بحر جنوب الصين.. يمر عبره ثلث الشحن البحري في العالم وتتنازع على سيادته 6 دول | الموسوعة


يقع بحر جنوب الصين غرب المحيط الهادي، وهو معبر لنحو ثلث الشحن البحري في العالم. تطل عليه 6 دول هي: الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي، وتتنازع فيما بينها من أجل السيادة على أجزاء منه، ومنذ عدة قرون والتوتر حوله في تصاعد مستمر.

يحتل الصراع على النفوذ في بحر جنوب الصين أهمية متزايدة، وبات ينذر بخطر كبير، ليس بسبب مصالح الدول المشتركة فيه فحسب، وإنما كذلك للتنافس الدولي المتنامي الذي عززه صعود الصين بصفتها قوة اقتصادية قادرة على منافسة الولايات المتحدة وأوروبا.

الموقع

يقع بحر جنوب الصين غرب المحيط الهادي. يغطي مساحة تناهز 3 ملايين و500 ألف كيلومتر مربع. يحده:

  • من الشمال شواطئ جنوب الصين.
  • من الغرب شبه جزيرة الهند الصينية.
  • من الشرق جزر تايوان وشمال غرب الفلبين.
  • من الجنوب جزيرة بورنيو “التي تتقاسمها كل من ماليزيا وإندونيسيا وبروناي/دار السلام” وشرق جزيرة سومطرة وجزر بانغا بليتونغ الإندونيسية.
ميدان - بحر الصين الجنوبي 333
بحر جنوب الصين تطل عليه 6 دول هي الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي (رويترز)

المناخ

يتميز البحر بطقس استوائي ورياح موسمية تهيمنان عليه إلى حد كبير، وتهب الرياح الموسمية في الصيف من جهة الجنوب الغربي، وفي الشتاء من الشمال الشرقي.

ويتراوح معدل هطول الأمطار السنوي ما بين 80 بوصة (أي ألفي ملليمتر) إلى أكثر من 120 بوصة (3 آلاف ملليمتر) في حوضه الجنوبي، مع كثرة الأعاصير الصيفية.

السمات الجيولوجية والإستراتيجية

لبحر جنوب الصين أهمية اقتصادية وبيئية وجيوستراتيجية، فهو معبر لنحو ثلث الشحن البحري في العالم، بقيمة تبلغ نحو 3.37 تريليونات دولار أميركي سنويا.

وتعتمد عليه الصين في وارداتها من الطاقة بنسبة تصل إلى 80% و39.5% من إجمالي التجارة الصينية.

تاريخيا كان بحر جنوب الصين صلة الصين بجنوب شرق آسيا والهند وأوروبا. ويشهد على ازدهار التجارة من خلاله حطام عديد من السفن التجارية في قاعه.

وقد كشفت أعمال تنقيب أشرف عليها المهندس السويدي ستين سيوستراند عن 9 سفن تجارية تاريخية كانت محملة بالخزف (السيراميك) ويعود تاريخها إلى الفترة ما بين القرنين الـ 10 والـ 19.

blogs بحر الصين الجنوبي
تاريخيا كان بحر جنوب الصين صلة الصين بجنوب شرق آسيا والهند وأوروبا (رويترز)

وتقدر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في هذا البحر بين 23 مليارا و30 مليار طن من النفط، و190 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي.

إضافة إلى أنه غني بالثروات المعدنية والسمكية التي تعد ضرورية للأمن الغذائي للملايين في منطقة جنوب شرق آسيا.

ويحتوي بحر جنوب الصين على عدة مجموعات أو أرخبيل جزر صغيرة غير مأهولة في الغالب، وشعاب مرجانية وجبال تحت البحر يبلغ عددها مئات.

وزاد من أهمية البحر الإستراتيجية خطوط الكابلات الحيوية الممتدة عبر البحر لخدمات الاتصالات الدولية، مما جعله محط أنظار دول بعيدة وقريبة.

الصراع الإقليمي

تطل على بحر جنوب الصين 6 دول (الصين وفيتنام والفلبين وتايوان وماليزيا وبروناي) تتنازع فيما بينها من أجل السيادة على أجزاء منه، ومنذ عدة قرون والتوتر حوله في تصاعد مستمر.

وتكمن أهمية جزره في أنها مداخل جغرافية للبحر، وأن السيطرة عليها مدخل للتأثير في حركتي التجارة والملاحة العالميتَين، والتهديد بإغلاقها يترك آثارا سلبية جمة على الدول التي تعتمد على السفن في تجارتها.

وتطالب الفلبين وماليزيا وفيتنام وسلطنة بروناي بالسيادة على مناطق متداخلة من هذا البحر، بينما تصر الصين على أنها صاحبة حق تاريخي فيه وفقا لسجلات تاريخية تستند إليها قائلة إن الصينيين القدماء هم الذين اكتشفوه بالقرن الثاني قبل الميلاد.

