مراسلو الجزيرة نت
لندن- تلقّى حزب المحافظين البريطاني ضربة جديدة بعد نشر تقرير لجنة الامتيازات المكلفة بالتحقيق في “كذب” رئيس الحكومة الأسبق بوريس جونسون على البرلمان حول الحفلات التي تم تنظيمها بمقر رئاسة الوزراء خلال فترة الإغلاق الكامل بسبب وباء كورونا.
وخلص التقرير -الذي استمر العمل عليه لأشهر- إلى أن جونسون تعمّد تضليل مجلس العموم في أكثر من مناسبة عندما قدم معطيات غير صحيحة حول هذه الحفلات، في محاولة للتنصل من انتهاك قواعد الإغلاق التي كانت تضعها حكومته.
واستبق جونسون قرار الإدانة بتقديم استقالته من البرلمان، تجنبا للتعرض للطرد، حيث سيصوت مجلس العموم الاثنين المقبل على تأييد تقرير لجنة التمييز: فإما يؤيد فرض عقوبات على جونسون، أو يرفض هذه الخلاصات.
ويضع هذا التصويت المحافظين في مأزق حقيقي، حيث ما تزال هناك أسماء وازنة بالحزب مؤيدة لجونسون وترفض إدانته، مقابل تيار يدعو لإبعاده تماما عن الحزب، والتصويت لصالح إدانته. بينما يخشى رئيس الحكومة زعيم المحافظين ريشي سوناك إغضاب أيّ من التيارين وهو المقبل على سنة انتخابية ساخنة.
انقسام حزبي
معه أم ضده؟ هذا السؤال يتردد بين النواب المحافظين، وعليهم اختيار أحد المعسكرين الاثنين المقبل، إما لإدانة جونسون أو دعمه، وما يزال عدد من النواب يعتبرون أنهم مدينون لجونسون بأكبر نصر انتخابي يحققه الحزب منذ عقود عندما فاز المحافظون بالأغلبية المطلقة بانتخابات 2019، بينما يخشى آخرون من تأثير سمعة جونسون على الحزب خلال الانتخابات العامة المقبلة نهاية 2024.
ومن بين أبرز الأسماء التي مازالت داعمة، لجونسون، وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل التي أعلنت -في تغريدة لها- دعمها المطلق مذكرة بما أسمته “إنجازات جونسون” من الفوز بانتخابات 2019 إلى الانتهاء من “البريكست” (اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي) وصولا للدعم الكبير لأوكرانيا، معتبرة أن هذه الإنجازات “إرث حقيقي”.
وكذلك فعل الوزير السابق جاكوب ريس موغ الذي هاجم تقرير اللجنة وكذلك البرلمان الذي قد يصوت لصالح إدانة جونسون. وقال في تغريدة له “البرلمان عندما يقوم بالدوس على كرامته فإن الأمر ينتهي به مثل الأحمق وهذا الحال بالنسبة لتقرير لجنة التمييز”.
ونفس الأمر بالنسبة للبرلماني عن حزب المحافظين بيردنارد كلارك الذي نشر صورة جونسون وعليها عبارة “أنا أدعم جونسون”.
ومع ذلك، من المتوقع أن يذهب أغلب النواب المحافظين للتصويت لصالح مضامين التقرير، وذلك لعدم الدخول في متاعب مع ناخبيهم أمام تراجع شعبية جونسون الذي بات في نظر الكثيرين شخصا يروج للأكاذيب.
بينما سيختار فريق ثالث عدم حضور جلسة التصويت رفعا للحرج. لكن الوحيد الذي سيبقى بحرج حقيقي هو رئيس الوزراء الحالي الذي يحاول حتى الآن النأي بنفسه عن هذه القضية لكنه سيكون مضطرا لإعطاء موقف واضح منها بعد تصويت البرلمان يوم الاثنين.
ولا تتوقف متاعب سوناك عند هذا الحد، بل قد يجد نفسه أول رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا يفقد 3 مقاعد برلمانية بانتخابات مبكرة، بعد استقالة جونسون، وكل من نادين دوريس ونايجل آدمز وكلاهما من أنصار جونسون، وكلها مقاعد من المتوقع أن تذهب لصالح حزب العمال.
هل هي النهاية؟
رغم رفض رئيس الوزراء الأسبق مضامين التقرير، ووصفه بأنه “اغتيال سياسي مستمر” فإنه يعلم أن هذا التقرير وتصويت البرلمان لصالح معاقبته تعني طرق مسمار آخر في نعش مساره السياسي، علما بأنه أعلن خلال استقالته البرلمانية أنه سيرحل “لبعض الوقت” ليفتح الباب أمام إمكانية عودته للمجلس.
لكن جونسون يعلم أكثر من غيره أن هذه العودة باتت صعبة إن لم تكن شبه مستحيلة، فآخر استطلاع أجراه موقع “يوغوف” (You Gov) أظهر أن 70% من البريطانيين يؤيدون فكرة أن جونسون قام بتضليل البرلمان، كما تراجعت شعبيته إلى نسبة 21% فقط، واعتبر 71% من البريطانيين أن حزب المحافظين يعيش حالة انقسام حقيقي.
وهناك عامل آخر يجعل من عودة جونسون صعبة المنال، وهي التوقعات باكتساح حزب العمال الانتخابات المقبلة بعد تراجع شعبية المحافظين، مما يعني أنه لن يكون لديهم الهامش للقيام بأي خطوة لإعادة شخصية جدلية مثل جونسون ليتصدر المشهد مجددا.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.