شهادات صحفيين في جنين للجزيرة نت: الهدف قتلنا وشيرين لن تكون الأخيرة | حريات


رام الله – بعد يوم طويل وحافل بالاستهداف والملاحقة، طمأنت الصحفية رنين صوافطة زملاءها قائلة “الحمد لله كُتب لنا عمر جديد”، ورنين أحد عشرات الصحفيين الذين نجوا من استهدافهم بشكل مباشر خلال تغطيتهم اقتحام جنين أمس الأول.

لكن المصور الصحفي حازم ناصر لم تكتب له النجاة هذه المرة، فبينما كان على بعد خطوات من رنين، أصابته رصاصة مباشرة في خاصرته.

هرب ناصر تاركا عتاده الصحفي نحو مركبة الإسعاف والرصاص يمر كالسهام فوق رأسه، وحتى الآن لم يتعاف للحديث عن ظروف إصابته، إذ من المقرر إجراء عملية جراحية له اليوم الأربعاء لاستخراج الرصاصة.

يحدث للجزيرة نت المصور الصحفي جراح خلف، الذي كان يرافق حازم، قائلا “تفاجأنا بإطلاق الرصاص باتجاهنا بشكل مباشر، حاولنا قطع سهل مكشوف ونحن نرتدي الزي الصحفي ونحمل معداتنا، ومع ذلك تم استهدافنا”.

عاد خلف أدراجه بعد إصابة ناصر، ووقتها كان الرصاص ينفرج بين رجليه، حتى اختبأ بين حائط أحد المباني ومركبة كانت متوقفة في المكان، وتابع “إطلاق الرصاص لم يكن تحذيريا، بل مباشرا بقصد القتل”.

قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت أول أمس الاثنين صحفيين فلسطينيين خلال اقتحامها جنين، وأظهرت صور محاصرة قوات الاحتلال صحفيين فلسطينيين كانوا يغطون اقتحام المخيم، كما أظهرت إصابة الصحفي حازم ناصر خلال أداء عمله.

التغطية الأخطر

محمد عتيق مصور حر يعمل في الميدان منذ قرابة 10 سنوات، وغطى خلال السنوات الثلاث الفائتة كل اقتحامات الاحتلال لمخيم جنين ومناطق شمال الضفة، يصف التغطية في ذلك اليوم بأنها “الأخطر”.

وتابع للجزيرة نت “منذ بداية الحدث في جنين، حضرنا للمكان مرتدين لباسنا الصحفي بالكامل، وبعد ملاحظاتنا إطلاق الرصاص بكثافة على الصحفيين، فكرنا في الاحتماء بمركبات الإسعاف والوجود بالقرب منها”.

خلال محاولة عتيق الوصول إلى تجمع مركبات الإسعاف في الجهة المقابلة لوجوده على أطراف المخيم، بدأ قناصة الاحتلال بإطلاق الرصاص باتجاهه بكثافة.

لم يجد عتيق الأمان بالقرب من مركبات الإسعاف، بل على العكس أصبح هو ومن معه من الصحفيين ورجال الإسعاف على مرمى إطلاق الرصاص من قبل القناصة، فطالبهم رجال الإسعاف بالابتعاد عن مركبات الإسعاف، والاحتماء بجدار مبنى جمعية مدنية بالمكان.

يقول “بقينا منبطحين على الأرض وإطلاق الرصاص باتجاهنا مستمر، رغم أن المنطقة بعيدة عن الاشتباكات، حاولنا الخروج بمركبة الإسعاف دون جدوى، عشنا ساعات من رعب حقيقية”.

صورة 1_ عزيزة نوفل- فلسطين – جنين – طاقم TRT عربية خلال تغطيه لأحداث جنين- مواقع تواصل الاجتماعي _
شهر مايو/أيار الماضي شهد ارتفاعا في انتهاكات الاحتلال بحق الحريات الإعلامية حيث بلغت 37 انتهاكا (مواقع التواصل)

لم يقتصر الاستهداف على الصحفيين الموجودين في قلب المخيم، فقد طال آخرين اختاروا التغطية من خارج المخيم مثل الصحفي إبراهيم الرنتيسي، و5 صحفيين آخرين تمركزوا على سطح بناية مقابلة على بعد أكثر من 7 كيلومترات عن الحدث في المخيم.

يقول الرنتيسي للجزيرة نت “كنت مع طاقم التصوير نحضّر لمداخلة على الهواء مباشرة، وبجانب مني طاقم تلفزيون فلسطين وطاقم تلفزيون رؤيا، كنا جميعا مكشوفين لجنود الاحتلال بالكامل، نرتدي اللباس الصحفي الكامل، وخلال ذلك سمعنا صوت إطلاق نار قريب جدا باتجاهنا، تكرر إطلاق النار أكثر من مرة من قبل قناص على البناية المقابلة، إحدى الرصاصات مرت بجانب رأس أحد المصورين، مباشرة أخذنا وضع الانبطاح في الأرض وقدمنا المداخلة على هذه الوضعية”.

وتابع “لسنا ببعيدين عن مكان استشهاد الزميلة شيرين أبو عاقلة قبل عام والذي توقعنا أن يخلق الضغط الدولي الذي تشكل بعدها لردع قوات الاحتلال عن استهداف الصحفيين، وأن تكون وفاتها حماية للصحفيين، ولكن ما نراه هو العكس تماما، والواضح أن شيرين لن تكون الأخيرة”.

ليس جنين وحدها

لم تختلف شهادة الصحفيين في جنين عن شهادات الصحفيين في رام الله خلال تغطيتهم هدم منزل إسلام الفروخ في الثامن من يونيو/حزيران الجاري، وإن اختلف المكان والزمان. مؤمن سمرين مصور قناة فلسطين بوست المحلي كان الضحية الأبرز يومها، حيث أصيب برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط في رأسه، أدت إلى كسر بالجمجمة ونزيف تحت غشاء الدماغ.

يعتبر سمرين، الذي لا يزال يعاني من أعراض الإصابة بعد أسبوعين من العلاج، نفسه محظوظا بأن الرصاصة لم تخترق دماغه.

يقول المصور الصحفي محمد سمرين (عم مؤمن سمرين)، الذي كان مرافقا له خلال إصابته، للجزيرة نت “كنا أكثر من 15 صحفيا على سطح عمارة مقابلة مكشوفين بشكل كامل للجنود ونرتدي الزي الصحفي، ومع ذلك تم استهدافنا”.

ويتابع “خلال انبطحنا على الأرض تحرك مؤمن سمرين محاولا الوقوف، وفورا قام أحد جنود الاحتلال الموجودين على الأرض بإطلاق رصاصة فأصابه في رأسه بشكل مباشر”.

وأكد سمرين أن استهدافهم كان متعمدا، “كنا في المكان لأكثر من 3 ساعات والطائرات قريبة منا، ولا مجال للخطأ أو الاشتباه بأننا لسنا صحفيين”.

محمد سمرين أصيب في الميدان أكثر من مرة، ولا يتم إحصاء معظم هذه الإصابات، لكنها باتت جزءا من عمله الصحفي، حسب قوله.

الأمر ذاته حدث للمصور الصحفي ربيع منير، الذي أصيب برصاصة مطاطية في البطن بعد استهدافه من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة في ذلك اليوم.

الهدف هو القتل

ويقول منير للجزيرة نت إن الاستهداف لم يتوقف طوال التغطية التي استمرت قرابة 6 ساعات متواصلة، وحتى بعد إصابته وعودته بعد أكثر من ساعتين لحمل أدوات التصوير، تم استهدافه بقنابل الغاز والصوت، “الهدف من كل هذا الاستهداف هو قتلنا وإبعادنا عن الميدان نهائيا”.

وبحسب توثيق المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية “مدى”، فإن شهر مايو/أيار الماضي شهد ارتفاعا في عدد الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل ضد الحريات الإعلامية والتي بلغت 37 انتهاكا.

ويتوقع عديد الصحفيين انتهاكات أكبر خلال الشهر الجاري وخاصة مع تصاعد اعتداءات المستوطنين ضدهم أيضا كما جرى أمس الثلاثاء خلال تغطيتهم العملية التي وقعت على طريق نابلس رام الله، حيث كان الاستهداف مزدوجا من جنود الاحتلال والمستوطنين.



Previous post بمجرد أن سُجن خطأً ، عضو في “سنترال بارك فايف” يترشح لمنصب
Next post أحمد عيد مديرا فنيا للافيينا بدورى المحترفين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *