مراسلو الجزيرة نت
القاهرة- بينما يستعد صيادو البحر الأحمر وخليجي السويس والعقبة وجزر الغردقة وما حولها شرقي البلاد لموسم صيد متميز فوجئوا في الأيام الأخيرة بتنفيذ قرار حكومي لوقف الصيد للمصلحة العامة لمدة تصل إلى 4 أشهر، مما ضاعف معاناتهم، فيما تحاول الحكومة المصرية تخفيف المعاناة عبر مساع عدة، منها مبادرة “بر أمان”.
وكشفت النشرة السنوية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة في 24 مايو/أيار الجاري انخفاض كمية الإنتاج السمكي في مصر في آخر عام إحصائي وهو 2021، حيث بلغ مليوني طن مقابل 2.1 مليون طن عام 2020 بنسبة انخفاض قدره 0.43%، وكذلك انخفاض إنتاج الأسماك بالمزارع السمكية وحقول الأرز، حيث بلغ 1.58 مليون طن عام 2021 مقابل 1.59 مليون طن عام 2020 بنسبة انخفاض قدرها 1.0%.
ووفق التقديرات غير الرسمية، فإن عدد الصيادين في مصر يقترب من 5 ملايين صياد، لكن وفق تقديرات رسمية فإن عدد الصيادين المسجلين 500 ألف صياد فقط.
ودشنت الحكومة مؤخرا مبادرتين لدعم صغار الصيادين، هما مبادرة “بر أمان” تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، ومبادرة “صيادي مصر” تحت إشراف وزارة القوى العاملة، فيما يقود جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية (جهة حكومية) الإشراف على تطوير حرفة الصيد وتدريب الصيادين، طبقا للقانون رقم 146 لسنة 2021.
وأعلن محافظ البحر الأحمر اللواء عمرو حنفي في تصريحات صحفية بدء صرف 4 آلاف جنيه (الدولار يساوي نحو 30 جنيها) عن كل شهر توقف لصيادي محافظته، مع فرض غرامات مالية تتراوح بين 50 و100 ألف جنيه لمخالفي قرار وقف الصيد ومصادرة المراكب، مؤكدا أن القرار بغرض الحفاظ على الثروة السمكية، وسط رفض من جمعيات للصيادين التي قال ممثل لها “إن القرار يخدم كبار مستوردي الأسماك”.
ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في وقت سابق بضرورة الاهتمام بمبادرات دعم الأحوال الاقتصادية للصيادين بالتوازي مع جهود الدولة لتطوير البحيرات الطبيعية على مستوى الجمهورية ومضاعفة إنتاجها من الأسماك وتوطين صناعة مراكب الصيد الحديثة في البلاد.
مهنة تتجه للانقراض
من جانبه، يؤكد أحمد نصار نقيب صيادي مصر ورئيس شعبة الثروة السمكية بالنقابة العامة لعمال الزراعة والصيد أن القيادة السياسية المصرية تبذل قصارى جهدها لتحسين أوضاع الصيادين، ولكن قصور الجهات التنفيذية هو سبب المعاناة.
وتحدث نصار في حديث للجزيرة نت عن أزمة فترات التوقف وعدم وجود تعويض مناسب، وعدم الموافقة على مطلب الصيادين بإنشاء “صندوق رعاية الصياد” بمساهمة من الدولة والنقابة، لتوفير إعانات مالية معقولة لصغار الصيادين في أي وقت توقف.
ويشير نقيب الصيادين إلى أن خبرة وزارتي التضامن والقوى العاملة غير كافية لتنفيذ مبادرة “بر أمان” بشكل منفرد دون اللجوء إلى النقابة الأدرى باحتياجات الصيادين، منتقدا اقتصار التراخيص على صيادي البحيرات وعدم مدها إلى صيادي البحرين الأحمر والأبيض المتوسط رغم أن مبادرة “بر أمان” شاملة لجميع الصيادين.
ويطالب نصار بتقنين تخفيض الرسوم على تراخيص الصيد التي ارتفعت بنسبة 300%، ودعم الدولة للصياد بحصة من السولار على أن يتكفل بنصف سعره وتتحمل الدولة الباقي أسوة بالدعم الموجه للفلاح، مع إعادة النظر في قوانين الصيد في مجلس النواب بحضور نقابة الصيادين.
ويعرب نصار عن خشيته على مستقبل مهنة الصيد في مصر، قائلا “لدينا ما يقارب 5 ملايين صياد، يعمل كثير منهم في مهن أخرى بجانب الصيد لسد احتياجاتهم على مدار العام، واتجه بعضهم إلى العمل في دول أفريقية مثل غانا وإريتريا والسنغال وبعض الدول الأوروبية لمواجهة الأوضاع غير المناسبة هنا، مما يجعل مهنة الصيد في مصر تتجه إلى الانقراض إذا استمر الوضع على ما هو عليه”.
كلام على ورق
من جانبه، يتفق محمد شرابي نقيب صيادي بحيرة البرلس شمالي مصر مع نصار، مؤكدا أنه لا أحد ينفذ توجيهات الرئيس بدعم الصيادين كما يجب أن تكون.
ويقول شرابي للجزيرة نت إن “مبادرة بر أمان على سبيل المثال مضمونها على الورق 100%، ولكن على أرض الواقع ما زالت غير مؤثرة ولا كافية، ولقد تحدثنا مع المسؤولين والنواب كثيرا ولم نجد جديدا”.
ويضيف نقيب صيادي البرلس أن الأزمة حاليا أيضا في مطالبة الصيادين الموقوفين عن الصيد بدفع تأمينات شهرية رغم توقفهم عن العمل، موضحا أن الصياد بات من العمالة غير المنتظمة مع تغير المناخ في مصر وكثرة قرارات وقف الصيد، وهو ما يجب مراعاته وتصحيح الوضع قبل ضياع الصيادين ومهنة الصيد، بحسب تقديره.
من جانبه، يدعو الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي المسؤولين عن نقابة الصيادين إلى إقامة مؤتمر عام يحضره كل المعنيين بالأمر لتقديم مطالبهم على طاولة المسؤولين والخروج بتوصيات عملية عاجلة.
ويوضح الصاوي للجزيرة نت أن أزمة الصياد يشعر بها المواطن العادي في الأسواق حاليا، حيث ارتفعت أسعار الأسماك بشكل غير مسبوق، مؤكدا أن صناعة صيد الأسماك مرشحة لتكون كلمة السر في تعزيز الأمن الغذائي لمصر إذا استطاعت مؤسسات الدولة رفع المعاناة عن الصيادين وتقديم الدعم اللازم في بلد تضم بحرين ونهر نيل وعدد من البحيرات ومزارع سمكية عدة.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.