حسنا، حينما نتحدث عن نيكولا تسلا حاليا، فيجب أن نحذر قليلا، لأن تسلا لم يعد مجرد مخترع مهم أفاد عصر الكهرباء، ولكنه الآن أشبه بـ”نبي” بالنسبة لبعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فهو “العبقري الاستثنائي” و”أهم وأعظم مخترع في التاريخ”، كما يزعم أعضاء “طائفة تسلا” أو “نادي معجبي تسلا”، والأخير هو اسم أطلقه عليهم الفيزيائي الأميركي الشهير نيل ديجراس تايسون.
لكن في الحقيقة، فإن تسلا المنتشر على الإنترنت، وفي فيديوهات “الأهرامات محطات طاقة” و”الطاقة المجانية للجميع” و”شعاع الموت” و”سحر الأرقام 3 و6 و9″، لم يكن كما تخيله المهووسون اليوم، فرغم أنه كان مخترعا فذًّا ساهم مع آخرين في انطلاق عصر الكهرباء، فإنه كذلك رفض معظم المنجزات العلمية التي ظهرت في الفترة التي عاش بها.
في هذا السياق، تشتهر حكاية تقول إن أينشتاين سُئل ذات مرة عما يعنيه أن يكون الواحد أذكى رجل على قيد الحياة، فأجاب: “لا أعرف، اسأل نيكولا تسلا”، هذا بالطبع اقتباس كاذب لم يقله أينشتاين أبدا، ليس فقط لأنه لم يرد في أيٍّ من الكتب التي جمعت اقتباسات أينشتاين، بل لأن تسلا أصلا أعلن بصراحة رفضه للنظرية النسبية التي صاغها أينشتاين.
تسلا وأينشتاين
ليس ذلك فقط، بل وحاول تسلا باستمرار تشويه سمعة أينشتاين وقال إن النظرية النسبية هي علم زائف، في أحد تصريحاته العلنية لصحيفة “نيويورك تايمز” يقول تسلا: “إن عمل النسبية لأينشتاين هو نسق رياضي رائع يسحر الناس ويبهرهم، ولكنه يجعلهم يعمون عن الأخطاء الكامنة فيها، النظرية النسبية مثل متسول يرتدي اللون الأرجواني فيعطيه الجهلاء مكانة ملك”.
يضيف تسلا في تصريح آخر: “أعتقد أن الفضاء لا يمكن أن يكون منحنيا، لسبب بسيط هو أنه لا يمكن أن تكون له خصائص، ولو قلنا إن الفضاء له خصائص فإن ذلك يشبه أن نقول إن الله له خصائص”. وفي تصريح ثالث يقول: “القول إنه في وجود أجسام كبيرة الكتلة يصبح الفضاء منحنيا يعادل القول إن شيئا ما يمكن أن يعمل في وسط من لا شيء. أنا أرفض قبول مثل هذا الرأي”.
كان أحد الأسباب التي جعلت تسلا غاية في الثقة من أن النظرية النسبية خاطئة هو أنه كان يعتقد أنه قام بقياس حركات حصلت بسرعة تفوق سرعة الضوء، حيث ظن أنه التقط شعاعا كونيا صادرا من نجم “قلب العقرب” متحركا بسرعة 50 مرة أسرع من سرعة الضوء، وأضاف في سياق آخر أنه يود نقل الكهرباء بأكبر من سرعة الضوء، التي هي الحد الأقصى للسرعة في الكون بحسب النظرية النسبية.
سبب آخر تعلق بأن تسلا آمن حتى آخر حياته بفرضية الأثير، التي تتعلق بأن هذا الكون يملؤه وسط من شيء ما هو السبب في سريان موجات الضوء في الفراغ بين الشمس والأرض، حيث اعتقد العلماء قبل ظهور النسبية أن الضوء لا بد أن يجري في وسط ما، لأنه موجة مثل موجة البحر، والموجة بتعريفها هي اهتزاز في الوسط، لكن تجربة ألبرت ميكلسون وإدوارد مورلي سنة 1886 كانت أولى اللبنات في إثبات خطأ فرضية الأثير، تلاها ظهور النظرية النسبية التي أوضحت بالفعل أن الأثير غير حقيقي.
