نفتالي بينيت، مليونير ورجل أعمال سابق وسياسي إسرائيلي من اليمين المتشدد، شارك في حكومات ائتلافية وتولى عدة مناصب وزارية وأصبح رئيسا للوزراء، وهو عسكري سابق شارك في حروب الاحتلال في الضفة الغربية ولبنان، اشتُهر بخطابه التحريضي المعادي للفلسطينيين ومعارضته الشديدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وغزة وتبنّي سياسة مؤيدة للاستيطان، أعلن اعتزاله السياسة يوم 29 يونيو/حزيران 2022 واستقال من رئاسة الوزراء وقيادة “حزب يمينا”.
المولد والنشأة
ولد نفتالي جيم بينيت يوم 25 مارس/آذار 1972 في مدينة حيفا بفلسطين، وهو الأصغر بين 3 أبناء لميرنا وجيم بينيت، وهما أميركيان من أصول بولندية ولدا في أميركا وتنقلا بين كاليفورنيا ومونتريال الكندية، ثم هاجرا من سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا إلى إسرائيل عام 1967 بعد شهر من حرب الأيام الستة.
خلال طفولته انتقلت العائلة إلى كندا ثم عادت إلى الولايات المتحدة وفي النهاية استقرت في إسرائيل، كان والداه علمانيين ثم بدآ بإرسال أبنائهما إلى مدارس دينية وأصبح للأسرة توجه أكبر نحو ممارسة الشعائر الدينية.
أما بينيت فقد حمل منذ صغر سنه توجها دينيا متشددا، وكان عضوا في حركة “شباب تهيا”، كما كان قائدا شبابيا في فرع حي الكرمل في حيفا لحركة “بني عكيفا”، وهي حركة شبيبة دينية وضعت تربية جيل مخلص لتوراته ولشعبه ولوطنه شعارا لها وعملت على الظهور بمظهر صهيوني ديني وتشجيع إقامة المستوطنات.
تزوج من جيلات التي تعمل طاهية حلويات عام 1999 وأنجب منها 4 أطفال هم يوني وميشيل وأفيجيل وديفيد، وتعيش العائلة في مدينة رعنانا بوسط دولة الاحتلال.
يتحدث بينيت الإنجليزية بطلاقة، وهو شديد الاهتمام بالإعلام، وعادة ما يظهر في المحطات التلفزيونية الأجنبية ليدافع عن سياسات إسرائيل.
الدراسة والتكوين العلمي
بدأ تعليمه في حضانة “شاباد” التمهيدية بمونتريال، وعندما استقرت الأسرة في إسرائيل التحق بمدرسة “يافني يشيفا” الثانوية في حيفا حيث تلقى تعليما دينيا ودرس الشريعة اليهودية والتلمود.
وفي عام 1996 التحق بالجامعة العبرية في مدينة القدس ونال الشهادة الجامعية في الحقوق عام 1999.
الفكر
يحمل بينيت فكرا يهوديا أرثوذكسيا، وينتمي إلى التيار اليميني المتشدد ويعبّر دوما عن فخره بذلك، ويعتمد خطابا دينيا قوميا متشددا، ويُعرف بالتزامه الديني المعلن وممارسته الشعائر الدينية ويظهر غالبا معتمرا القلنسوة اليهودية.
وفي الوقت نفسه، لا تعنيه كثيرا الأسئلة المتعلقة بمكانة الدين في الدولة، ولا يمتنع عن مصافحة النساء كما عند اليمين المتشدد، ولديه أفكار ليبرالية حول قيم بعينها، خصوصا في ما يتعلق بقضايا المثليين، ولذلك واجه انتقادات لاذعة لنمط الالتزام الديني الذي يمثله، ووصف بأنه “غير متشدد”، كما يرى آخرون أنه صنع لنفسه شخصية تجمع بين 3 عناصر: الحداثة والدين والقومية.
