بيروت- يعاني الشخص المصاب بـ”متلازمة المحتال” بأعراض تشمل القلق، والخوف والإحباط، إضافة إلى شكّه الدائم في نفسه وتقليل احترام الذات، وتزداد حدة المتلازمة عند النساء عن طريق شعورهن بعدم الاستحقاق وبأن نجاحهن كان نتيجة وسائل أخرى كالحظ أو المساعدة من الآخرين.
ويؤثّر الشعور بهذه المتلازمة في المرأة، فتعتقد أنها لا تستحق الفرص المتاحة لها، فتعطّل نفسها في السلم الوظيفي عبر الابتعاد عن دائرة الضوء أو الامتناع عن التطوع في المشاريع العالية المخاطر وعدم الاعتراف بإنجازاتها في العمل. وأحيانا عندما لا تتحقق الأهداف يتحول الأمر إلى الشك الذاتي وانعدام الثقة بالنفس وعدم القدرة على اتخاذ القرارات.
لماذا ترتبط “متلازمة المحتال” بالنساء؟
ارتبطت هذه المتلازمة منذ البداية بشكل كبير بالنساء، حسبما يذكر موقع “مينتال فلوس” (mentalfloss)، ويظهر هذا الاتجاه أيضا في أماكن العمل، مما يوسع الفجوة بين المرأة ونجاحها. فحين تشعر المرأة بأنها مكروهة في محيط عملها، فإن احتمالية إصابتها بهذه المتلازمة تزيد. والنساء لسن الوحيدات اللاتي يصبن بها، فهناك عديد من الرجال أصيبوا أيضا. فالهوس بالنجاح والإنجاز والشهرة والمال كلما تعاظم يتعاظم معه الشعور بهذه المتلازمة.
ومن الأشخاص الذين شعروا بهذا النوع من الشك من الرجال العالم ألبرت أينشتاين والممثل توم هانكس، ومن النساء نجمة التنس الأميركية سيرينا ويليامز، والمغنية جينيفر لوبيز، والممثلة ناتالي بورتمان.
“متلازمة المحتال” تصيب النساء الناجحات
وتقول اختصاصية الطب النفسي كارولين كنعان للجزيرة نت إن “متلازمة المحتال تشجع على الشّك الذاتي. ويركز من يعاني منها على الأخطاء وردود الفعل السلبية والفشل، كما يخاف من تجربة شيء جديد. ويرتبط الشعور بأن متلازمة المحتال تلازم النساء أكثر من الرجال بسبب الضغوط الاجتماعية الأكبر التي تواجهها المرأة خلال مسيرتها العلمية والعملية، والتي تتطلب منها المكافحة للوصول إلى مراكز عليا، والحصول على وظائف تحظى بتقدير مهني واجتماعي جيدين”.
وتعاني 75% من النساء في المناصب القيادية من متلازمة المحتال خلال رحلاتهن المهنية، ويتضخّم هذا الشعور إذا كانت المرأة من عرق أو دين أو خلفية اجتماعية أقل، كما قالت كنعان، مشيرة إلى أن هناك عدة طرق للتغلب على هذا الشعور من أهمها:
- الاعتراف بالمشاعر التي غالبا ما تتشكل بفعل عوامل خارجية وداخلية، خاصة عندما تكون المرأة أسوأ منتقد لنفسها، وتتعامل بقسوة مع نفسها بلا داع، مما يؤثر في تقديرها لذاتها.
- الابتعاد عن التركيز على السلبيات، والعمل على تذكير النفس بأنه يمكن القيام بمختلف المهام، وتعزيز الشعور بالأهمية.
- ضرورة الاعتراف بأن الجميع يرتكب الأخطاء وأن لا أحد كامل، والأهم يبقى في كيفية تقدير الذات وعدم جلد أنفسنا لتعويض نقص موجود فقط في تصوراتنا الخاطئة عن ذواتنا، والتعلم من الأخطاء والمضي قدما.
- إنشاء نظام دعم، سواء في العمل أو في الخارج، لتوفير مساحة آمنة. فمن المهم جدّا وجود مجموعة دعم يمكنها المساعدة خلال اللحظات الصعبة.
وتنهي كنعان حديثها بأن عديدا من الأبحاث أظهرت أن انتشار “متلازمة المحتال” بين النساء ذوات الإنجاز المرتفع، لكنهن في الحقيقة يستحققن كل التقدير لكل النجاحات المحققة بفضل جهودهن وذكائهن، لذلك ما عليهن سوى إنهاء هذا الشعور الكاذب وعدم ظلم أنفسهن بأنهن محتالات في حياتهن.
من الأشخاص الأكثر عرضة لمتلازمة المحتال؟
وجدت فاليري يونغ صاحبة كتاب ” الخواطر السرية للمرأة الناجحة” (The Secret Thoughts of Successful Women)، أنماطا معينة لدى الأشخاص الذين يعانون من متلازمة المحتال، ومن بينها:
- الأشخاص المثاليون: لديهم توقعات عالية للغاية عن أنفسهم ويشعرون دوما بالفشل حتى وإن حققوا 99% من أهدافهم، كما أن أي خطأ صغير يجعلهم يتساءلون عن كفاءتهم.
- الخبراء: هم بحاجة إلى معرفة كل معلومة قبل بدء المشروع والبحث باستمرار عن شهادات أو تدريبات جديدة لتحسين مهاراتهم. وهؤلاء الأفراد لن يتقدموا مثلا للحصول على وظيفة إذا وجدوا أنفسهم أنهم لا يستوفون جميع المعايير، وقد يترددون في التحدث في اجتماعات العمل وطرح أي سؤال لأنهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم غير أكفاء لمجرد أنهم لا يعرفون الجواب.
- الشخص العبقري بالفطرة: عندما يضطر العبقري إلى النضال أو العمل الجاد لتحقيق شيء ما، فإنه يعتقد أن هذا يعني أنه ليس جيدا بما يكفي. فهذا الشخص معتاد على الحصول على المهارات بسهولة، وعندما يضطر إلى بذل جهد أكبر، يخبره دماغه حينها أن هذا دليل على أنه محتال.
- الشخص المنفرد: يعتقد هذا الشخص بأنه يتعين عليه إنجاز المهام بنفسه، ويعتبر أن طلب المساعدة يعني أنه فاشل أو محتال.
- “السوبرمان” أو “السوبر ومن”: يعمل هذا النوع من الأشخاص بجدية أكبر من المحيطين به لإثبات أنه ليس محتالا، فهو يشعر بالحاجة إلى النجاح في جميع جوانب الحياة ويصيبه التوتر عندما لا ينجز شيئا ما.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.