سرعان ما سقطت افتراضات تسلا حول النسبية واحدا تلو الآخر، فيما صمدت نظرية أينشتاين على مدى أكثر من مئة عام إلى الآن أمام الكثير من الاختبارات التجريبية، ورصد العلماء نتائجها بشكل واضح صريح (في حين أن تسلا لم يقدم أي دليل على ادعاءاته). ويمكن أن تلاحظ ذلك في إنجازات عدة ليس آخرها رصد موجات الجاذبية، الموضوع الذي حصل على جائزة نوبل 2017، أو رصد الثقوب السوداء والتقاط صور واقعية لها للمرة الأولى عام 2022، حيث اتفقت نتائج رصد تلك الأجرام بدقة مع افتراضات النظرية النسبية.
Academy Fellow Prof Susan Scott (@Our_ANU) says the image bears remarkable similarity to the first image obtained by the EHT of the supermassive black hole in the galaxy M87, even though that black hole is about 1,000 times larger. Learn more: pic.twitter.com/CsFCQWYkCS
— Australian Academy of Science (@Science_Academy) May 12, 2022
أضف إلى ذلك أن العلماء تمكنوا من رصد انحناء الضوء بانحناء الفضاء عبر تلسكوبات مثل هابل وجيمس ويب وغيرهما، في ظاهرة نعرفها الآن باسم “عدسة الجاذبية”. وفي عام 2004، تم إطلاق القمر الصناعي المسمى “مسبار الجاذبية-ب” (gravity probe-b) لقياس انحناء الفضاء بسبب وجود كوكب الأرض فيه، وبعد تحليل بيانات المركبة، أكدت الدراسات الصادرة عن جامعة أوكسفورد في 2011 أن فرضيات نظرية أينشتاين النسبية كانت على درجة عالية من الدقة.
بالطبع ليس من المستبعد أن يأتي يوم تظهر نظرية أشمل تهضم النسبية داخلها، خاصة أن هناك بالفعل مشكلات تتعلق باتحاد النظريتين اللتين تشرحان طبيعة هذا الكون على مستوياته الكبرى والصغرى، وهما النسبية والكوانتم (الكم)، لكننا بالطبع متأكدون أن النظرية النسبية لم تكن علما زائفا، في الواقع لقد استخدم كارل بوبر، فيلسوف العلم الأشهر، النظرية النسبية بوصفها نموذجا مثاليا للتفرقة بين العلم واللاعلم، بسبب دقة فرضياتها.
ليست النسبية فقط
ويبدو أن المشكلة لم تتعلق بالنسبية بشكل خاص، بل سرت على نطاقات أخرى في الفيزياء، فتسلا مثلا لم يعتقد في وجود الإلكترونات (التي تصنع التيار الكهربائي)، وكان مُصِرًّا على أن الذرات هي أصغر لبنات بناء الكون ولا يوجد ما هو أصغر منها، لأنه إن وُجد فسيعمل في فراغ مثالي وهذا مستحيل.
وبالتبعية، كان تسلا يعتقد أن الذرة لا يمكن أن تنقسم، وقال ذات مرة: “فكرة الطاقة الذرية خادعة، لكنها استحوذت على الأذهان بقوة، لدرجة أنها رغم أنني كنت أعارضها لمدة 25 عاما، لا يزال هناك البعض ممن يعتقدون أنها قابلة للتحقيق”. ورغم نجاح تجارب الإنشطار النووي، فإن تسلا لم يؤمن بالأمر، وقد مات قبل عامين فقط من أول استخدام عسكري لقوى الانشطار النووي، حيث انفجرت قنبلتان نوويتان في مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بقوة 15 و20 كيلوطن، تسببتا في قتلى بمئات الآلاف.
هذا ولم نتحدث بعد عن رأي تسلا في الرياضيات، حينما قال عام 1934: “لقد استبدل علماء اليوم الرياضيات بالتجارب، وهم يتجولون من معادلة إلى معادلة وفي النهاية يبنون أشياء لا علاقة لها بالواقع”. قد يكون هذا الرأي مقبولا بالفعل في نقد الرياضيات بالنسبة للبعض، لكن المشكلة أن تسلا عاصر قمة نضج الفيزياء، الفترة التي شهدت صعود النسبية والكوانتم فيما يمكن أن نطلق عليه ثورة علمية، هذه العلوم استفادت جدا من الرياضيات في التنبؤ بظواهر لم يكن من الممكن أن تخطر أصلا على عقل أحد العلماء.
