قال ديفيد بولجير عضو مكتب الرئيس الأميركي جو بايدن عندما كان سيناتورا والمستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي إن التصريحات الإسرائيلية عن وجود دعم “غير مشروط” من طرف الإدارة الأميركية للعملية العسكرية في جنين غير دقيقة وفيها “تلاعب بالكلمات”.
وأوضح بولجير -في حديثه لحلقة برنامج “ما وراء الخبر” (2023/7/7)- أن الأمر يتعلق بتعريف الدعم المستقر من الولايات المتحدة لإسرائيل، والذي هو قديم ومستمر عبر مسارات مختلفة، منها الدعم المالي والسياسي والاجتماعي، لكن ذلك لا يعني دعما غير مشروط للعمليات العسكرية.
جاء ذلك على خلفية تصريحات لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال فيها إن تل أبيب شكرت الإدارة الأميركية على ما وصفه بـ”الدعم غير المشروط” للعملية العسكرية التي نفذها جيش الاحتلال في جنين مؤخرا، وأسفرت عن استشهاد وإصابة عدد كبير من الفلسطينيين.
ويأتي هذا التصريح مخالفا لتحفظات طالما أكدت إدارة الرئيس الأميركي بايدن أنها تطبع علاقتها مع حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو وتشمل انتقادات للسياسة الاستيطانية لتلك الحكومة ومساعيها لإدخال تعديلات قضائية جوهرية.
وجاء الشكر الإسرائيلي في اتصال هاتفي مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، وقال البنتاغون إن أوستن أعرب خلاله عن قلقه من تصعيد العنف في الضفة الغربية، بما في ذلك هجمات المستوطنين.
وتساءلت حلقة برنامج “ما وراء الخبر” عن حقيقة ما سماه الوزير الإسرائيلي الدعم غير المشروط الذي قدمته إدارة بايدن لعملية جنين وطبيعة هذا الدعم، وعن الانعكاسات المحتملة لهذا التوجه على دور واشنطن كراعٍ لعملية السلام، وحساباتها في التعامل مع الأوضاع الراهنة في الأراضي الفلسطينية.
فصل ضروري
ويضيف بولجير أنه من الضروري الفصل بين الدعم المالي المستمر من قبل واشنطن لتل أبيب منذ سنوات والموقف مما حدث في جنين، والذي تضمن أحداثا مؤسفة من قتل للمدنيين، وهو الأمر الذي لا يمكن للولايات المتحدة الموافقة عليه.
ويرى المستشار السابق لشؤون الأمن القومي الأميركي أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تصرف بشكل كبير في كلامه وتعبيره عن الدعم، مؤكدا وجود اختلاف في تفسير ذلك الدعم بين إدارتي بايدن ونتنياهو، وأن عدم الرد الأميركي على تلك التصريحات ربما يكون سببه مرور الولايات الأميركية بأسبوع إجازة، حسب تعبيره.
ولا يجد بولجير تعارضا بين الحديث الأميركي عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” وموافقة واشنطن على تفاصيل العملية المتعلقة باستهداف المنظمات “الإرهابية” في جنين حسب تعبيره، وبين إدانتها واستنكارها استهداف المدنيين الفلسطينيين.
لا تعني شيئا
هذه الإدانة والاستنكار “لا تعني شيئا لنتنياهو” حسب ما يراه أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، ولا تتنافى مع موافقة ما صرح به غالانت لحقيقة الأمر من تقديم واشنطن دعما غير محدود وغير مشروط للاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف البرغوثي في حديثه لبرنامج “ما وراء الخبر” أن الولايات المتحدة أكثر دولة تستطيع الضغط على إسرائيل، ولو كان لديها موقف حقيقي ضد جرائم الاحتلال لأعلنته، لكن ما أعلنته في الواقع هو دعم عملية الاحتلال في جنين باعتبارها دفاعا عن النفس رغم ما شملته من جرائم واضحة من قتل للأطفال وتهجير للمدنيين وغيرها.
وأشار إلى أن هذا الدعم يتأكد من خلال ما تقدمه واشنطن لإسرائيل من جميع أنواع الأسلحة، ومساعدات عسكرية بقيمة 3 مليارات دولار كل سنة زادتها إدارة بايدن هذا العام لتبلغ 4 مليارات، إضافة إلى منع اتخاذ مجلس الأمن أي قرار ضد إسرائيل ودعمها في مختلف المنظمات الدولية.
ويؤكد البرغوثي أن انعكاس هذا الدعم وتأثيره في الواقع الفلسطيني يظهر من خلال تأكيد فقدان الثقة الكامل، ليس في الولايات المتحدة فقط، وإنما كذلك المجتمع الدولي، حيث لم يعد الفلسطينيون يراهنون على أي مواقف دولية، كما تعمق لديهم الشعور بضرورة الاعتماد على النفس وأن الاحتلال لن يردعه سوى المقاومة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.