إسطنبول- وجدت شركة “بايكار” (Baykar) المصنعة للمسيّرات التركية ذات الصيت الذائع نفسها في قلب الحملات الانتخابية للأحزاب التركية المتنافسة، إذ دخل رئيسها العام خلوق بيرقدار في سجال طويل مع المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري.
وحتى العام الماضي، كانت شركة بايكار للصناعات الدفاعية والتكنولوجية تحظى بتقدير معظم الأحزاب السياسية، ومن بينها أحزاب المعارضة، من دون أن تسلم من بعض الانتقادات النادرة.
وتمكنت بايكار من إنتاج أول طائرة مسيّرة تركية، مما جعل البلاد تستغني عن الطائرات المسيّرة الإسرائيلية، كما تقدم الشركة عديدا من المعدات العسكرية ذات التقنيات المتقدمة، وهو ما جعلها محط إعجاب كثيرين، وتحوّل دورها في تطور الصناعات الدفاعية المحلية إلى ما يشبه الخط الأحمر بالنسبة لعديد من السياسيين.
المعارضة بين داعم ومنتقد
ورغم ذلك، فإن الشركة تلقت انتقادات من بعض نواب حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، وكذلك من رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو -المنتمي للحزب نفسه- الذي قال إن الحكومة أغدقت موارد الدولة على شركة بايكار من دون مقابل، مما أدى إلى رفع الشركة دعاوى قضائية على من أطلقوا ضدها هذه الاتهامات.
وفي خطوة مفاجئة، قام رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو بزيارة جناح شركة بايكار في معرض “تكنوفيست” (Teknofest) الذي أقيم في ولاية سامسون شمال شرقي تركيا أغسطس/آب العام الماضي، مما أثار دهشة المدير التقني للشركة سلجوق بيرقدار، الذي أكد أن الزيارة أسعدتهم، لكنه ألمح إلى أنها غير كافية، وأن كليجدار أوغلو وقف صامتا أمام “الافتراءات” التي تتعرض لها الشركة من بعض قيادات حزبه.
واعتبارا من بداية العام الجاري، ومع اقتراب موعد الانتخابات التي توصف بالحاسمة، عادت الانتقادات الموجهة للشركة إلى جدول أعمال بعض أطراف المعارضة، إذ جدد رئيس حزب “الديمقراطية والتقدم” (المعارض) علي باباجان اتهام الشركة بتلقي موارد طائلة من الحكومة، منتقدًا عدم المساواة في دعم شركات قطاع التصنيع الدفاعي.
واعتبر باباجان أن “بايكار ليست شيئًا مقدسًا لا يمكن المساس به، وبالطبع ستطالها انتقاداتنا”، في حين رفضت الشركة تلك الاتهامات في بيان، وأكدت أنها لم تتلق أي حزمة دعم من صناديق الحكومة، وأن معظم إيراداتها تأتي من صادراتها الخارجية.
لكن المرشحين الرئاسيين، رئيس “حزب البلد” المعارض محرم إنجه ومرشح “تحالف الأجداد” القومي المعارض سنان أوغان، عبّرا عن دعمها الصناعات الدفاعية الوطنية وشركة بايكار تحديدًا.
وأكد إنجه دعمه لمشروع الطائرات المسيرة التركية، قائلا إنه على النقيض من الأحزاب المعارضة الأخرى يدعم “الأشياء الصحيحة ما دامت صحيحة، ولا يهتم إذا ما كان الأمر له صلة بصهر أردوغان أم لا”.
من جهته، عبر أوغان عن تعهده بدعم شركة بايكار ومديرها التقني سلجوق بيرقدار بالاسم، وقال إنه يقوم بعمل مهم، وفي حين اعتبر أن هذا العمل يعاني من ثغرات، أكد أنه سيعمل على سدها.
Milyondan fazla gencin yarıştığı, dünyanın en iyisi Milli Teknoloji Projelerinin sergilendiği TEKNOFEST’e ev sahipliği yapan Atatürk Havalimanı’nı ABD’li bir şirkete verme fikri…
Halen “en iyisini” Türklerin değil de ABD şirketlerinin yapabileceğini zannetmek…
Nuri Demirağ’ın… pic.twitter.com/0UL1EAMaDA
— Haluk Bayraktar (@haluk) April 27, 2023
مطار أتاتورك يشعل سجالا
وفي وقت شهدت فيه أرض مطار أتاتورك في مدينة إسطنبول انعقاد مهرجان تكنولوجيا الفضاء والطيران (تكنوفيست 2023)، أعلن كمال كليجدار أوغلو تعهده في حال فوزه بالانتخابات بتحويل المطار إلى مركز لأعمال الطيران والفضاء بالتعاون مع مالكي شركة “سييرا نيفادا” (Sierra Nevada) التي يملكها زوجان من أصل تركي يتعاونان مع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” (NASA)، ما فتح الباب أمام سجال هو الأبرز بين زعيم المعارضة والرئيس التنفيذي لشركة “بايكار” خلوق بيرقدار.
