كان الكويكب ريوغو قد لفت الانتباه إليه منذ إطلاق المهمة التابعة لوكالة الفضاء اليابانية “هايابوسا 2” في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول من عام 2014، ثم بعد حوالي 4 سنوات في 2018 التقت المهمة بمسار الكويكب.
كشف فريق دولي من الباحثين عن وجود أجزاء غبارية طفيفة في المكونات السطحية للكويكب “162173 ريوغو” ذات عمر أقدم من عمر النظام الشمسي نفسه، مما يرجح أن نظامنا الشمسي حوى في جنباته أجزاء من أنظمة نجمية غابرة.
وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية “ساينس أدفانسز” (Science Advances) بتاريخ 14 يوليو/ تموز الجاري، فإن صور المجهر الإلكتروني لشظايا صغيرة جدا من مادة الكويكب قد أظهرت مواد امتزج في تركيبها عناصر مثل الأكسجين والمغنيسيوم والسيليكون والحديد والكبريت بنسب غير معهودة، وبشكل خاص حبيبات السيليكات التي يشير هيكلها أنها قادمة من خارج النظام الشمسي.
وهذا مفهوم بالطبع، فقد افترض العلماء في وقت سابق أن مكونات النظام الشمسي حوت أجزاء من انفجار نجمي حصل لنجم آخر قبل نشأة الشمس نفسها، ويفسر ذلك وجود معادن مثل الذهب على كوكب الأرض، حيث لا يمكن أن تكون الشمس أو سحابتها السحيقة مصدرا للذهب، لأنه ينتج فقط من أحداث عنيفة مثل انفجار النجوم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض العناصر المكتشفة في عينات ريوغو Ryugu لم تكن منتمية إلى بقية تركيب الكويكب أصلا، وبحسب تصريح صحفي لعالمة الكيمياء الفلكية آن نغوين المشاركة في الدراسة، فإنها كانت عبارة عن أجزاء من مذنب تشكل في المناطق الخارجية للنظام الشمسي حيث كانت الظروف باردة وجافة، ثم تحطم وترك أنقاضا شكلت ريوغو في وقت ما.
مهمة مستحيلة
وكان الكويكب ريوغو قد لفت الانتباه إليه منذ إطلاق المهمة التابعة لوكالة الفضاء اليابانية “هايابوسا 2” (Hayabusa2) في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول من عام 2014، ثم بعد حوالي 4 سنوات في 2018 التقت المهمة بمسار الكويكب.
وخلال عام ونصف من تلك النقطة، قامت المركبة بدراسة سطح ريوغو لمدة عام ونصف، ثم هبطت عليه للحظات قصيرة أخذت خلالها عينات من مادة سطحه، وأعادت العينات للأرض في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول من عام 2020.
وقد استهدفت المهمة منذ انطلاقها فهم أصول المجموعة الشمسية عبر دراسة كويكب عمره حوالي 4.5 مليارات سنة، وكذلك التحقيق في الأسئلة المتعلقة بأصل مياه الأرض والمصدر الأصلي للمادة العضوية التي تشكل الحياة.
ومنذ فبراير/ شباط 2023 أظهرت النتائج الأولية لدراسة عينات ريوغو المعادة للأرض أن الكويكب يحتوي على مجموعة غنية من الجزيئات العضوية، التي تعد اللبنات الأساسية لجميع الأشكال المعروفة للحياة الأرضية.
بانتظار أوزيريس
وبحسب الدراسة التي نشرها الباحثون آنذاك في دورية “ساينس” (Science)، فقد حوت العينات عدة أنواع من الأحماض الأمينية (المكون الرئيس لبناء البروتينات) إلى جانب مركبات أخرى مثل الأمينات الأليفاتية والأحماض الكربوكسيلية والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات وغيرها.
وفي أثناء ذلك كله، ينتظر الباحثون في هذا النطاق عودة المهمة “أوزيريس ريكس” OSIRIS-Rex التابعة لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) إلى الأرض في 24 سبتمبر/ أيلول 2023، وهي أول مهمة تهدف لجمع عينة من كويكب في تاريخ الوكالة، وثاني مهمة في التاريخ بعد هايابوسا 2 اليابانية.
وتحمل المهمة الأميركية عينات حصلت عليها من كويكب “بينو” (Bennu)، يعتقد أنها تجيب عن أسئلة إضافية تتعلق بنشأة الحياة على كوكب الأرض، وتحسن فهمنا للكويكبات التي يمكن أن تؤثر على الأرض.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.