ومن جانب آخر، فقد اشتهر بخطابه العنصري التحريضي المعادي للفلسطينيين، وهو من أشد المعارضين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وغزة، كما يدعو إلى قتل من يسميهم الإرهابيين الفلسطينيين وليس إطلاق سراحهم.
التجربة العملية
بدأ بينيت حياته العملية جنديا في الجيش الإسرائيلي، إذ أدى الخدمة العسكرية لمدة 3 سنوات بصفته مقاتلا في وحدة “سايريت ماتكال” منذ عام 1990 حتى 1993، ثم التحق بوحدة القوات الخاصة “ماجلان” وأصبح قائد فصيل ثم قائد سرية.
وفي عام 1996 ترك العمل بالجيش، واستمر في الخدمة جنديا احتياطيا في “سيريت ماتكال” حتى عام 2013، وتم تسريحه برتبة رائد.
وفي عام 1999 أسس مع شركاء آخرين شركة “سايوتا” في مجال برمجة التكنولوجيا والمتخصصة بحماية المعلومات في الشبكة العنكبوتية، وانتقل إلى نيويورك حيث عمل رئيسا تنفيذيا للشركة وأصبح رجل أعمال وصاحب ثروة تقدّر بالملايين، وفي عام 2005 باع الشركة مقابل 145 مليون دولار.
وخلال عملية الدرع الواقي عام 2002 توقف عن مهامه في الولايات المتحدة رئيسا تنفيذيا لشركته وعاد إلى دولة الاحتلال للانضمام إلى القتال الدائر.
كما شارك عام 2006 في حرب لبنان الثانية، وقاد مجموعة “صائدي الصواريخ” في المنطقة الغربية من جنوب لبنان.
وفي عام 2009 شغل بينيت منصب الرئيس التنفيذي لشركة “سولوتو”، وهي شركة متخصصة في خدمات الحوسبة السحابية، وقد تم بيعها عام 2013 بأكثر من 100 مليون دولار.
التجربة السياسية
أثرت الإخفاقات التي شهدها بينيت خلال حرب لبنان الثانية في حياته وساعدته على إدراك أنه من أجل إحداث تغيير حقيقي يجب أن يصبح أحد واضعي السياسات وصنّاع القرار فاتجه إلى السياسة وأصبح مقربا من زعيم المعارضة آنذاك بنيامين نتنياهو وتولى رئاسة مكتبه عام 2006.
وكان بينيت هو من أدار حملة نتنياهو الأولية لقيادة حزب “الليكود” في أغسطس/آب 2007، والتي فاز بها نتنياهو ومهدت له الطريق لرئاسة الحكومة.
ثم أصبح بينيت رئيس مجلس الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية عام 2010، وأخذ بالدفاع عن مصالح المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ودعم مصادرتهم أراضي الفلسطينيين.
وقد أسس مع أييلت شاكيد (عضوة حزب “البيت اليهودي” اليميني) في العام نفسه حركة “يسرائيل شيلي”، وهي من الحركات اليمينية المتطرفة التي تعمل في محيط المؤسسة الحاكمة والكنيست وتنشط بين شباب الجيش -ولا سيما في الجامعات- وتحث على اللجوء إلى المواقف اليمينية المتشددة.
أصبح بينيت بطلا في عيون المستوطنين اليهود، وكان تبنيه التيار الديني المتطرف ودعم الاستيطان القاعدة التي بنى عليها شعبيته السياسية، فهو يرى أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن حله، ويعارض بشدة “إقامة دولة فلسطينية مستقلة” في الضفة الغربية وغزة، ويؤكد أن “الدولة الفلسطينية لا وجود لها”.
كما يشجع على ضم 60% من الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى السيادة الإسرائيلية، وإلحاق قطاع غزة بمصر، والإبقاء على المدن الفلسطينية الرئيسية في الضفة الغربية تحت حكم ذاتي دائم مرجعيته الأمن الإسرائيلي، ويدعو كذلك إلى سياسة متشددة حيال إيران.
