جزر فارو، دولة تتمتع بحكم ذاتي تتبع إداريا للدانمارك، تتكون من 18 جزيرة وتتميز بطبيعة مختلفة تجمع ما بين مساحات خضراء وجبال عالية ومنحدرات ضخمة. وفيها ما يقارب 100 قرية وتنتشر فيها الأغنام بكثرة.
في يوليو/تموز 2023 حدث توتر بينها وبين عدة دول أوروبية ووجهت لها انتقادات بسبب سماحها لسفن صيد روسية باستخدام موانئها والحركة في المحيط الأطلسي، لا سيما أن بعض هذه السفن متهمة بالتجسس.
اسمها
يعود أصل اسم جزر “فارو” إلى (Føroyar) وهو اسم مشتق من اللغة الإسكندنافية القديمة ويعني “جزر الأغنام”، وهو الاسم الذي أطلقه المستوطنون في عصر “الفايكنغ” على الجزيرة خلال فترة وجودهم فيها.
موقعها
تقع جزر فارو في موقع إستراتيجي بين أوروبا وأميركا الشمالية، ولا تبعد سوى بضع ساعات بالطائرة عن المراكز الحضرية في شمال أوروبا. وترتبط هذه الجزر بجميع البلدان المجاورة من خلال رحلات جوية يومية وعبّارات ورحلات شحن دائمة.
وتقع جزر فارو على بعد 320 كيلومترا شمال غربي أسكتلندا في منتصف المسافة بين النرويج وآيسلندا شمال شرق المحيط الأطلسي. وتتكون من 18 جزيرة جبلية تبلغ مساحتها 1399 كيلومترا مربعا ومساحة بحرية تبلغ 274 ألف كيلومتر مربع وعاصمتها توشهافن.
سكانها
يبلغ عدد سكانها حوالي 53 ألف نسمة وفق إحصائيات عام 2022، 40% منهم يعيشون في العاصمة توشهافن. وتقدر الزيادة السكانية السنوية بنسبة 0.4%، كما أن معظم سكان الجزر من المواطنين الدانماركيين.
لغتها
لجزر فارو لغتان رسميتان وهما الفاروية والدنماركية. والفاروية هي واحدة من 3 لغات شمالية إسكندنافية تنحدر من اللغة النوردية القديمة، التي كانت تستخدم في إسكندنافيا في زمن “الفايكينغ”.
ديانتها
وفقا للإحصائيات الرسمية، فإن معظم سكان الجزر يدينون بالمسيحية ويتبعون الكنيسة اللوثرية البروتستانتية، وتشير بعض الإحصاءات إلى وجود نسبة قليلة من المسلمين فيها، إضافة إلى أعداد قليلة ممن يدينون بديانات أخرى. كما أن 4% من السكان ينتمون لفئة اللادينيين.
تاريخها
كانت جزر فارو جزءا من مملكة النرويج منذ عام 1035 إلى عام 1814. وتشير بعض الأبحاث إلى أن أول دليل على وجود بشري عليها يعود إلى عام 800 مع وصول “الفايكينغ”، إلا أن دراسات جديدة تشير إلى وجود آثار حبوب شعير متفحمة وحبوب لقاح عثر عليها في الجزر يعود تاريخها إلى حوالي عام 500.
وتشير بعض نصوص العصور الوسطى إلى أن الرهبان الأيرلنديين وصلوا إلى الجزر بعد عام 500. وقد استقلت جزر فارو ذاتيا عام 1948 بموجب قانون رقم 137.
الحكم الذاتي والسلطة الدانماركية
منذ عام 1948 أصبحت جزر فارو تتمتع بحكم ذاتي وتتبع إداريا للدانمارك. وتولت المسؤولية التشريعية والإدارية بكثير من المجالات الخاصة بها، مثل حفظ الموارد البحرية وإدارتها وحماية البيئة والعلاقات التجارية الخارجية والسياسة المالية وتنظيم الأعمال والضرائب والجمارك والطاقة والاتصالات والنقل والضمان الاجتماعي والثقافة والصحة والتعليم وغيرها.
غير أنها تخضع للسيادة الدانماركية فيما يخص الدستور والجنسية والمحكمة العليا وسعر الصرف والسياسة النقدية، والسياسة الخارجية والأمنية وسياسة الدفاع والشرطة ودائرة السجون والمراقبة وقانون الأهلية القانونية والهجرة ومراقبة الحدود والتنظيم المالي والإشراف على الطيران.
وفي يونيو/حزيران 2005 توصلت حكومة جزر فارو والحكومة الدانماركية إلى اتفاق بشأن السماح للحكومة المحلية بالتفاوض وإبرام اتفاقيات دولية مع دول ومنظمات نيابة عن الدانمارك. بشرط ألا تشمل هذه الاتفاقيات أي أمر يخص سياسة الدفاع والأمن.
اقتصادها
يعتمد اقتصاد جزر فارو على صيد الأسماك بالدرجة الأولى، إذ يمثل 80% من اقتصادها. ثم تأتي بعد ذلك السياحة وتجارة الصوف والمنتجات المصنعة. وتعد جزر فارو من أصغر الكيانات المستقلة اقتصاديا في العالم.
عضويتها في المنظمات العالمية
تنتسب جزر فارو إلى عدة هيئات أممية وتشارك في الهيئات الإقليمية لإدارة الأسماك والموارد البحرية الأخرى. وتتعاون مع الدول المحيطة فيما يخص مصائد الأسماك والثروات البحرية وحماية المحيطات.
ومن المنظمات التي انتسبت إليها:
- منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة
قُبلت جزر فارو رسميا عضوا منتسبا في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة عام 2007. وتتركز مشاركتها على المساهمة في عمل لجنة صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية والمبادرات الخاصة بتنفيذ مدونة السلوك بشأن الصيد، والتجارة المسؤولة للأسماك.
وتعمل جزر فارو من خلال المنظمة على تعزيز الاتصالات والتعاون مع دول مصائد الأسماك في جميع أنحاء العالم.
- المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة
لجزر فارو أيضا عضوية في المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن تحسين السلامة البحرية ومنع تلوث السفن. وقد وقعت اتفاقيات حول البحث والإنقاذ والتلوث البحري بالنفط، وذلك تحت رعاية مجلس القطب الشمالي.
- مصائد أسماك شمال شرق وغرب الأطلسي
تشارك جزر فارو في لجنة مصائد الأسماك في شمال شرق المحيط الأطلسي ومنظمة مصائد شمال غرب الأطلسي مع غرينلاند في وفد مشترك يشار إليه باسم الدانمارك.
أشهر الأماكن في جزر فارو
تتميز جزر فارو بطبيعة جبلية خضراء بالإضافة إلى وجود مساحات سهلية وشواطئ رملية. ومن أهم الأماكن فيها:
- البيت الإسكندنافي: مركز ثقافي يهدف إلى دعم ثقافة الجزيرة محليا وفي مناطق الشمال ويقع في العاصمة.
- شلال مولافوسور: يقع الشلال في قرية غسادالور، ويبلغ ارتفاعه 30 مترا ويصنف ضمن أجمل شلالات العالم.
- كنيسة ساكسون: تقع في جزيرة “ستريموي” (Streymoy) ويحيط بها عدد قليل من المنازل.
- بحيرة سورفاجسفاتن: تتميز بأنها تطفو على حافة أحد المنحدرات الجبلية في الجزيرة.
تقليد صيد الحيتان
يقوم سكان جزر فارو بصيد الحيتان سنويا في تقليد قديم عمره أكثر من ألف عام يسمى بـ”غريندادراب”، إذ يصطاد السكان الحيتان عبر مصائد خاصة، ثم يخزنون لحومها وشحومها لأنها مصدر للغذاء الحيوي خلال فصل الشتاء. وأثناء فترة صيد الحيتان يتحول لون البحر إلى اللون القرمزي.
ويحذر خبراء الصحة من احتواء الحيتان على مستويات خطيرة من الزئبق والمعادن الثقيلة والملوثات. وذلك وفقا لمنظمة المملكة المتحدة لحماية الحيتان والدلافين، إذ أظهرت دراسات حديثة وجود صلة بين استهلاك لحوم الحيتان وأمراض مثل تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم.
جزر فارو والحرب الروسية الأوكرانية
أدانت حكومة جزر فارو الحرب الروسية على أوكرانيا وأقر برلمانها تشريعا جديدا يسمح باعتماد عقوبات تستهدف روسيا مماثلة للعقوبات التي اعتمدها الاتحاد الأوربي.
كما قدمت الجزر عونا إنسانيا ومساعدات إغاثية لأوكرانيا، وأقرت قانونا في ربيع 2022 يسمح للاجئين الأوكرانيين بالتقدم للحصول على تصريح إقامة.
في يوليو/تموز 2023 وُجهت اتهامات لجزر فارو بالسماح لسفن تجسس روسية بالرسو على مينائها.
وكانت جزر فارو قد سمحت للسفن الروسية بالرسو في موانئها على أنها سفن صيد بسبب اتفاقية صيد الأسماك الموقعة بين الطرفين، التي يُسمح بموجبها للسفن الروسية باستخدام موانئ جزر فارو.
ووفق القيود الأخيرة التي فرضتها حكومة جزر فارو في يونيو/حزيران 2023 على سفن الصيد الروسية، فإن أنشطتها تقتصر على تغيير الطاقم والتزود بالوقود وإعادة الشحن، وتحظر خدمات الصيانة وتقيد شراء البضائع.
وكان التوتر بين حكومة الدانمارك وحكومة جزر فارو قد بدأ في أبريل/نيسان 2023 عقب اكتشاف قيام سفن روسية بعمليات عسكرية ومراقبة في العاصمة توشهافن، لا سيما أن السفن الروسية تحمل أنظمة راديو وهوائيات ضخمة.
واعتبرت الحكومة الدانماركية أن وجود السفن الروسية المتهمة بالتجسس في المحيط الأطلسي يخرج عن إطار اتفاقيات صيد الأسماك واستقلال الجزر ذاتيا، لأن الأمر يتعلق بالأمن العام والحماية.
ونتيجة للانتقادات البريطانية لوجود السفن الروسية فقد فرضت جزر فارو في نهاية يوليو/تموز 2023 مزيدا من القيود على السفن الروسية، ليكون العدد الأقصى المسموح له بالوصول لموانئ جزر فارو هو 31 سفينة فقط.
وتعود الانتقادات الأوروبية والمخاوف الدانماركية لوجود استهداف للبنية التحتية في قاع البحار لا يُعرف المسؤول عنه.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.