توقع خبراء ومحللون -تحدثوا لبرنامج “سيناريوهات”- أن يلجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاختيار شخصية موالية للكرملين على رأس مجموعة فاغنر خلفا لقائدها يفغيني بريغوجين الذي قتل في تحطم طائرته شمال موسكو يوم الأربعاء.
ووصف المحلل السياسي، يفغيني سيدوروف، مستقبل فاغنر بالغامض بعد مقتل قائدها، وقال إن القيادة الروسية ستبحث عن بديل موثوق فيه ويلتزم بالخطوط الحمر حتى لا تتكرر قصة بريغوجين وتمرده، في إشارة إلى التمرد المسلح الذي قاده زعيم فاغنر في يونيو/حزيران الماضي.
وبحسب سيدوروف فإن الأوضاع الراهنة تفرض على بوتين تعيين زعيم جديد للمجموعة يتمتع بنفس صفات سلفه، ليواصل المهام في أفريقيا أو أوكرانيا، مؤكدا أن أندريه تروشيف الذي يطرح اسمه ليكون البديل ليس وحده بالقائمة وهناك مرشحون آخرون بينهم قادة عسكريون يخدمون بالجيش النظامي، أي أن لديهم علاقة وطيدة بالكرملين وأوفياء للرئيس.
وبالنسبة لأستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس، الدكتور زياد ماجد، فإن تروشيف -وهو عقيد سابق بالجيش الروسي وأحد أبرز مؤسسي فاغنر- يبدو الشخصية المؤهلة لخليفة بريغوجين، بسبب سجله ولأنه سيكون الأكثر قدرة على الاستثمار في مهام فاغنر.
وحسب صحيفة كوميرسانت الروسية، فإن بوتين كان قد اقترح تروشيف قائدا جديدا لفاغنر، خلال اجتماع مع قادة هذه المجموعة بعد أيام من انتهاء تمرد بريغوجين في يونيو/حزيران الماضي.
وقال الدكتور ماجد -في حديثه لحلقة (2023/8/24) من برنامج ” سيناريوهات”- إن أي شخص سيرث ما تبقى من مجموعة فاغنر سيدرك أنها في خطر، وأن عليه أن يمتثل لخطوط حمراء معينة وألا يخرج عن ما يمليه الكرملين وسيده وكذلك أجهزة المخابرات الروسية.
وفي نفس السياق، رأى شون ماكفيت، الضابط السابق في قوات النخبة الأميركية وأستاذ بكلية الدفاع الوطني، أن ما يجري حاليا أن بوتين يريد فاغنر تعمل لحسابه من أجل مد أذرع المجموعة في أفريقيا.
تداعيات جيوسياسية
وتوقع ضيف البرنامج -وهو أيضا مؤلف كتاب “المرتزقة الجدد.. الجيوش الخاصة وما تعنيه للنظام الدولي”- أن يترتب عن وفاة قائد فاغنر تداعيات جيوسياسية في أفريقيا وأوروبا.
وقال إن هذه المجموعة كانت أداة مهمة لروسيا لاستخراج الثروات الطبيعية مثل الغاز الطبيعي والذهب من الدول الأفريقية لتغذية الحرب في أوكرانيا، وكشف أن بريغوجين كان يرسل الذهب السوداني إلى موسكو، لكنه لم يستبعد أن تتأثر علاقة هذه الدول بروسيا في ظل غياب بريغوجين خاصة وأنه كان ينسج علاقاته مع أشخاص وليس مع مؤسسات في تلك الدول، كما يوضح المتحدث.
وحول موقف واشنطن من التطورات الجارية، أكد الضابط السابق في قوات النخبة الأميركية أن الولايات المتحدة -وخاصة وزارة الدفاع- لا تحبذ العمل في دول الساحل والقرن الأفريقي، وبالتالي فهي لا تريد الدخول في نزاع في أفريقيا بسبب فاغنر.
وبشأن مصير نفوذ فاغنر في البلدان التي كانت تنشط فيها، خصوصاً الأفريقية َمنها، أكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس أن المرحلة المقبلة ستكون مختلفة، ليس في سوريا لوجود قوات موالية لإيران هناك، ولكن ربما في ليبيا والسودان، لأن أي شخص يخلف بريغوجين سيكون بحاجة إلى بناء علاقات جديدة في تلك الدول.
وأوضح أن حسابات زعماء الدول الأفريقية مرتبطة بالاقتصاد وليس بما تمده موسكو التي لا تملك مقومات دعم اقتصادات حلفائها، مبرزا أن الدول الأفريقية تفضل أن تبقي جسرا مع الدول الغربية وتحديدا الولايات المتحدة لتحصيل مساعدات اقتصادية منها وربما العودة إلى التحالف معها.
ويذكر أن قائد فاغنر قتل عندما تحطمت طائرته الخاصة من طراز “إمبراير ليغاسي” قرب قرية كوجينكينو في مقاطعة تفير (شمال موسكو) أثناء تحليقها باتجاه سان بطرسبرغ، حيث يقع مقر فاغنر.
وقد قدّم بوتين التعازي لعائلة بريغوجين، في أول تأكيد رسمي لمقتل الأخير جراء تحطم طائرته، وقال في تصريحاته المتلفزة -الخميس- إنه عرف بريغوجين منذ حقبة التسعينيات، وكان شخصا “موهوبا” وليس في روسيا فقط، وفق تعبيره.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.