رئاسة حزب “البيت اليهودي”
استقال بينيت من حزب “الليكود” وانضم إلى الحزب اليميني المتطرف “البيت اليهودي”، وأصبح في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 رئيسا للحزب.
وفي الدورة الـ19 لانتخابات الكنيست عام 2013 قاد بينيت “البيت اليهودي”، واستطاع استقطاب أكبر جمهور من مستوطني الضفة وجمهور من التيار الديني الصهيوني، إضافة إلى جمهور علماني من اليمين المتطرف.
نجح بينيت في تعزيز الحضور البرلماني للحزب 4 أضعاف ما كان عليه سابقا بعدما كان يواجه احتمالية خسارة كل مقاعده في البرلمان، واستطاع الحصول على 12 مقعدا من أصل 120، مما جعله خامس أكبر حزب في الهيئة التشريعية، وشغل في تلك الانتخابات لأول مرة مقعدا في الكنيست.
وعلى إثر تلك الانتخابات انضم بينيت إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتشكيل حكومة ائتلافية، وتولى حقيبة الاقتصاد الموسعة، والتي تضم عدة وزارات سابقة، منها العمل والصناعة والتجارة والتخطيط الاقتصادي.
كما عُيّن في نفس العام وزيرا لشؤون القدس والشتات ووزيرا للخدمات الدينية ورئيس المجلس الوزاري المصغر لخفض غلاء المعيشة وعضو المجلس الوزاري لأمن الدولة.
كان بينيت يتمتع بشخصية قوية في الحكومة، وقد قاد الخط اليميني المتشدد واستطاع أن يكون الشخصية التي لا منافس لها في هذا الإطار، واستخدم شعبيته لفرض تركيبة القائمة وفق ما يريد.
بعد انتخابات مارس/آذار 2015 عيّن وزيرا للتربية والتعليم ووزيرا لشؤون القدس والشتات.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015 حصل “البيت اليهودي” على 8 مقاعد بالكنيست، وتولى بينيت حقيبة التعليم في الحكومة التي أعقبت الانتخابات.
الانشقاق عن حزب “البيت اليهودي”
بعد حل الكنيست في ديسمبر/كانون الأول 2018 انشق بينيت مع أييلت شاكيد عن “البيت اليهودي” بسبب التوتر المستمر مع القيادة الحاخامية للحزب، وأنشآ معا حزب “اليمين الجديد”، وهو حزب يميني يهدف إلى جذب جميع اليهود من المتدينين والعلمانيين.
لكن الحزب لم يدم طويلا، إذ فشل في تجاوز نسبة الحسم في انتخابات أبريل/نيسان 2019، ولم يحصل بينيت على مقعد في الكنيست فأصبح خارجه وبعيدا عن السلطة، لكن ذلك الوضع لم يستمر طويلا، حيث لم تنجح الأطراف السياسية في تشكيل حكومة جديدة، وتوجهت البلاد إلى انتخابات جديدة في سبتمبر/أيلول 2019.
تم تشكيل قائمة “يمينا”، أي “إلى اليمين”، وهي قائمة انتخابية ضمت أحزابا دينية يمينية صغيرة، بما في ذلك “البيت اليهودي”، وحصل اليمين المتحد على 7 مقاعد، وتمكن بينيت من تولي منصب وزير الدفاع في العامين 2019 و2020 وأصبح أصغر شخص يتولى هذا المنصب في تاريخ إسرائيل.
بعد انتخابات مارس/آذار 2020 حصل الحزب على 6 مقاعد وانشق عنه 3 من أعضائه، فبقي بينيت وشاكيد ومتان كهانا ممثلين للحزب في الكنيست، ولم ينضم بينيت إلى الحكومة التي شكلها حزب “أزرق أبيض” وحزب “الليكود”، والتي انهارت في مدة تزيد بقليل على عام.
رئاسة الوزراء
على الرغم من نتيجة حزبه الضعيفة في انتخابات مارس/آذار 2021 فإن بينيت فرض نفسه كـ”صانع الملوك” الجديد في إسرائيل ولعب دورا رئيسيا في المباحثات التي دارت لتشكيل ائتلاف حكومي أطاح بنتنياهو بعد سيطرته على الحكومة لمدة 12 عاما كانت هي الأطول في تاريخ دولة الاحتلال.
