نشر “ستراتفور” تقريرا يعرض فيه توقعاته لما سيكون عليه تدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في النيجر، ومختلف العوامل التي تعمل على نجاحه أو فشله.
ويتوقع هذا الموقع الأميركي أن يطيح تدخل إيكواس في المجلس العسكري النيجري نهاية المطاف، لكن الأمر سيتحول إلى صراع إقليمي، مما يمنح الجماعات المسلحة مساحة أكبر للعمل، ويجعل أي حكومة مدنية في هذا البلد هشة للغاية.
وقال أيضا إن تدخل إيكواس لن يتم قريبا، لأن نشر القوات يجب أن يحصل على موافقة الاتحاد الأفريقي أولا، ثم الضوء الأخضر من مجلس الأمن الدولي ثانيا، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تأخير التدخل أو منعه نظرا إلى المعارضة الروسية أو الصينية المحتملة، إضافة إلى أن تنظيم التدخل العسكري بحاجة إلى أسابيع.
تدخل إيكواس
حتى الآن، لم يعلن القادة العسكريون لدول إيكواس عن كيفية تنفيذ التدخل، لكن من شبه المؤكد أنه سيتطلب غزوا من نيجيريا بدعم فرنسي و/أو أميركي.
وبحسب الموقع، ليس لإيكواس القدرة العسكرية على تنفيذ تدخل معقد يركز على العاصمة النيجرية نيامي من خلال جسر جوي بسبب القيود اللوجستية والتدريبية. وبدلا من ذلك، يجب أن يمر أي تدخل عبر حدود النيجر مع نيجيريا أو بنين أو كليهما، والتحرك عبر بضع طرق سريعة إلى نيامي.
وهذا يعني أنه إذا تمكن الجيش النيجري من البقاء موحدا وسعى إلى مقاومة التدخل بالقوة، فقد يكون له وجود أمني كبير على طول أي طريق يتم استخدامه. وقد يتطلب هذا حتى من فرنسا، استخدام تفوقها الجوي لإضعاف أي مقاومة.
وحتى لو قامت إيكواس بغزو بري للنيجر عبر نيجيريا أو بنين، فمن المحتمل أن يتطلب حشد القوات والمعدات والآلات بالقرب من الحدود النيجيرية دعما لوجستيا أميركيا أو فرنسيا.
دعم أميركي وفرنسي؟
لدى فرنسا والولايات المتحدة -على التوالي- نحو 1500 و1100 عسكري بالنيجر. ويواجه احتمال التدخل العسكري الفرنسي قيودا سياسية كبيرة، حيث لا يريد الرئيس إيمانويل ماكرون التورط في تدخل عسكري آخر غرب أفريقيا.
وبالإضافة إلى ذلك -يتابع ستراتفور- يبدو أن إيكواس عازمة على التأكد من أن هذا التدخل تقوده وتموله أفريقيا ويقلل من الدعم الغربي، لأنها لا تريد أن يتم تصويرها على أنها دمية في يد الغرب بالنظر إلى أن المشاعر المعادية للفرنسيين لا تزال عميقة في معظم غرب أفريقيا. ومن المستبعد جدا أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر لأسباب مماثلة.
فاغنر
وأضاف الموقع الأميركي أنه بينما تستعد دول إيكواس للتدخل العسكري، تأمل النيجر الحصول على قوات شبه عسكرية من مجموعة فاغنر الروسية للانتشار داخلها.
ومن المعروف أن قوات فاغنر لم تشارك دائما بشكل مباشر ضد قوات دولة الأخرى. ومن غير الواضح ما إذا كان أي نشر لفاغنر سيكون من أجل المشاركة المباشرة ضد قوات إيكواس إذا تدخلت، خاصة وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحاول جذب القادة الأفارقة لمنعهم من التحالف مع الولايات المتحدة وأوروبا ضد بلاده بسبب الصراع في أوكرانيا.
وإذا بدا أن المجلس العسكري النيجري أنه قادر على الصمود أمام التدخل العسكري، فقد تضطر مالي وبوركينا فاسو إلى إرسال قوات أو مساعدات عسكرية لدعم انقلاب النيجر، الأمر الذي يزيد من خطر تصاعد الصراع إلى حرب إقليمية.
انقسامات داخل الجيش
ستزداد احتمالات التدخل السريع والناجح إذا كانت هناك انشقاقات داخل الجيش النيجري.
فلم يكن هذا الجيش في البداية مع الانقلاب ضد الرئيس محمد بازوم، حيث أعطت القيادة العسكرية في البداية قادة الانقلاب إنذارا نهائيا لإعادة الرئيس. ونهاية المطاف، انحاز الجيش لقادة الانقلاب على وجه التحديد، قائلين إنهم فعلوا ذلك لتجنب إراقة الدماء.
ووفقا لتكهنات مكثفة، قد يكون الحرس الوطني مصدرا للانشقاقات، حيث سارع المجلس العسكري إلى محاولة إصلاح قيادته.
وإذا ظل الجيش النيجري موحدا، فستزداد احتمالات اندلاع صراع أوسع بين إيكواس من جهة ومالي وبوركينا فاسو من جهة أخرى، وسيتعثر القتال حول نيامي، الأمر الذي من شأنه أن يكشف عن التحديات اللوجستية لدى إيكواس لدعم التدخل في عمق النيجر.
وفي حين أن الدعم اللوجستي الفرنسي والأميركي يمكن أن يساعد في تخفيف بعض هذه التحديات، فإن إيكواس ستواجه صعوبة من أجل إظهار القوة في جميع أنحاء النيجر، وقد تجد نفسها تسيطر فقط على مواقع محددة لها أهمية إستراتيجية أو سياسية، وبالتالي تهيئة الظروف لصراع طويل الأجل قد لا تكون إيكواس مستعدة له عسكريا أو سياسيا.
مخاطر طول الصراع
وحسب ستراتفور، فقد يؤدي الصراع الطويل إلى سقوط المزيد من الضحايا، مما قد يجعل التدخل غير محبوب بدرجة أكبر في دول غرب أفريقيا المساهمة بقوات في المهمة.
وفي بلدان مثل السنغال، قد يؤدي ذلك إلى احتجاجات عنيفة. وفي نيجيريا مثلا، يمكن أن تقوض الحرب جهود الرئيس الجديد بولا تينوبو لتوحيد البلاد وسط تزايد الاستياء من أزمة غلاء المعيشة وإلغاء دعم الوقود.
ورغم أن بوركينا فاسو ومالي تواجهان تحديات لوجستية وأمنية كبيرة من شأنها أن تمنعهما من إرسال دعم عسكري كبير إلى النيجر للمساعدة في التصدي للتدخل، فإن من الممكن أن تشن بوركينا فاسو غارات على الحدود في بلدان مثل ساحل العاج لإثبات عواقب المشاركة في التدخل.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.