تنطلق غدا الخميس 27 يوليو/ تموز في سانت بطرسبرغ القمة الروسية الأفريقية الثانية، التي تقول الحكومة الروسية إنها ستكون الحدث الأبرز والأكبر في العلاقات الروسية الأفريقية.
وتأمل الحكومة الروسية أن تحقق من خلالها مستوى جديدا من الشراكة مع القارة السمراء من خلال توسيع آفاق التعاون في مجالات شتى، سياسية وأمنية واقتصادية وتكنولوجية.
لكن قمة هذا العام خلافا لسابقتها التي كانت الأولى وانعقدت في سوتشي عام 2019، تنطلق في ظل توترات جيوسياسية بالغة الشدة، ويرجح تحليل نشره موقع “ستراتفور” (Stratfor) أن تطغى عليها الأحداث الأخيرة المتمثلة في انسحاب روسيا الأخير من اتفاقية الحبوب، وأسئلة تتعلق بمستقبل مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، والتعاون العسكري الروسي مع بعض الدول الأفريقية، والمعركة الدبلوماسية المستمرة حول ردود الفعل العالمية على الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورغم التفاوت المتوقع لتعاطي الدول الأفريقية مع القضايا آنفة الذكر، فإن من المرجح أن تهيمن تلك القضايا على مسار علاقات روسيا مع القارة السمراء على المدى القريب، مما سيحد قدرة موسكو على تحقيق نجاحات مؤثرة أو دائمة مع شركائها الأفارقة وفق ستراتفور.
تمثيل رسمي ضعيف
أكد مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف أمس الثلاثاء، أن 27 دولة فقط من الدول الأفريقية الـ 49 المقرر أن تحضر القمة غدا في سانت بطرسبرغ سيتم تمثيلها من قبل رؤسائها أو رؤساء حكوماتها، وباقي الدول سيكون تمثيلها في القمة على مستوى الوزراء أو السفراء.
وهذا التمثيل يعد تراجعا كبيرا في مستوى تمثيل الدول بالقمة مقارنة بالقمة الروسية الأفريقية الأولى التي حضرها 43 من رؤساء الدول والحكومات الأفريقية.
ويشير تقرير ستراتفور إلى أن الضغوط الغربية لإدانة خروج روسيا مؤخرا من صفقة تصدير الحبوب الأوكرانية دفعت العديد من الحكومات الأفريقية إلى إرسال مسؤولين من مستوى أدنى إلى قمة هذا العام، الأمر الذي دفع موسكو لاتهام الولايات المتحدة بالسعي لإفشال القمة.
وفي تصريح أدلى به في 26 يونيو/حزيران الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الموضوعات الرئيسية في جدول أعمال القمة ستشمل قضايا التكنولوجيا، وتطوير الصناعة والبنية التحتية الحيوية في القارة السمراء، ومشاريع رقمية بالدول الأفريقية، وتطوير مشاريع الطاقة والزراعة والتعدين، وضمان الأمن الغذائي، ضمن قضايا أخرى.
مصالح وتوقعات
يبرز تقرير ستراتفور أنه رغم اختلاف السياق الجيوسياسي عما كان عليه في عام 2019، فإن الإستراتيجية الروسية في أفريقيا لم تتغير، وخطوطها العريضة هي استغلال الفراغ الذي تركه الغرب في مجال القوة والتأثير بتكلفة منخفضة.
ولتحقيق ذلك، يقول الموقع الأميركي إن روسيا سعت إلى تأمين صفقات في مجال استخراج المعادن ودعم الحكومات الأفريقية الاستبدادية التي تتعرض لضغوط غربية، من أجل تحقيق التداول السلمي للسلطة والالتزام بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ضمن قضايا أخرى.
ويرجح الموقع أن تعمد روسيا إلى تقديم الحبوب مجانا لشركائها الأفارقة، لكنه يرى أن ذلك لا يكفي لحل مشكلة انعدام الأمن الغذائي في القارة.
وفي ظل المستقبل الضبابي لوجود مجموعة فاغنر في أفريقيا، يتوقع ستراتفور أن روسيا ستسعى خلال القمة لتقديم اتفاقيات تعاون عسكري ومبيعات أسلحة لتعزيز العلاقات مع شركائها الأفارقة.
ويرجح الموقع أن تتمخض القمة الروسية الأفريقية غدا عن الإعلان عن مشاريع واتفاقيات ثنائية جديدة في المجالات التي تركز عليها، لكنه يستبعد أن تقود إلى تقارب أكبر بين الدول الأفريقية وروسيا.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.