وقد عُرضت عليه رئاسة الوزراء بالتناوب من قبل كل من نتنياهو وزعيم المعارضة الوسطي يائير لبيد، لكنه انحاز إلى لبيد على الرغم من الاختلافات الأيديولوجية الواسعة بينهما مخلفا وراءه أستاذه وحليفه السابق.
وبعد أن حصل لبيد على تفويض لتشكيل حكومته في مايو/أيار انضم بينيت إلى الائتلاف الذي يضم طيفا واسعا من الأحزاب اليسارية واليمينية.
ووفقا لاتفاقية التحالف، فإن رئاسة الوزراء ستكون بالتناوب بين لبيد وبينيت على مدى 4 سنوات عامين لكل منهما.
وتبعا لذلك نُصِّب بينيت رئيسا لوزراء إسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران 2021، وعدّ أول رئيس وزراء في تاريخ إسرائيل من خلفية اليمين الديني المتشدد وأول مولود لأبوين أميركيين.
وعلى الرغم من تحقيقه بعض النجاحات التشريعية في فترة رئاسته -ولا سيما تمرير الميزانية لأول مرة بعد 3 سنوات- فإن بينيت لم يستطع إدارة سياسات الائتلاف بشكل جيد، مما أدى إلى انشقاقات في التحالف الحاكم، منها انشقاق في حزبه في أبريل/نيسان 2022، فقد انضمت رئيسة جلسة الكنيست وأحد أعضاء حزب “يمينا” عيديت سليمان إلى المعارضة وأعلنت أنها ستنسحب من الائتلاف، وستعمل بدلا من ذلك على تشكيل حكومة يمينية تحافظ على “الهوية اليهودية” في المؤسسات العامة.
وإعلان سليمان يعني أن الحكومة حرمت من الأغلبية في الكنيست، وأنها لن تكون قادرة على تمرير التشريعات إلا بدعم من نواب المعارضة، وهو ما حدث بالفعل، فقد وجدت الحكومة صعوبة في حشد ما يكفي من الأصوات لتجديد قانون الطوارئ المعمول به منذ عام 1967.
وهنا تحرك بينيت لحل الكنيست والدعوة إلى انتخابات مبكرة والتنازل عن منصب رئيس الوزراء يوم 29 يونيو/حزيران 2022، وأعلن أنه لن يخوض الانتخابات المقبلة وأنه يعتزم الابتعاد عن الحياة السياسية وسيبقى في منصب رئيس الوزراء البديل بمجرد أن يحل محله لبيد، كما أنه استقال من حزب “يمينا” معلنا تسليم قيادته لشريكته السياسية منذ فترة طويلة شاكيد.
المسؤوليات والمناصب
تولى بينيت عددا من الوظائف والمناصب المهمة في قطاع التكنولوجيا والجيش والسياسة، من أهمها:
- جندي ثم رائد في الجيش الإسرائيلي بين العامين 1990 و1996.
- المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “سايوتا” بين العامين 1999 و2006.
- قائد فريق في حرب لبنان الثانية عام 2006.
- رئيس مكتب بنيامين نتنياهو بين العامين 2006 و2008.
- الرئيس التنفيذي لشركة “سولوتو” عام 2009.
- رئيس مجلس الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بين العامين 2010 و2012.
- زعيم حزب البيت اليهودي بين العامين 2012 و2018.
- وزير الاقتصاد ووزير شؤون القدس والشتات ووزير الخدمات الدينية بين العامين 2013 و2015.
- زعيم حزب “يمينا” بين العامين 2018 و2022.
- وزير التربية ووزير شؤون المغتربين بين العامين 2015 و2019.
- وزير الدفاع للعامين 2019 و2020.
- رئيس الوزراء الـ13 لإسرائيل للعامين 2021 و2022.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.