القدس المحتلة- قررت اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية في إسرائيل تصعيد خطواتها الاحتجاجية، بإعلان الإضراب الشامل وعدم افتتاح العام الدراسي الجديد مطلع سبتمبر/أيلول المقبل.
وجاء قرار السلطات التي تمثل المجالس المحلية في قرى وبلدات فلسطينيي 48 احتجاجا على قرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش عدم تحويل أموال الموازنة المخصصة لهيئات الحكم المحلي العربية.
وفي هذا السياق، من المقرر أن ينظم رؤساء وأعضاء المجالس المحلية العربية مظاهرة الاثنين المقبل أمام مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في القدس المحتلة.
تهديد الخدمات الأساسية
ويعكس قرار حجب الميزانيات عن الهيئات المحلية العربية تصاعد سياسات التمييز والعنصرية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية تجاه فلسطينيي 48، الذين يبلغ تعدادهم نحو مليونين، والذين فُرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية قسرا منذ النكبة.
ويقضي قرار وزير المالية الإسرائيلي وقف تحويل ميزانيات سنوية بقيمة 200 مليون شيكل (50 مليون دولار) خُصصت لتقليص الفجوات بين المجالس المحلية العربية ونظيراتها اليهودية. ويمس القرار بشكل خطير بالميزانيات المخصصة لقطاع الخدمات الأساسية لفلسطيني 48، وينذر بانهيار هيئاتهم المحلية.
وتتبع اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ إﺳﺮاﺋﻴﻞ من ناحية إدارية لوزارة الداخلية، وهناك 3 أﻧﻮاع ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ:
- اﻟﺒﻠﺪﻳﺎت التي تضم 67 بلدية، ﻣﻨﻬﺎ 54 ﻳﻬﻮدﻳﺔ و13 ﺑﻠﺪية ﻋﺮﺑﻴﺔ.
- واﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ وعددها 149، ﻣﻨﻬﺎ 77 ﻣﺠﻠﺴﺎ ﻳﻬﻮدﻳﺎ و72 ﻋﺮﺑﻴﺎ.
- واﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وعددها 53، ﻣﻨﻬﺎ 52 ﻣﺠﻠﺴﺎ ﻳﻬﻮدﻳﺎ، وﻣﺠﻠﺲ إﻗﻠﻴﻤﻲ ﻋﺮﺑﻲ واﺣﺪ.
“ليست منّة بل أموال ضرائب”
ووصف رئيس اللجنة القُطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية، المحامي مُضر يونس، قرار وزير المالية الإسرائيلي بالعنصري، محذرا من مغبة أن يعقبه مزيد من القرارات بمنع الميزانيات عن السلطات العربية والمواطنين العرب في مناحي الحياة كافة.
وقال يونس للجزيرة نت إن القرار ينذر بالشلل التام في المجالس والبلديات العربية وتفكك المجتمع العربي وتصدعه.
وأوضح أن مخصصات الموازنة المرصودة هي جزء من الحقوق الأساسية للمواطنين العرب في البلاد، الذين يدفعون الضرائب للسلطات الإسرائيلية ويعانون التمييز والعنصرية في كل مناحي الحياة.
وتشكل المخصصات التي تقرر حجبها قرابة 25% من ميزانيات السلطات المحلية العربية، وفق يونس، “وهي ليست منة أو مكرمة من حكومة نتنياهو وسموتريتش، بل هي حق أساسي للمواطنين العرب”، حسبما يقول.
وحذّر المسؤول المحلي من أن المجتمع العربي ما عاد يطيق تقاعس الحكومة الإسرائيلية وسياساتها التمييزية والعنصرية بحقه، إذ يخوض معركة في هذه المرحلة لحماية مؤسساته ومجالسه وخدماته الأساسية التي من المفترض أن تتوفر للمواطن في أي نظام يحترم ذاته.
ولفت رئيس اللجنة القُطرية إلى قرارها تصعيد النضال الشعبي وتوسيعه والإعلان عن الإضراب الشامل مطلع سبتمبر/أيلول المقبل في حال لم يتراجع سموتريتش عن قراراته العنصرية، وإذا واصلت الحكومة الإسرائيلية سياساتها المجحفة.
حصار وانهيار
من جهته، يعتقد رئيس بلدية أم الفحم سمير محاميد أن المرحلة تقتضي توسيع دائرة النضال الشعبي للمواطنين العرب (فلسطينيي 48) والقيام بمظاهرات وإضرابات تكون لها تداعيات وتأثير على أصحاب القرار في المؤسسات الإسرائيلية.
وقال محاميد للجزيرة نت إن قرار سموتريتش العنصري بحجب أموال للهيئات العربية يتعدى كونه حظر ميزانيات أو تجميدها، بل هو حصار للبلدات العربية وتحويلها إلى “غيتوهات” (معازل).
وحذّر رئيس بلدية أم الفحم من تداعيات هذه السياسية، مشيرا إلى أنها قد تؤدي إلى انهيار العشرات من السلطات المحلية العربية بعد فقدان قدرتها حتى على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين العرب.
وأوضح محاميد أن قرار وزير المالية يعبّر عن إجماع الائتلاف الحكومي الذي التزم الصمت ولم يحرك ساكنا لمنع هذه الإجراءات العنصرية. وقال إن “رئيس الوزراء نتنياهو بدا متناغما مع طرح سموتريتش الذي تذرع بتشكيل لجنة لفحص الميزانيات وتدفقها والأهداف التي رصدت من أجلها”.
من خطة 2015
ويستهدف قرار وزير المالية الإسرائيلي تجميد ميزانيات كانت قد خصصت للمجتمع العربي داخل الخط الأخضر مؤخرا في خطة أقرتها الحكومة الإسرائيلية عام 2015.
ووفق المحلل السياسي محمد مجادلة، فإن الخطة الحكومية خصصت ميزانيات لما سمّي بتقليص الفجوات بين البلدات اليهودية والعربية، اشترطها الاتحاد الأوروبي بغية إدراج إسرائيل ضمن مسار التنمية الاقتصادية العالمية وفي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وبيّن مجادلة للجزيرة نت أن الخطة الحكومية آنذاك، والتي رصدت نحو 15 مليار شيكل (4 مليارات دولار)، وقادها وزير المالية حينئذ موشيه كحلون، لم تكن حبّا في العرب ومن أجل متطلباتهم، ولم تكن لتنهي سياسات التمييز العنصري والإجحاف بالميزانيات المخصصة لهم.
إذ جاءت تلك الخطة استجابة للشروط الأوروبية لدعم إسرائيل وإشراكها في مسيرة التنمية الاقتصادية العالمية، وتحفيزها على الاندماج في الاقتصاد والتجارة العالمية. وقال مجادلة إن “حكومة إسرائيل كانت مضطرة لإقرار مثل هذه الخطة”.
وبشكل يفضح المزاعم والرواية الإسرائيلية بشأن تقليص الفجوات بين الهيئات العربية واليهودية، يقول مجادلة إن “قرار الوزير بتسلئيل سموتريتش بتجميد الميزانيات للبلديات والمجالس العربية أتى تحت ذريعة أنها تصل إلى منظمات وصفها بالإرهابية، وعصابات الجريمة المنظمة”.
تفرقة وفئوية
ويعتقد مجادلة أن تجميد الميزانيات للسلطات المحلية العربية هو البداية، متوقعا أن يعقبها حظر ميزانيات ومخصصات أخرى للمجتمع العربي في مناحي الحياة كافة.
وأوضح المحلل السياسي أن الوزير الإسرائيلي -وهو أحد وجوه الحكومة الإسرائيلية الأشد تطرفا ضد الفلسطينيين- يستهدف أي جمعية ومؤسسة عربية لها الحق في الحصول على الدعم المالي حسب القانون الإسرائيلي. وفي المقابل، يعطي الأفضلية والأولوية بالميزانيات لمجالس المستوطنات بالضفة الغربية وللجمعيات اليهودية الدينية.
وأمام هذا النهج العنصري، يقول مجادلة “يبدو نتنياهو عاجزا ولم يلغِ القرار بتجميد الميزانيات للسلطات المحلية، وينأى بنفسه عن الصدام مع تحالف الصهيونية الدينية الذي يقوده سموتريتش لتفادي أي أزمة في الائتلاف الحكومي”.
وإلى جانب حجب نسبة من الميزانيات، يلفت مجادلة إلى أن وزير المالية الإسرائيلي يسعى إلى كسر نضال ووحدة السلطات المحلية العربية من خلال اعتماد سياسة “فرّق تسد” بتخصيص ميزانيات فئوية ومنح أولوية بتحويل الميزانيات للسلطات المحلية الدرزية والبدوية ثم السلطات المحلية العربية الأخرى.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.