تونس – اعتبرت زينب براهمي عضو هيئة الدفاع عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، أن هناك “كيلا بمكيالين” في مسار محاكمة الغنوسي، الذي تم توقيفه يوم 17 أبريل/نيسان الماضي “بسبب تصريحات أعيد تركيبها وفبركتها”.
وأكدت براهمي، في حوار مع الجزيرة نت، أن قاضي التحقيق “تثبت من وجود فيديو مفبرك بعد العودة لتصريحات الغنوشي في فيديو أصلي” خلال مسامرة رمضانية لجبهة الخلاص المعارضة، متسائلة “لماذا تم توقيفه في ملفات مفبركة، بينما لم تحرك النيابة العمومية ساكنا في شكايات تقدم بها الغنوشي بصفته شاكيا ومتضررا؟”.
وأوضحت عضو هيئة الدفاع عن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أن حالته الصحية مستقرة الآن بعد أن كانت متردية في الأيام الأولى لتوقيفه، لافتة إلى أن الاتهامات الموجهة للغنوشي تتمحور حول التآمر على أمن الدولة، وهناك قضية أخرى تتعلق بما سمي بالتسفير (نحو بؤر القتال).
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
-
يقيم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في السجن منذ أكثر من 40 يوما، ما حالته الصحية؟ وهل يحصل على رعاية كافية داخل السجن؟
حالته الآن مستقرة بعد أن كانت في الأيام الأولى للتوقيف يوم 17 أبريل/نيسان الماضي متردية جدا حتى قبل عرضه على قاضي التحقيق، مما أجبرهم على نقله للمستشفى لتلقي العلاج، وهذا مدون في محاضر الأبحاث، أما الرعاية الصحية، فهو يتحصل على الرعاية المتوفرة داخل المؤسسة السجنية (سجن المرناقية) مثل باقي المساجين.
-
كم عدد القضايا المثارة ضده؟
9 قضايا إلى حد الساعة.
-
كم دامت جلسات التحقيق معه؟
تقريبا دامت 120 ساعة منذ توقيفه، ولم تزد عن ذلك باعتبار أن راشد الغنوشي قرر رفض المثول أمام أي جهة قضائية أو أمنية، وبالتالي توقّف تعداد الساعات.
-
ما أبرز الاتهامات الموجهة له؟
كلها اتهامات تتمحور حول التآمر على أمن الدولة، وهناك قضية أخرى تتعلق بما سمي بالتسفير (نحو بؤر القتال)، وهناك ملف حكم ضده فيه بسنة سجنًا بسبب استخدامه كلمة طاغوت خلال تأبينه أحد قادة حركة النهضة.
-
هل هناك رابط مشترك بين هذه القضايا؟
الرابط المشترك هو أن كل تلك القضايا إما مثارة من خصوم سياسيين لحركة النهضة، وإما من جهات نقابية أمنية.
-
يوم 17 أبريل/نيسان الماضي تم إيقاف الغنوشي إثر تصريحات اعتبرت تحريضية، ما حيثيات هذه القضية؟
لم تكن هناك أي تصريحات تحريضية مطلقا، في البداية أصدرت النيابة العمومية تعليمات شفوية لتتبع راشد الغنوشي حول تصريحات أدلى بها خلال مسامرة رمضانية لجبهة الخلاص المعارضة، ثم بعد توقيفه تمّ منعنا كهيئة الدفاع من الحضور جلسة الاستماع إلى راشد الغنوشي بينما رفض هو الجواب دون محاميه.
في مرحلة ثانية تم اشتراط وجود محام واحد معه، وقد اعتبرنا أن ذلك فيه مس بحق الدفاع وحق المُنوّب، في الأخير وبعد تمسكنا بالحضور أمام قاضي التحقيق تبيّن لنا أن الشكاية الموجهة إليه مزورة ومحض افتراء باعتبار أن التصريح المنسوب إلى الغنوشي هو تصريح مركب وفيه اجتزاء كلمات وتركيب أخرى.
-
هل لك أن تذكّرينا بالتصريح الأصلي لراشد الغنوشي خلال تلك المسامرة؟
في التصريح الأصلي، دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى الوحدة الوطنية وعدم إقصاء أي عائلة سياسية في البلاد التونسية سواء كانت من الإسلام السياسي أو القوميين أو اليسار، كما دعا لعدم إقصاء المجتمع المدني من المشاركة في الحياة السياسية، وإيجاد حل للوضع السياسي والاقتصادي الذي تمر به البلاد.
وقال راشد الغنوشي إن من يدعو لإقصاء أي جهة سياسية هو في الأصل يدعو إلى فتنة في البلاد وإلى حرب أهلية، وهو لم يدعو إلى الحرب الأهلية وإنما حذر من أن مآلات الإقصاء سيئة، وهذا شاهدناه في تجارب دول أخرى، وهذا منطقي، وهو تحليل سياسي لأن المنطق والأصل هو أن يشترك كل أبناء الوطن في إيجاد حلول لوطنهم.
-
أين تقع بالتحديد الفبركة حسب قولكم؟
الفبركة تقع في حذف بعض الكلمات وإعادة ترتيبها من الفيديو الأصلي للمسامرة التي نظمتها جبهة الخلاص المعارضة وحضرها الغنوشي، حيث أصبح المعنى المفبرك وكأن أن راشد الغنوشي يدعو إلى الحرب الأهلية.
-
هل طلبتم من حاكم التحقيق إعادة النظر في الفيديو الأصلي؟
لقد تمسكنا بحقنا في أن يتم عرض التسجيل الأصلي والحقيقي، لأن راشد الغنوشي أحيل حسب ما صرح به وليس من أجل ما يريدون أن يصرح به، وهو يتحمل مسؤولية أفعاله وأقواله، ولا يتحمل مسؤولية الفبركة والتزوير.
-
إذن، كيف تجاوب حاكم التحقيق مع مطلبكم؟
أمضينا الكثير من الوقت ونحن نجادل في هذه النقطة (حوالي ساعة ونصف الساعة) مع حاكم التحقيق من أجل تمكيننا من عرض الفيديو الأصلي الذي يحوي تصريح راشد الغنوشي، ثم عرض علينا قاضي التحقيق الفيديو الأصلي، وتبين له التدليس، ولكن للأسف الشديد رغم ثبوت أن راشد الغنوشي لم يدعو إلى الفتنة أو التحريض من أجل العنف، فإن القرار كان الإيداع بالسجن، وقد طالبنا كهيئة الدفاع تدوين وجود فيديو أصلي وفيديو مركب في محضر الأبحاث، وتم تدوين ذلك.
-
مؤخرا حكم على الغنوشي بالسجن لمدة سنة بتهمة تمجيد “الإرهاب” والتحريض على قوات الأمن فيما سميت بقضية الطاغوت، ما تفاصيل هذه القضية؟
من روّج لهذه القضية الملفقة يسميها قضية الطاغوت، لكن نحن كهيئة دفاع نسمّيها قضية التأبين لأن الغنوشي لم يحرض على قوات الأمن، وكل ما في الأمر أنه كان يشيد بمناقب أحد مناضلي حركة النهضة (فرحات العبار) ويذكّر بخصاله ونضاله زمن الاستبداد قبل الثورة ودفاعه عن الحرية، واستخدم كلمة طاغوت.
وقد عرضنا أمام قاضي التحقيق فيديوهات سابقة للغنوشي يؤكد فيها احترامه للجهات الأمينة والجيش الوطني، ويعتبرهم حماة للوطن والمواطنين، وأنه رئيس للبرلمان وحضر ذلك التأبين تحت حماية القوات الأمنية، ومن غير المنطقي أن يقوم بما فسره وأوّله زورا صاحب الشكاية، وهو نقابي أمني بأن تأبينه فيه تحريض على الأمن.
-
هل طعنتم في ذلك الحكم؟
نحن نتمسك بحقوقنا القانونية، وسنعلن عن ذلك في حينه.
-
تم التحقيق مع الغنوشي في السابق مرات عدة، وأفرج عنه بعد كل تحقيق وعندها قال إن لديه ثقة في القضاء. فماذا تغير الآن؟
ما تغير هو أن يتوجه الأمن إلى منزل الرجل لتوقيفه وتفتيشه بتلك الطريقة كما لو أنه ارتكب جريمة في حالة تلبس، لقد كانت كل الإجراءات ضده استثنائية تقريبا، ثم وقع توقيفه والتشدد في منع المحامين من الحضور معه أمام قاضي التحقيق في مرحلة أولى، ثم اشتراط محام واحد في مرحلة ثانية، كل ذلك كان يدل على أن المسار لم يكن عاديا.
ثم بعد مثوله أمام قاضي التحقيق وبحضور المحامين معه، كان لنا أمل كبير في أن يبقيه قاضي التحقيق بحالة سراح بعد الاطلاع على الملف وتبينه وجود فيديو مفبرك، لكن ما أحزننا هو أنه بعد تأكدنا من ثبوت تزوير للفيديو أن قاضي التحقيق أمر بإيداعه السجن، ثم بعد 3 أو 4 أيام تم نقله للبحث أمام فرقة أمنية أخرى لسماعه في فيديو لا وجود له.
ورغم ذلك، تم استنطاقه وسماعه لفترات طويلة، ثم بعد ذلك تم إصدار بطاقة إيداع بالسجن جديدة في ما تعرف بقضية “إنستارلينغو” دون حضور الغنوشي أو هيئة الدفاع، وبالتالي كانت هذه كلها مؤشرات تدل على أن الغنوشي لا يحظى بمحاكمة عادلة، وبالتالي قرر رفض المثول أمام أي جهة قضائية أو أمنية.
-
خلال مؤتمر صحفي عقدته هيئة الدفاع قيل إن الغنوشي قد يواجه المؤبد. ما الداعي الذي يجعلكم تعتقدون بأن حكما قاسيا كهذا قد يسلط عليه؟
ليس نحن من يعتقد ذلك، هذه نصوص المجلة الجزائية، حيث تصل جرائم التآمر على أمن الدولة إلى عقوبات تبلغ الإعدام.
-
ماذا لو تم تنزيل عقوبات سجنية قاسية في حقه؟ ما الخيارات التي تملكها الحركة؟ وكيف سيكون رد فعلها؟
حركة النهضة لا تملك إلا الخيار القانوني، نحن حزب مرخص له من قبل الدولة، وننشط في إطار القانون، وهو حزب يعترف بقوانين الدولة التونسية، وهو حزب ساهم في سن عديد التشريعات التونسية، ومن بين القوانين التي صوتت لفائدتها كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي ثم في البرلمان سنة 2014 وبرلمان 2019، القوانين المناهضة للإرهاب والمدافعة على البلاد التونسية، إذن حركة النهضة ستلتزم بالقوانين، وسندافع عن حقوقها وحقوق مناضليها طبق القانون وطبقا لما توفره لنا المحاكم التونسية من حقوق.
-
هل تعتقدون أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد يدخل في إضراب عن الطعام؟
الأستاذ راشد الغنوشي رجل مناضل وهو قامة علمية وفلسفية وسياسية وهو يحافظ بحقوقه القانونية كلها لدفاعه عن حقه وإثبات براءته.
-
رفض الغنوشي الحضور في جلسات الاستماع، هل سيتراجع عن ذلك في الجلسات القادمة؟
قرار مقاطعة جلسات التحقيق هو قرار محض إرادة راشد الغنوشي، ونحن كهيئة دفاع نحترم قراره وسنتفاعل مع كل قرار يتخذه، وهو بطبيعة الحال له حرية المراجعة أو الإبقاء على هذا القرار، وبالنسبة إلى راشد الغنوشي فكل الأحكام هي أحكام سياسية.
-
هل تعتقدون أن هناك إمكانية للتأثير على القضاء في محاكمة الغنوشي؟
ربما هنا سأطرح سؤالا، ما معنى أن يحال الغنوشي من أجل تصريح وقع فبركته ويتم تتبعه ثم الاحتفاظ به بعد ساعات قليلة، في وقت سبق له فيه أن قدم عشرات الشكايات بصفته شاكيا ومتضررا لكن النيابة العمومية لم تحرك ساكنا؟
الاستنتاج هو أن هناك كيلا بالمكيالين، فما معنى أن يحاسب الرجل من أجل أفعال ثبت أنها غير موجودة، في حين لم يقع تحريك أي شكاية رفعتها حركة النهضة أو راشد الغنوشي؟
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.