تمثل هوية الممثل رامي يوسف المتشابكة حيزا كبيرا ليس فقط من حياته، بل من فنه كذلك؛ فبفضل كونه أميركيا مسلما من أصول مصرية فقد حصل على أسس اعتمد عليها في أعماله الكوميدية، وعلى رأسها مسلسله الشهير “رامي” (Ramy).
وظهر رامي يوسف مؤخرا في مهرجان “فقط للضحك” بمونتريال الكندية، وتحدث عن هويته الإسلامية في مسلسل “رامي”، وهو العمل التلفزيوني الذي ابتكره وأخرجه وأنتجه وأدى الدور الرئيسي فيه، حيث لعب شخصية تقترب كثيرا من شخصيته الحقيقية، وحملت اسمه كذلك.
رامي في المسلسل شاب مسلم منقسم بين إيمانه وحاجته للاندماج مع المجتمع الأميركي الذي يحمل بين طياته موجة عارمة من معاداة الإسلام والعنصرية ضد العرب. وفاز رامي يوسف بجائزة “غولدن غلوب” عن هذا المسلسل عام 2020، وترشح لجائزتي “إيمي”. ونال المسلسل إعجاب المشاهدين لأصالته واختلافه عن أي عمل آخر حاول تقديم صورة عن حياة الأميركيين من أصل عربي في الولايات المتحدة.
وفي مهرجان مونتريال، تحدث رامي عن نشأته بوصفه ابنا للجيل الأول من عائلة مصرية مهاجرة، ومعاناته الشخصية للوصول لتوازن بين أصول عائلته المسلمة، وحياة الشهرة في هوليود، وإحساسه بعدم الراحة تجاه هذا التناقض بين البيئتين.
اضطراب بسبب مسلسل “رامي”
وعن شعوره خلال تصوير المسلسل، قال رامي “أصبت بالاضطراب الشديد عندما كنا نصور الموسم الأول، خاصة المشهد الذي أظهر فيه وأنا أؤدي الصلاة؛ كنت متشككا، هل يجب أن أقوم بذلك؟ هذا غريب. هذا ما أقوم به في حياتي الخاصة. هل أبيع ذلك لشركة ديزني؟” موضحا مخاوفه تجاه فكرة المتاجرة بدينه لاكتساب المشاهدات.
ومع بدء عرض المسلسل خيّم على رامي يوسف شعور ثقيل بالذنب والعار، خوفا من ردود أفعال أصدقائه في المسجد المحلي، وتخيل اتهامهم إياه بخيانة معتقده الديني نتيجة لشيء ما قدمه بشكل خاطئ في المسلسل، وتخوف من نبذه من المجتمع الذي دأب على الانتماء له وأحبه بالفعل، وقال عن تلك الفترة “أحب الذهاب للمسجد، أحب المجتمع، وأعرف أن الكثير من الناس لن يعجبهم مسلسل رامي، كنت أتساءل: هل يمكنني العودة للمسجد مرة أخرى؟”
زاد هذا الخوف حتى وصل إلى ذروته بعد شهر من عرض المسلسل، وحكى موقفا جرى خلال تواجده بأحد المساجد قائلا “رأيت رجلين كبيرين في السن من أصول عربية، ظلا ينظران إليّ بتمعن، ويشيران إليّ، رأيت غضبهما وطريقة نظرهما إلي؛ كان الأمر كالكابوس، وبعد الصلاة أتوا إلي وكنت لا زالت جالسا، ثم قالوا: هل يمكن أن نأخذ صورة معا، لم أصدق ما حدث”.
نجاح مستمر
بالإضافة إلى مسلسل “رامي”، قدم رامي يوسف مسلسل “مو” (Mo) الصادر عن “نتفليكس” في 2022، الذي حقق نجاحا كبيرا من الناحية النقدية والجماهيرية بمعدل 100% على موقع “روتن توماتوز”، وأنتج موسما ثانيا.
المسلسل يدور حول “مو” الشاب الأميركي من أصل فلسطيني، ويتشابه مع “رامي” في صراعه الشخصي؛ بين جذوره والعالم الذي يعيش فيه، وبالإضافة إلى مناقشة الجانب العقائدي ركز “مو” على الإرث الفلسطيني للبطل وعائلته وطريقته الخاصة في الحفاظ على هويته كفلسطيني.
مسلسل “مو” من إنتاج شركة “إي 24” بالإضافة إلى شركة إنتاج رامي يوسف الخاصة التي أسسها حديثا تحت اسم “كايرو كاو بوي”. وفي الوقت الحالي، يشارك رامي مع النجوم إيما ستون وويليم دافو ومارك روفالو في فيلم المخرج يورغوس لانثيموس “أشياء سيئة” (POOR THINGS) الذي من المفترض أن يعرض في وقت لاحق العام الحالي.
أنهى رامي يوسف اللقاء بالحديث عن نصيحة قديمة لوالده المصري الذي أراد خلال طفولته تثبيط عزيمته عن العمل في مجال الفن، وذلك لأنه سيكون مسؤولا عن إعالة عائلة يوما ما، وأخبره أن يضع شغفه بالكوميديا في مجال الهوايات فقط، وحذره قائلا “يوما ما الحياة الحقيقية ستبدأ”.
الإغلاق الحالي للصناعة نتيجة الإضراب الذي يسعى عبره ممثلو هوليود للحصول على أجر عادل، أعاد تحذيرات والده إلى ذهنه؛ فالآن مع توقف العمل في صناعة الترفيه، قد يتراجع فنه إلى مجال الهواية مرة أخرى، على الأقل حتى نهاية الإضرابات التي شلت الحركة في هوليود، ومنعت الممثلين والكتاب من مزاولة مهنتهم أو الترويج لأعمالهم حتى حصول النقابة على مطالبها.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.