رغم سياسة الحكومة تقليص العدد.. لماذا سجلت الهجرة ارتفاعا قياسيا في بريطانيا؟ | سياسة


لندن- حملت الأرقام الرسمية للهجرة في بريطانيا أخبارا غير سعيدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، بعد أن أظهرت ارتفاعا قياسيا في أعداد المهاجرين الذين وصلوا إلى البلاد خلال عام 2022، وهو ما يناقض وعود سوناك الانتخابية بتقليص الأعداد، مما وضع حزب المحافظين في ورطة سياسية بسبب تكرار حكومات الحزب رفع شعار مناهضة الهجرة سنوات عدة.

وبعد طول انتظار وكثير من الجدل؛ ظهرت إحصاءات المكتب الوطني للإحصاء لتكشف عن بلوغ أعداد المهاجرين الذين وصلوا المملكة المتحدة خلال العام الماضي إلى 606 آلاف مهاجر، وهو رقم يناقض تماما سياسة حكومة المحافظين الراغبة في تقليص أعداد المهاجرين.

وهذا الرقم هو الفارق بين أعداد الأشخاص الذين غادروا البلاد وبين الأشخاص الذين وصلوا إليها، وفي عام 2022 وصل 1.2 مليون شخص إلى المملكة المتحدة، وغادرها 557 ألف مهاجر.

وحسب الأرقام نفسها، فإن أعداد المهاجرين ارتفعت بنسبة 24% مقارنة مع عام 2021، الذي سجل وصول 488 ألف مهاجر إلى البلاد.

هذه الأرقام تأتي في سياق الجدل المثار حول خطة الحكومة البريطانية لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، ومنع الطلبة من إلحاق عائلاتهم بهم، وتقييد وصول العمال الموسميين، ووضع نظام النقاط من أجل الحصول على تأشيرة عمل في بريطانيا.

ابحث عن أوكرانيا

بمجرد الحديث عن ارتفاع أعداد المهاجرين القادمين إلى بريطانيا، فإن الأذهان تتجه إلى المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط أو أفغانستان أو أفريقيا، لكن بالتدقيق في الأرقام وجنسيات المهاجرين القادمين إلى المملكة المتحدة، ستتضح الصورة أكثر.

إذ تظهر الأرقام أن أغلبية المهاجرين الذين وصلوا إلى بريطانيا هم من جنسيات غير أوروبية؛ نحو 925 ألف مهاجر، وأن نحو 40% منهم يصلون بتأشيرة الدراسة، ويليهم القادمون من دول أوروبية بنحو 151 ألف مهاجر.

ويشكل الأوكرانيون النسبة الأهم من الأوروبيين الذين وصلوا إلى بريطانيا خلال العام الماضي، وبلغ عددهم 114 ألف شخص منذ بداية الحرب الروسية على أوكرانيا.

كما وصل نحو 52 ألف شخص من هونغ كونغ، وهذا بسبب التأشيرة الخاصة التي أطلقتها الحكومة البريطانية خلال العام الماضي لاستقبال الأشخاص من هونغ كونغ وتسهيل وصولهم إلى البلاد.

نتائج عكسية

ويبدو أن خطة الحكومة البريطانية الرامية إلى تعقيد قوانين الحصول على تأشيرة عمل قد أتت بنتائج عكسية، فرغم إقرار نظام النقاط فقد ارتفع عدد القادمين بتأشيرات عمل إلى بريطانيا، ووصل إلى 235 ألف شخص عام 2022، مقارنة بنحو 137 شخص وصلوا سنة 2021.

وفي عام 2022، وصل 76 ألف طالب لجوء، وهو ما راكم ملفات طلبات اللجوء، وحسب معطيات وزارة الداخلية، فقد وصل عدد الأشخاص الذين ينتظرون البث في ملفاتهم إلى 172 ألف شخص، وذلك بنهاية مارس/آذار 2023، بزيادة نسبتها 57% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وعند تحليله هذه الأرقام، ذكر مرصد الهجرة التابع لجامعة أوكسفورد البريطانية أن أسباب ارتفاع أعداد المهاجرين القادمين من خارج الاتحاد الأوروبي يعود إلى استقبال المهاجرين من أوكرانيا وهونغ كونغ، حيث قدم من كلا البلدين نحو 180 ألف شخص خلال سنة واحدة فقط، إضافة إلى ارتفاع أعداد القادمين عن طريق تأشيرات العمل بسبب النقص الكبير في اليد العاملة، خاصة في القطاع الصحي.

هذا التحليل يفند الكثير من النظريات التي كانت تهاجم طالبي اللجوء بأنهم السبب في أزمة الهجرة في البلاد، وبأن ترحيلهم سيؤدي إلى تراجع أعداد المهاجرين القادمين للمملكة المتحدة.

ويبقى قرار منع الطلبة القادمين للدراسة في بريطانيا من جلب عائلاتهم -إلا لمن هم في مستوى الدكتوراه- قرارا مفاجئا، خاصة أن نحو 40% من القادمين لبريطانيا من خارج الاتحاد الأوروبي هم طلبة، ويبدو أن وزيرة الداخلية تريد خفض هذه النسبة من خلال منع الطلبة من استقدام أسرهم.

ورطة سوناك

منذ وصولهم إلى الحكم سنة 2010 والمحافظون يعدون بأن يخفضوا أعداد المهاجرين إلى نحو 80 ألف مهاجر في السنة، وهو ما لم يتحقق أبدا، ولهذا وجد رئيس الوزراء ريشي سوناك نفسه في ورطة حقيقية خلال جلسة البرلمان بعد الكشف عن أرقام المهاجرين لسنة 2022، خاصة أن وعده الأساسي خلال حملته الانتخابية كان تقليص أعداد المهاجرين.

وعمليا، يحتاج سوناك خلال هذه السنة والسنة التي تليها لأن يخفض أعداد المهاجرين بمعدل 70 ألفا إلى 100 ألف مهاجر سنويا، قبل وصول الانتخابات العامة التي ستجرى نهاية 2024، وهو رقم من الصعب تحقيقه، واعترف رئيس الوزراء بأن الأرقام “مرتفعة جدا ويجب العمل على تخفيضها”.

وواجه سوناك انتقادات من أعضاء حزبه أولا، الذين قالوا إن على الحكومة التعامل بصرامة مع هذا الملف، في حين اتهم حزب العمال حكومة المحافظين بأنها وضعت سياسات كارثية في الهجرة، والتي لم تقلل أعداد المهاجرين فقط، بل أدت إلى زيادتهم، وخصوصا عبر نظام النقاط للحصول على تأشيرة العمل.

غير أن من أكثر التعليقات تأثيرا والتي انتشرت بشكل كبير، كان تعليق رئيس الغرفة البريطانية للتجارة الدولية ول دريشلر الذي قال في تصريحات إذاعية إن “المعطيات تفيد بأن أي شخص يعيش حاليا في بريطانيا هو من أصول مهاجرة، وأن 10 ملايين شخص يعيشون حاليا في بريطانيا ولدوا خارج البلاد”.

وطالب المسؤول البريطاني بالتوقف عن “السردية السيئة المعادية للمهاجرين والهجرة”.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post بعد 40 عاما.. كشف تفاصيل مؤامرة لقتل الملكة إليزابيث
Next post ترتيب مجموعة القاهرة والقناة بالقسم الثانى قبل مواجهات اليوم.. زد متصدرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading