انتظر الجمهور مسلسل “تغيير جو” قبل أن يبدأ بالنظر إلى جماهيرية منة شلبي وأدائها المتقن في رمضان الماضي، ولا سيما أيضا أن هذا العام يشاركها البطولة مجموعة من كبار الفنانين مثل ميرفت أمين التي عادت إلى الدراما بعد انقطاع طويل وإياد نصار وشيرين اللذين قدما في السنوات الأخيرة سلسلة من النجاحات.
ويبدو المسلسل منذ تتر (شارة) البداية مختلفا من عنوانه، حيث تظهر في تتر المقدمة مناظر غرافيك متداخلة بألوان باهتة أقرب إلى ألوان الصور الفوتوغرافية القديمة التي تفجر مشاعر الحنين إلى الماضي، خاصة مع صوت أمير عيد والكلمات التي تؤكد على نفس المعنى “أنا بجري مني وبجري ورايا.. أنا بجري من حاجات قديمة جوايا”.
لم تغفل المخرجة مريم أبو عوف عن اختيار الفونت المناسب لكتابة الأسماء، حيث جاء أقرب إلى الخط اليدوي الحر الذي لم ينفصل عن اللوحات الغرافيكية للزهور والأشجار والطيور والمتاهات المختلفة.
بداية ديناميكية على هامش قضايا إنسانية
بدأ المسلسل بداية ديناميكية بانورامية إلى حد ما عرفتنا بالبطلة “شريفة” وبعملها غير التقليدي “مصممة متاهات”، كما أظهر لنا أن حياتها الواقعية هي متاهتها الكبرى التي لا يمكنها التحكم بها، خاصة مع العرض السريع لمشكلاتها مع والدتها التي تقوم بدورها الفنانة شيرين.
استمرت الديناميكية في عرض الأحداث خلال الحلقات الأولى التي تعرفنا فيها على مشكلة البطلة الأساسية، والتي تمثلت في إدمان والدتها على المهدئات، ومحاولات شريفة الحثيثة لعلاج الأم رغم عدم اعتراف الأخيرة بمشكلاتها النفسية أو بتأثير الإدمان عليها.
ركز المسلسل منذ البداية على فكرة العلاج النفسي الجمعي، وحاول صناع العمل شرحها من خلال الدراما، حيث تبدو تلك الفكرة مخيفة في بداية الأمر لمن لم يجربها ولم يعتدها بسبب صعوبة مشاركة الأفكار والمشكلات الشخصية مع أشخاص لم نعرفهم من قبل، لكن من خلال السيناريو وسياق الدراما استطاع صناع العمل إظهار أهمية العلاج الجمعي وقدرته على تقديم الدعم للأشخاص الذين يعانون من مشكلات مماثلة، حيث يؤكد على فكرة أن الشخص ليس وحيدا في مواجهة الآلام والمخاوف والقلق.
مجرد تغيير جو
تحمس الجمهور للمسلسل بعد البداية الديناميكية السريعة، لكن بعد الحلقات الأولى تحول المسلسل بالفعل إلى ما يشبه “تغيير جو”، خاصة أنه عرض بالتزامن مع مجموعة من المسلسلات المليئة بالأحداث الكبرى والقضايا الجدلية، مثل “جعفر العمدة”، و”تحت الوصاية”، و”مسلسل حرب”، مما تسبب في إحباط الجماهير بعد التحول الدرامي الذي تسبب في سفر شريفة إلى لبنان، حيث توقع الجمهور أكثر من مجرد قصة حب تدور على خلفية مناظر طبيعية جميلة، لذلك فقد البعض حماسه لمتابعة المسلسل مع بطء الأحداث، وتحول المسلسل بالفعل إلى ما يشبه رحلة إلى عمق لبنان، وتجاهل الحبكة الأساسية المتعلقة بالحقيبة والأوراق الضائعة لصالح مشاهد منة شلبي وهي تتجول في لبنان مع الممثل الفلسطيني صالح بكري الذي يقوم بدور فارس.
أدوار ناجحة في مسلسل أقل من المتوقع
رغم تراجع مشاهد العديد من أبطال المسلسل لصالح مشاهد منة شلبي بقيت هناك أدوار تفاعل معها الجمهور وشهد بنجاحها لنجوم شباب وفنانين كبار، منها مشاهد الممثل الشاب عصام عمر في دور “أيمن” الذي يعد استمرارا لنجاحه الكبير في مسلسل “بالطو”، بالإضافة إلى مشاهد الفنانة شيرين التي استمتع الجمهور بعودتها لكنه افتقدها في النصف الثاني من المسلسل.
بقيت مشاهد الفنانة ميرفت أمين (زوزو) مع زوجها وديع الذي قام بدوره الموسيقي المصري نبيل علي ماهر من أجمل مشاهد المسلسل، ورغم أنها تجربته التمثيلية الأولى فإنه استطاع أن يقنع الجمهور ويقدم أداء صادقا ومحببا قائما على لغة العيون وتعبيرات الوجه، وساعده في ذلك أداء الفنانة ميرفت أمين الهادئ الخالي من الافتعال.
تحول المسلسل إلى الحالة الديناميكية مجددا في الحلقة العاشرة بعد خروج والدة شريفة من المصحة وسفرها إلى لبنان والمشاهد المشتركة بين كل من شيرين وميرفت أمين، خاصة بعد العودة مجددا إلى الحدث الرئيسي وتواصل الشاب أيمن مع شريفة ليسلمها الأوراق والعقود مقابل 10 آلاف دولار، ليكتشف المشاهدون أن هناك ما يقارب 6 حلقات لم يحدث فيها أي حدث جديد حتى أن من فاتته الحلقات من الخامسة إلى العاشرة يمكنه إكمال المسلسل دون أن يشعر أن هناك شيئا ما قد فاته.
مسلسلات بحلقات محدودة
ما زال صناع الدراما في مصر والعالم العربي أكثر ارتباطا بالمسلسلات الطويلة أو المسلسلات متعددة الأجزاء، فيما لم تعد كل السيناريوهات المكتوبة تناسب هذا الكم من الحلقات، مما يضطر كتاب السيناريو أحيانا إلى كتابة أحداث مقحمة على السيناريو الأصلي من أجل تطويل العمل، وهو ما يشعر الجماهير بالملل أثناء المشاهدة.
ربما يحدث ذلك مع احتدام المنافسة بين الأعمال الفنية على التلفزيون والمنصات المختلفة، فتنتشر أكثر المسلسلات ذات الحلقات المحدودة التي تتسم بالتكثيف والديناميكية وغالبا ما يتفاعل معها الجمهور وينتظر حلقاتها بشغف ودون ملل.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.