رحل عن عالمنا أمس الاثنين وليام فريدكين مخرج فيلم “طارد الأرواح الشريرة” (The Exorcist) الذي يعد واحدا من أنجح أفلام الرعب في التاريخ، وحظي المخرج الراحل بجوائز عديدة منها أوسكار أفضل مخرج، وخاض مشوارا حافلا بالنجاحات والإنجازات السينمائية الروائية والوثائقية وأفلام الإثارة والجريمة والرعب، كما ارتبط اسمه بشكل وثيق بحركة “هوليود الجديدة” خلال سبعينيات القرن الماضي بوصفه مخرجا ومنتجا وكاتب سيناريو.
بدأ اتجاه وليام فريدكين إلى أفلام الإثارة والرعب وتشكيل لغته السينمائية منذ كان في مرحلة المراهقة، فلقد ولد في شيكاغو عام 1935 لأسرة تعود أصولها لليهود المهاجرين من أوكرانيا.
فرّ أجداده إلى الولايات المتحدة الأميركية هربا من مذبحة استهدفت اليهود عام 1903، وتأثر كثيرا بوالدته التي كانت تعمل ممرضة في غرفة العمليات، وكان يطلق عليها اسم “القديسة”، وكان والده بحارا، وعلى الرغم من حبه الشديد لوالديه، فإنه اعترف في مذكراته بأنه كان يشعر بالازدراء تجاه والده لأنه لم يحقق ذاته.
لم يكن فريدكين طالبا متفوقا، فكان يحصل على درجات تكفي للنجاح، كما لم يسع أيضا لاحتراف كرة السلة التي مارسها صغيرا، لكنه تأثر بالسينما وحرص على الذهاب إليها بشكل مستمر.
يقول في أحد حواراته إنه تأثر بعديد من الأفلام، التي ساعدت في تطور لغته السينمائية مثل “سايكو” (Psycho) للمخرج ألفريد هيتشكوك، وفيلم “المواطن كين” (Citizen Kane) إخراج أورسن ويلز، وفيلم “ديابوليك” (Diabolique) للمخرج هنري جورج كلوزوت.
اتجه وليام فريدكين بعد إنهاء دراسته الثانوية إلى العمل في البريد، ولكن بعد عامين -وهو في عمر 18 عاما- انتقل للإخراج من خلال المشاركة في أعمال تلفزيونية مباشرة وأفلام وثائقية.
الوثائقي أولا
وظف فريدكين طاقته في تقديم مجموعة من الأفلام الوثائقية التي شكلت بداياته مع مطلع الستينيات، بينها فيلم “الشعب مقابل بول كرامب” (The People vs. Paul Crump) الذي فاز بجائزة في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي لعام 1962.
قدم بعد ذلك فيلمه الوثائقي “كرة القدم بعد ظهر يوم الأحد”، وعام 1965 أخرج إحدى حلقات سلسلة “ساعة ألفريد هيتشكوك ” (The Alfred Hitchcock Hour).
الانتقال إلى هوليود
عام 1965، انتقل وليام فريدكين إلى هوليود، وكانت البداية بفيلم “أوقات جيدة” (Good Times) الذي لم يحقق النجاح، ووصفه في مذكراته بأنه عمل “لا يمكن مشاهدته”.
قدم فريدكين أعمالا عديدة حققت له النجاح في هوليود، منها ” ليلة الهجوم على مينسكي” (The Night They Raided Minsky’s)، و”الرابط الفرنسي” (The French Connection)، وهو الفيلم الذي لفت الأنظار إليه لاعتماد أسلوب تصوير يتسم بجرأة تفوق تلك التي تقدم في هوليود وقتها، وحصل على 5 من جوائز الأوسكار، منها أفضل فيلم وأفضل مخرج، ومن أفلامه أيضا “طواف” (Cruising)، و”حشرة” (Bug)، و”القاتل جو” (Killer Joe)
اعتبر فريدكين -إلى جانب كل من فرانسيس فورد كوبولا وبيتر بوغدانوفيتش- مطلع السبعينيات من المخرجين الرئيسيين في الموجة السينمائية الجديدة “نيو هوليود”، وأعلن الثلاثي عام 1973 تشكيل شركة إنتاج سينمائي مستقلة في باراماونت بيكتشرز، لكن فريدكين تركها لاحقا.
نجاحات وإخفاقات
قدم فريدكين عديدا من الأفلام الناجحة، لكنه ذاق طعم الفشل أيضا، فلم يحقق فيلمه “الساحر” عام 1977 أي نجاح يذكر، رغم أن المخرج اعتبره الأفضل بين أفلامه، وبعدها قدم فيلم الجريمة الكوميدي “عملية سرقة مبنى برينك” (The Brink’s Job) المأخوذ عن قصة واقعية، لكنه لم يحقق أيضا النجاح في شباك التذاكر.
قدم فيلم “طواف” عام 1980 من بطولة آل باتشينو، وهو الفيلم الذي تم الاحتجاج عليه وقت تصويره وبعد عرضه، لقصته التي تدور حول قاتل متسلسل للرجال المثليين جنسيا، ولكن لم يحقق الفيلم نجاحا يذكر، وتعرض بعدها فريديكن لنوبة قلبية مارس/آذار 1981 بسبب خلل جيني في الشريان التاجي الأيسر وأمضى أشهرا في مرحلة التعافي.
وعاد بعدها ليقدم عددا من أفلام الحركة والجريمة التي حققت نجاحات نقدية وعلى مستوى الإيرادات.
وخلال مسيرته التي بدأت في الستينيات واستمرت حتى الألفية الجديدة، حصل على جوائز عديدة، منها جائزة غولدن غلوب لأفضل مخرج عن فيلم “طارد الأرواح الشريرة” الصادر عام 1973، وأوسكار أفضل مخرج وجائزة الغولدن غلوب وجائزة نقابة المخرجين الأميركيين عن فيلم “الرابط الفرنسي”.
رحل وليام فريدكين بسبب قصور القلب والالتهاب الرئوي في منزله في بيل إير بمدينة لوس أنجلوس قبل أسابيع قليلة من عيد ميلاده الـ88.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.