزميلاتهن الأجانب اللواتي دخلن المنطقة خلال السنوات السابقة، وقمن بتغطية الجبهات والعمليات العسكرية فيها.

وترى رنا أن الصحافية السورية قادرة على الوصول إلى مشكلات المواطنات اللواتي ليس بإمكانهن التعبير عن أنفسهن والحديث عن هواجسهن إلا لنساء مثلهن من الإعلاميات، الأمر الذي يساعد على تسليط الضوء على معاناة المرأة السورية خلال الحرب.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post 10.5 % زيادة فى قيمة صادرات مصر من الملابس الجاهزة إلى أمريكا عام 2022
Next post “وما نحن إلا جنازة مؤجلة”.. شاب أردني تنبأ بوفاته قبلها بأيام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading