قال أستاذ الدراسات السياسية والإستراتيجية في جامعة طهران فؤاد إيزدي إن تصاعد التصريحات الإسرائيلية ضد إيران يأتي على خلفية قلقها مما تشهده المنطقة من تطورات، كعودة سوريا إلى الجامعة العربية واستئناف إيران علاقاتها مع السعودية.
وشدد على أن أي هجوم يستهدف إيران سيواجه برد فعل عنيف كما ذكر قادتها، مستبعدا في الوقت ذاته جدية التهديدات الإسرائيلية التي يرى أنه سبق أن أطلقت خلال عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ولم تستطع تنفيذها، رغم أن الأجواء كانت أكثر مناسبة حينها.
وجاء حديث إيزدي خلال الحلقة التي خصصها برنامج “ما وراء الخبر” بتاريخ (2023/5/22) لتصاعد لهجة التهديد بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني، والذي بلغ ذروته بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن بلاده ستفاجئ إيران دوما، وسوف تفاجئ كل أعدائها.
وسبقت ذلك تصريحات لقيادات استخبارية وعسكرية إسرائيلية بأن إيران تخوض حرب استنزاف عبر وكلائها في المنطقة ضد إسرائيل، وصدرت عقب تنفيذ حزب الله اللبناني مناورة عسكرية في بلدة عرمتى (جنوب لبنان) حاكت اختطافَ جنود واقتحامَ مستوطنات.
في المقابل، رد مسؤول إيراني بالقول إن أي اعتداء عسكري إسرائيلي على طهران سيقابل برد واسع وغير مسبوق.
وتساءل البرنامج عن دوافع التحذيرات الإسرائيلية من اندلاع حرب كبرى في المنطقة، ومغزى توقيتها، وانعكاسات فشل المسار الدبلوماسي في حل أزمة الاتفاق النووي الإيراني على مسار التصعيد المحتمل في المنطقة.
وكان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أهرون حليفا قال إن الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله قريب جدا من ارتكاب خطأ يقود الأوضاع المتدهورة في المنطقة إلى حرب كبيرة.
رد عنيف
من جهته، قال إيزدي -في حديثه لما وراء الخبر- إن الإسرائيليين دائما يهددون بمهاجمة إيران لعقود تحت مزاعم كثيرة، كسعيها للحصول على سلاح نووي، لكنهم لا يجرؤن على تنفيذ ذلك، ومما لا شك فيه أن أي هجوم على إيران سيكون له رد فعل عنيف.
وأضاف أن ما تعمل عليه إسرائيل من مهاجمة لما تعتبره مصالح طهران في المنطقة ترد عليه إيران بأساليب مختلفة، منها دعم منظمات المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي، وتقديم المسيرات والصواريخ أو التكنولوجيا اللازمة للمقاومة.
وحول استمرار تعثر مفاوضات البرنامج النووي وعلاقته بهذه التطورات، قال الخبير الإيراني إن الرئيس الأميركي جو بايدن يماطل ولا يريد العودة للمفاوضات، إذ إن السبب الذي كان يقدمه كحائل دون ذلك -وهو استمرار المظاهرات في إيران- قد توقف منذ نحو 4 أشهر.
في المقابل، يرى الدكتور كنيث كوتزمان، كبير الباحثين في معهد صوفان للدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي الأميركي، أن موقف واشنطن قائم على تفهم مخاوف وقلق إسرائيل، ويدعم خيار توجيهها هجمات لطهران حال استشعارها خطرا وجوديا، لكن ذلك لا بد أن يكون عبر تنسيق قبل تنفيذ أي هجمات.
وأشار -في حديثه لما وراء الخبر- إلى أن أميركا لا تزال ترى في برنامج إيران النووي مشكلة عالمية لا بد من معالجتها، مؤكدا أنه في حال كان هناك أي عمل عسكري ضد طهران، فإن الولايات المتحدة سيكون لها دور فيه، ولا يمكن أن يتم تنفيذه بشكل مفاجئ من دون علم مسبق منها.
خفض التصعيد
ومع ذلك، يشدد كوتزمان على أن واشنطن تسعى دائما إلى خفض التصعيد، ويظهر ذلك من خلال مساعيها المتكررة لإعادة إحياء الاتفاق النووي، وهو الأمر الذي ترفضه إيران -حسب حديثه- التي تصعّد من طرفها عبر مهاجمة المصالح الأميركية، وهو ما لن تقبله الولايات المتحدة.
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي والإستراتيجي الإسرائيلي عكيفا إلدار ضرورة أخذ سياق وتوقيت التصريحات الإسرائيلية التصعيدية في الاعتبار، إذ جاءت عقب القمة العربية في جدة وعودة سوريا لمقعدها بالجامعة، والتقارب الحاصل بين الرياض وطهران.
ومن ثم، فهو يرى -في حديثه لبرنامج ما وراء الخبر- أن الرسالة ليست موجهة لإيران فقط، بل لأطراف أخرى، منها واشنطن ودول مجموعة السبع، بأنه إذا لم يكن هناك تحرك دبلوماسي أو عسكري، أو فرض عقوبات على طهران، فإن إسرائيل ربما تقوم بتحرك غير متوقع.
لكن إلدار يرى، في الوقت ذاته، أن إسرائيل لن تستطيع الإقدام على أي تحرك عسكري ضد إيران من دون دعم أميركي أو على الأقل موقف واضح بغض الطرف عما يمكن أن تقوم به ضد إيران، مضيفا أنه إذا ما استقبلت إيران هذه التهديدات بسوء فهم قد تنفجر الأوضاع، وذلك لن يكون في مصلحة الطرفين.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.