مراسلو الجزيرة نت
طهران- على وقع الحرب السرية المتواصلة بين طهران وتل أبيب، قام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الجمعة الماضي بزيارة إلى النقطة صفر من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وجدد موقف بلاده “الثابت في دعم المقاومة الإسلامية في مواجهة الكيان الصهيوني”، كما قال.
وفي خطوة تحمل معاني سياسية وعسكرية، عمد الوزير الإيراني إلى غرس شجرة زيتون وسط حديقة “إيران” الواقعة علی الشريط الحدودي جنوبي لبنان، مستغلا رمزيتها الدالة على السلام للتذكير بمبادرة طهران التي ترى أن “الحل السياسي للقضية الفلسطينية يكمن في إجراء استفتاء ديمقراطي بمشاركة جميع الفلسطينيين من مختلف الطوائف”، وفق تصريحه في المكان.
وبعد وضعه إكليلا من الزهور على نصب القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني، لم يفوّت عبد اللهيان فرصة التقاط الصور وهو يطل عبر حدود جنوب لبنان، ويقول إن “المقاومة الإسلامية أثبتت أن الصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة”.
شاهد..
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يغرس شتلات الزيتون في نقطة الصفر الحدودية بين لبنان وفلسطين المحتلة.#ايران #لبنان #فلسطين_المحتلة #فلسطین #الكيان_المؤقت #جمعة_مباركة #جمعة_طيبة pic.twitter.com/i6G8eLHlAx— وكالة تسنيم الدولية للأنباء (@Tasnim_Arabic) April 28, 2023
رسائل ودلالات
وتذهب شريحة من الإيرانيين إلى أن زيارة عبد اللهيان إلى بلدة مارون الراس الحدودية تأتي ردا على خطوة مماثلة قام بها نظيره الإسرائيلي إيلي كوهين قبل 10 أيام، حيث التقط صورا على بعد 17 كيلومترا من الحدود المشتركة بين تركمانستان وإيران.
وفي السياق، يرى السفير الإيراني السابق في لبنان والأردن أحمد دستمالجيان أن زيارة عبد اللهيان إلى الشريط الحدودي اللبناني المحاذي لإسرائيل ومكوثه فترة ليست قصيرة هناك “رسالة مفادها أن الجمهورية الإسلامية عازمة على دعم المقاومة الإسلامية حتى انهيار الكيان الصهيوني”، على حد قوله.
ولدى إشارته إلى تطبيع العلاقات الإسرائيلية مع كل من أذربيجان وتركمانستان وافتتاح مقرات دبلوماسية لتل أبيب بالقرب من الحدود الإيرانية، أوضح الدبلوماسي الإيراني -في حديث للجزيرة نت- أن إصرار عبد اللهيان على استعراض آخر تطورات القضية الفلسطينية مع قادة حزب الله وحركة الجهاد الإسلامي والتواصل هاتفيا مع رئيس حركة حماس في قطاع غزة؛ جاء لتذكير تل أبيب بأنها محاصرة من قبل حلفاء إيران، وتحذيرها من اختبار صبر الجمهورية الإسلامية عبر استمرار استهداف “أهداف المقاومة” في سوريا.
صفحة جديدة
ولدی إشارته إلی الاتفاق الإيراني السعودي على استئناف العلاقات الدبلوماسية، يعتقد دستمالجيان أن زيارة عبد اللهيان إلى بيروت قبل أسبوع من زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى دمشق جاءت للإعلان عن “تعزيز الجبهة الأمامية في مواجهة الكيان الصهيوني”، مؤكدا أنه “في ظل الوضع الأمني المتردي في الكيان الصهيوني، قام عبد اللهيان بالتنسيق مع قادة محور المقاومة من أجل قلب المعادلة والتضييق أكثر فأكثر على العدو الصهيوني”.
وكان عبد اللهيان قال من بلدة مارون الراس اللبنانية عند الشريط الحدودي مع إسرائيل إن “دول المنطقة تتجه إلى مرحلة جديدة من التعاون ستؤدي إلى عزل إسرائيل وانهيارها”.
من ناحيته، يرى السفير الإيراني الأسبق في فرنسا أبو القاسم دلفي أن طهران تعوّل على التقارب الإيراني الخليجي المتمثل في استئناف علاقاتها الدبلوماسية مع الرياض في التضييق على تل أبيب انطلاقا من الجوار الفلسطيني، مؤكدا أن المساعدة في إنهاء الفراغ السياسي في لبنان سيمهّد إلى مرحلة جديدة بالمنطقة.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال دلفي إن التقارب الإيراني السعودي يؤدي إلى إجماع الفرقاء اللبنانيين على شخصية مارونية لمنصب الرئاسة، محذرا من مغبة استمرار الفراغ السياسي في بيروت لأنه يضعف لبنان في خطوة تصب في صالح إسرائيل.
بعيدا عن ما نشر من مبالغات واسقاطات، التقى الدكتور حسين امير عبداللهيان جمعا نيابيا ضم نوابا من مختلف الكتل والمشارب، واستمع باهتمام لما لديهم من طروحات واقتراحات بناءة يمكن ان تسهم في اخراج لبنان من أزماته، وكان اللقاء عن حق غنيا ومفيدا pic.twitter.com/2iTTsl28MF
— مجتبی امانی (@mojtaba_amaani) April 27, 2023
الحرب سجال
وتابع الدبلوماسي الإيراني أنه “لا بد من أخذ رؤية الجانبين الأميركي والفرنسي بعين الاعتبار لوضع حد للفراغ السياسي في لبنان”، مستدركا أنه رغم نجاعة خيار المقاومة في تعزيز الأمن والهدوء من خلال كبح تطلعات إسرائيل التوسعية، فإن انتخاب رئيس جديد للبنان سيعزز قوة هذا البلد على حساب المصالح الإسرائيلية، داعيا خارجية بلاده إلى العمل من أجل تقريب وجهات النظر بين المكونات السياسية اللبنانية لانتخاب خليفة لمیشال عون.
وبالعودة إلى زيارة عبد اللهيان إلى الشريط الحدودي، قال السفير الإيراني الأسبق لدى باريس إنها ليست الأولى، بل سبق أن ألقی الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد كلمة مطولة في مدينة بنت جبيل (جنوبي لبنان) عام 2010.
وخلص إلى أن “الحرب سجال” ولا ينبغي الخطأ في تقدير الوضع الداخلي الإسرائيلي، والتعويل علی الاحتجاجات المتواصلة في إسرائيل على أنها تسرّع وتيرة انهيار “دولة تل أبيب”.
وتابع “لا بد من لفت الانتباه إلى أن إسرائيل استمرت خلال أكثر من 7 عقود خلت عاشتها علی وقع التوتر والحروب، ذلك لأن التيارات الإسرائيلية متوحدة في مواجهة محور المقاومة وأن الحرب الخفية بينها على أشدها”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.