ويبدو أن الخلاصة في مشكلة تسلا مع العلم تتعلق بوظيفته وشغفه الرئيس، فقد كان مخترعا، ولم يكن عالما بالمعنى المفهوم، وقد كان مخلصا لتلك الفكرة لدرجة ربما جعلته يظن أنه لا يوجد ما هو أهم من الاختراع، وأن العلوم النظرية -بشكل أو بآخر- لم تكن على المستوى أو الأهمية نفسها.
هناك سبب آخر ربما يفسر رفض تسلا لبعض العلوم، وهنا سنتحدث تحديدا عن تمسكه بمفهوم الأثير رغم أنه رُفض علميا، حيث كان تسلا يتحدث عن “طاقة غير محدودة خُزنت في الكون”، مضيفا أن المتلقي والمُرسل الأبدي لهذه الطاقة اللانهائية هو “الأثير”، وهنا يعتقد بعض الباحثين أن كلمات تسلا تشير إلى أنه تأثر على نحو شبه مؤكد باجتماعاته مع الحكيم الهندي سوامي فيفيكاناندا، التي بدأت سنة 1896.
تسلا “الكوني”
افتراضات تسلا التي تميزت بأنها “بلا دليل” كانت كثيرة، وربما تعلقت بالفعل بميوله الباطنية، واعتقاده في وجود أسرار كونية وطرق خاصة لاستكشافها، فتجده يقول مثلا: “كل ما ندركه من المادة تأتي من مركز أولي لا يمكن إدراكه، يملأ كل الفضاء، سواء سميته “السجلات الأكاشية” أو “الأثير”، فهو يعمل على القوة الخالقة للحياة والمسماة بالبرانا، في دوائر لا نهائية تضم كل الأشياء والظواهر”.
في البوذية والهندوسية تُعَدُّ “السجلات الأكاشية” مكتبة ضخمة هائلة تمثل مستودع كل فكرة وكلمة وعمل لكل كائن حي على وجه الأرض في الماضي والحاضر والمستقبل، وتُعرف تلك السجلات أيضا باسم كتاب الحياة، وبحسب الرهبان التبتيين فإن هذه السجلات يمكن العثور عليها في “أكاشا”، التي تعني السماء أو الضوء النجمي أو العنصر الأثير في أنظمة المعتقدات الشرقية.
كان تسلا يرى، بالاتفاق مع هذه المعتقدات، أن منبع الحياة في الكون هو تلك الطاقة التي تملأ الكون (البرانا)، وقد تعمق في تأمله فتوصل إلى أفكار أكثر غرابة، فيقول مثلا في كتابه “اختراعاتي”: “حينما يتأذى أحد من المقربين لي أشعر بألم جسدي، هذا لأن أجسادنا مصنوعة من الشيء نفسه وتتواصل مع بعضها لا سلكيا”، وقد طور تسلا تلك الفكرة ليتحدث عن “الألم الكوني” الذي يشمل الجميع، وهو فكرة تقول إنك تستجيب، عبر كآبة مفاجئة تشعر بها وتظن أنها بلا سبب، لألم الآخرين في مناطق متفرقة من العالم، مضيفا أن اختفاء نجم من السماء أو قدوم مذنب يؤثر علينا أكثر مما نظن.
وفي أحد اقتباساته يقول تسلا: “إذا جرحت إصبعي تألمت، وإذا جُرح إصبع صديقي تألمت كذلك، ألا يعني ذلك أننا واحد، وأن هذا الكون كله هو واحد؟”. ويضيف في اقتباس آخر: “دماغي هو مجرد جهاز استقبال، وفي الكون هناك مركز نستقي منه المعرفة، والقوة والإلهام”، كما يبدو فتسلا كان يتجه ناحية الإيمان بما يُسمى “وحدة الوجود”.