وسارع بيرقدار -في تغريدة على تويتر- إلى انتقاد تصريحات كليجدار أوغلو، مستهجنا “فكرة منح مطار أتاتورك لشركة أميركية والاعتقاد بأن الشركات الأميركية -وليس الأتراك- لا يزال بإمكانها تقديم الأفضل”، وأضاف “لم تتغير العقلية التي دفعت طائرات نوري ديميراغ”.
يذكر أن ديميراغ هو أحد رواد صناعة الطيران التركية، إذ أسس في بدايات القرن الماضي مصنعا للطائرات في إسطنبول ونجح في إنتاج أول طائرة محلية، إلا أن مصنعه أغلق عام 1948 في إطار التزام تركيا بـ”خطة مارشال” و”مبدأ ترومان”، إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أغلقت تركيا أبواب مصانع الطائرات وتوقفت جميع الخطط المتعلقة بها.
كشفت شركة “بايكار” التركية النقاب عن صاروخ? كروز ذكي صغير يحمل اسم “بيرقدار كمانكش” وذلك على هامش مهرجان “#تكنوفيست” لتكنولوجيا الطيران والفضاء. pic.twitter.com/GZkSV9CRnX
— Anadolu العربية (@aa_arabic) April 27, 2023
اتهامات متبادلة
وفي حين رد كليجدار أوغلو بتغريدة على بيرقدار، داعيا إياه إلى عدم “تسييس” المسألة، معبرا عن تقديره له ولعائلته، أكد له أن “هناك متسعًا لجميع رواد الأعمال الأتراك الناجحين في المستقبل” وأن “الفضاء يتسع بما يكفي لكم جميعًا”.
ولم يتوقف سجال التغريدات عند هذا الحد، فقد عقب خلوق بيرقدار قائلا إن كليجدار أوغلو سكت عن الاتهامات الموجهة من قيادات حزبه لشركة بايكار، وذكّر بأن الأمر ذاته حصل في حياة والده مؤسس الشركة أوزدمير بيرقدار، مما يلقي بشكوك حول نوايا زعيم المعارضة، بينما رد كليجدار أوغلو -في لقاء متلفز- بأن على الأخير أن يتصل به في حال تلقي اتهامات مماثلة، كما انتقد ما اعتبره رغبة سلجوق بالتفرد في صناعة المسيرات.
كيف تطورت شركة بايكار؟
وتأسست شركة “بايكار تكنولوجي” عام 1984 تحت اسم “بايكار ماكينا” من قبل أوزدمير بيرقدار بهدف المساهمة في صناعة السيارات من خلال تصنيع أجزاء المحرك محليًا، حيث كان أوزدمير مختصًا بمحركات الاحتراق الداخلي.
ومع مشاركة الجيل الثاني من عائلة بيرقدار، بدأت الشركة بالعمل على تطوير أول مسيرة تركية باسم “بيرقدار ميني” لصالح القوات الجوية، بعد أعمال بحث مشتركة مع الجيش التركي في جنوب شرقي الأناضول بين عامي 2005 و2009.
وعام 2014، تم تدشين الطائرة المسيرة المسلحة “بيرقدار تي بي2” (Bayraktar TB2)، وعام 2021، تم تدشين الطائرة المسيرة المسلحة الأكبر “بيرقدار أكنجي” (Bayraktar Akıncı).
وتجري الشركة حاليًا أعمال تطوير المسيرة المسلحة الأضخم “بيرقدار قِزِل إلما” (Bayraktar Kızılelma) التي سجلت تجربة تحليق ناجحة هي الأولى لها قبل أيام.
وكشفت الشركة ضمن فعاليات مهرجان تكنوفست إسطنبول 2023 عن نموذج صاروخها الأول الذي يحمل اسم “بيرقدار كيمانكش” (Bayraktar KEMANKEŞ)، وهو صاروخ كروز ذكي صغير تم تطويره لاستخدامه ضد الأهداف الإستراتيجية بحسب الشركة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.