هوس تسلا
حاجتنا إلى الإشارة إلى هذا الجانب من حياة تسلا لا يهدف إلى القدح في معتقداته الشخصية، لكن معرفة ما سبق ضروري جدا لفهم اقتباساته المنتشرة عبر الإنترنت، فقد امتزجت فيها الهندسة والابتكار مع معتقدات شرقية باطنية مع رغبته في التسويق لعمله، وهذا هو ما خلق أسطورة غموض تسلا، يظن الناس أن الرجل كان مثلا على مقربة من ابتكار ما سيغير وجه الأرض، لكن تصريحاته كانت أقرب إلى تأملات “دينية”، والفارق واضح بين الأمرين.
على سبيل المثال، لم يعطِ تسلا أبدا أي دليل علمي يتمثل في مخطط أو معادلة أو حتى مسودة تشرح ما عناه بـ”الطاقة المجانية الكونية” أو “شعاع الموت” أو “قوة الأهرامات”، ولم ينجح في تجاربه التي حاولت توصيل الكهرباء بدون أسلاك (وسنفرد لذلك تقريرا خاصا)، ورغم ذلك فإن كل ما يعرفه الناس عن تسلا هو هذه الأشياء.
أضف إلى ذلك أن ما سبق مهم جدا في سياق تأليه هواة التنمية البشرية وأنصار عوالم العلوم الزائفة مثل العلاجات بالطاقة وقدرات الين واليانج والإسقاط النجمي وغيرها لنيكولا تسلا، فهو مخترع كبير يشهد الجميع له، وحينما تخرج منه اقتباسات بتلك الطبيعة فلا بد أنها ستكون مادة خصبة للتداول، ولأن العالم حاليا (وضمنه العالم العربي بالطبع) يشهد صعود تلك النوعية من الخرافات، فإن تسلا كذلك صعد معها مرة أخرى.
المشكلة هنا أن الأمر لا يتعلق فقط بالاختراعات، بل بآراء تسلا عموما التي تُمجَّد بالتبعية مع تمجيد منجزاته. فمثلا أصبح تسلا في آخر أيامه من دعاة تحسين النسل والحاجة إلى “تنقية الجنس البشري”، وفي أحد أعداد مجلة “ليبرتي” عام 1935 قال: “تقوم عدة دول أوروبية وعدد من دول الاتحاد الأميركي بتعقيم المجرم والمجنون. هذا لا يكفي، اتجاه الرأي بين علماء تحسين النسل هو أننا يجب أن نجعل الزواج أكثر صعوبة، فلا ينبغي السماح لأي شخص ليس والدا مرغوبا به أن ينجب ذرية”.
حظي تحسين النسل (اليوجينيا) بشعبية واسعة في العقود الأولى من القرن العشرين، وارتبط بممارسات ألمانيا النازية، كما حضر في الولايات المتحدة الأميركية موفرا مبررات لقتل المعاقين والمرضى، أو على الأقل إخصائهم ومنعهم من التناسل والزواج.
تسلا والاضطراب النفسي
جدير بالذكر، في سياق الحديث عن الهوس بتسلا، أن الرجل واجه خلال الفترة بين 1885-1905 حالة من الانحدار في مستوى إنجازاته التقنية، وأصبح فجأة غارقا في الديون، وبدأت حالته النفسية في الانهيار، وفي تلك النقطة يجب أن نوضح أن تسلا بالأساس كان من المصابين باضطراب الوسواس القهري إلى جانب لمحات من اضطرابات أخرى، وغالبا ما تقلب بين حالتي الاكتئاب والهوس، الأولى هي حالة من الهبوط والانعزال، والأخيرة هي حالة من الانفعال أو تألق المزاج بشكل غير طبيعي والإثارة وارتفاع مستويات الطاقة، كان ذلك واضحا جدا في شخصية تسلا، ففي بعض الأحيان كان يعمل طوال الليل ولا ينام لأكثر من ساعتين، وفي حالات أخرى كان ينزوي في غرفته لأسابيع.
والواقع أن أحد أسباب وقوعه في حب الكهرباء وعالمها كان يتعلق برؤى يختبرها في يقظته حينما كان طفلا، حيث كان يشاهد ومضات من الضوء أمام عينيه تلمع للحظات ثم تمضي، وكان كذلك يختبر ظاهرة الإسقاط النجمي، وهي ظن الإنسان أنه يغادر جسده للسفر إلى أماكن أخرى، وقد أثبت علم الأعصاب المعاصر أن هذه الظاهرة لا تتعلق بسفر حقيقي، بل هي شعور متوهم. للمزيد حول هذا الأمر، راجع التقرير: هل يمكن حقا لروحك أن تسافر بعيدا عن جسدك؟
وهنا تحديدا تظهر بعض غرائب تسلا، حيث قال كثيرا إنه “يكاد يصاب بالحمى لو رأى خوخة”، وإنه “يرتبك جدا لو رأى قرطا في أذنَيْ امرأة”، لكن الأغرب أنه كان مهووسا بحمامة بيضاء ظن أنها تتواصل معه تخاطريا، كانت تزوره كل يوم مع مجموعة من الحمام لأنه أبقى نافذته مفتوحة وقدم الغذاء للحمام على مدار الساعة، قال عن هذا: “كنت أقدم الطعام للحمام على مدى سنوات، لكن واحدة من تلك الحمامات لفتت انتباهي، كانت جميلة، بيضاء مع بعض البقع الرمادية على الأجنحة”، ثم قال بعد قليل: “أحببت هذه الحمامة كما يحب الرجل المرأة”! ماتت هذه الحمامة بين يدي تسلا، قال تسلا إنه رأى في عينيها عند الوفاة بريقا لامعا بشكل لم يره من قبل.
هذه الإشارات الواضحة حول إصابة تسلا بالوسواس القهري تدفعنا لتأمل بعض اقتباساته المثيرة للجدل التي ملأت مواقع التواصل، مثل تلك الاقتباسات التي تقول إن تسلا يرى أن أسرار الكون توجد في الأرقام 3 و6 و9، وهذا حقيقي، فقد صرح تسلا بذلك، لكن مَن يقدمون هذه الاقتباسات أو المقاطع لا يخبرونك بالجزء الثاني للحكاية، وهي أن الكثير من مرضى الوسواس القهري يكوّنون علاقات خاصة مع الأرقام، ويقعون في فخ العد المتكرر.
في تمارين السباحة كان تسلا يقوم بـ33 جولة، وإذا أخطأ العد يعيد من البداية، وهذه علامة صريحة على الوسواس القهري، كان كذلك يدور حول أي مربع سكني يدخله 3 مرات، وفي مطبخه كانت توجد 18 فوطة مقسمة إلى ثلاث فئات عددها 9 و6 و3، وبالطبع كان في الفنادق لا يسكن إلا في غرفة برقم يقبل القسمة على 3.
كل ذلك له علاقة باضطراب الوسواس القهري، والتفكير السحري في أفضلية بعض أرقام على أخرى هو أيضا واحد من أعراض المرض، وبالتبعية يمكن بسبب ذلك على الأقل أن نشكك في صحة فرضية تسلا عن تلك الأرقام، وهو شيء لم يدركه في وقت لم يكن المرض النفسي معروفا بالشكل الذي نعرفه الآن، خاصة أن تسلا لم يقدم أصلا أي دلائل على صحة ادعاءاته عن علاقة تلك الأرقام بمركز الكون، وإنما هي فقط تصريحات امتزجت بها مشكلاته مع الأرقام مع ميوله الباطنية.
في النهاية، يظل تسلا أحد أهم المخترعين في التاريخ، وأحد مؤسسي العصر الكهربائي، مع نحو 300 براءة اختراع في أكثر من 25 دولة، منها 111 اختراعا في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى العديد من المساهمات العظيمة في نطاق الكهرباء. لكن هذا لم يمنعه من ممارسة التضليل والوقوع في أسر الفهم الخاطئ في بعض الأحيان، شأنه شأن أي إنسان.
__________________________________________________
مصادر:
- تسلا -مخترع العصر الكهربائي- و. برنارد كارلسون
- The European Edisons Volta, Tesla, and Tigerstedt- Anand Kumar Sethi
- Nikola Tesla’s Inventions – Myth or Reality? Val G. Rousseau,
- My Inventions: The Autobiography of Nikola Tesla
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.