وهذا هو “الدليل التاريخي” الذي تتكئ عليه الصين في سيادة غير قابلة للجدل -في نظرها- على نسبة 90% من جُزره والمياه المحيطة بها.

وعززت بكين موقفها بالسيادة على أجزاء واسعة من هذا البحر عن طريق تشييد الجزر الاصطناعية فيه، وتسيير الدوريات البحرية في مياهه.

وتكمن أهمية الجزر الاصطناعية التي تقيمها الصين في منحها مياها إقليمية خالصة، ومناطق اقتصادية خاصة تحتكر التنقيب فيها على المصادر الطبيعية.

وتضاف إلى ذلك الأهمية العسكرية البالغة بإقامة قواعد عسكرية متقدمة يمكنها مضاهاة حاملات الطائرات الغربية.

وقد انتهجت الصين سياسة بناء الجزر الاصطناعية منذ عام 2013، لا سيما في منطقة جزر سبراتلي وباراسيل، وقوبلت هذه الإجراءات بإدانة دولية واسعة وإجراءات عملية مثل قيام الولايات المتحدة ودول أخرى مثل فرنسا والمملكة المتحدة بعمليات “حرية الملاحة” بالمنطقة منذ عام 2015.

ورغم أن ادعاء الأميركيين بعدم الانحياز لطرف ضد آخر في النزاعات الإقليمية، فإن سفنهم الحربية وطائراتهم العسكرية تجوب المنطقة باعتبارها مياها دولية، بما فيها المناطق القريبة من جزر متنازع عليها، ضمن أنشطة يطلقون عليها “عمليات حرية الملاحة” ويقولون إنها تهدف إلى إبقاء طرق الملاحة البحرية والجوية مفتوحة للجميع.

ويتبادل الصينيون والأميركيون الاتهامات بعسكرة بحر جنوب الصين، مما أدى إلى مخاوف من أن تتجه المنطقة تدريجيا إلى نقطة احتكاك، وأن عواقب أي صدام فيها قد تكون وخيمة على النطاق العالمي.

وتشمل نزاعات بحر جنوب الصين الجزر والشعاب المرجانية والضفاف وغيرها من المناطق، بما فيها جزر سبراتلي وباراسيل ومنطقة سكاربورو الضحلة وحدود مختلفة في خليج تونكين.

A Chinese naval Z-9 helicopter prepares to land aboard the PeopleÕs Liberation Army (Navy) frigate CNS Huangshan (FFG-570) as the ship conducts a series of maneuvers and exchanges with the Arleigh Burke-class guided-missile destroyer USS Sterett (DDG 104) in the South China Sea June 16, 2017. Picture taken June 16, 2017. To match Special Report CHINA-ARMY/NUCLEAR U.S. Navy photo by Mass Communication Specialist 1st Class Byron C. Linder/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY.
سفينة عسكرية تابعة للصين في بحر جنوب الصين 2017 (رويترز)

وثمة نزاعات أخرى تضم المياه الإقليمية بالقرب من جزر ناتونا الإندونيسية، والتي لا يعدّها كثيرون جزءا من بحر جنوب الصين.

وينصب اهتمام الدول المتنازعة على حقوق استغلال مخزون الصيد والوصول إليه، واستكشاف النفط الخام والغاز الطبيعي في قاع البحر بأجزاء مختلفة وإمكانية استغلالهما، والتحكم الإستراتيجي في ممرات الشحن البحري المهمة.

وفي يوليو/تموز 2016، قضت هيئة التحكيم الدائمة في لاهاي بعدم أحقية الصين بامتلاك الجزء الأكبر من مياه بحر جنوب الصين الإستراتيجية، وأيد قرار هيئة التحكيم موقف الفلبين في القضية بشكل كامل تقريبا.

وأعلنت المحكمة في بيانها أنه لا يوجد “أساس قانوني لمطالبة الصين بحقوق تاريخية على الموارد في المناطق البحرية داخل خط النقاط التسع” الذي تستند بكين إليه في مطالبها، وهو وارد في خرائط تعود إلى أربعينيات القرن الماضي.

آسيان وبحر جنوب الصين

تتبنى رابطة دول جنوب شرق آسيا “آسيان” مبدأ أساسيا يقوم على حل النزاعات الإقليمية بالوسائل السلمية. لكن على مر السنين، أدى موقف الرابطة من نزاعات بحر جنوب الصين إلى إضعاف صورتها على المستوى الدولي، وإثارة تساؤلات حول مصداقيتها كمنظمة إقليمية فعالة.

ويعود جزء من ضعف كتلة “آسيان” إلى أن الدول العشر المنضوية تحت مظلتها ترتبط بعلاقات مصلحية مع الدول الكبرى، لا سيما الصين والولايات المتحدة، وأخرى توازن علاقاتهما معهما، بما يحول دون اتخاذ موقف مشترك موحد للمنظمة حيال أي قضية في بحر جنوب الصين.

يضاف إلى ذلك أن عددا من دول “آسيان” لا تشرف على بحر جنوب الصين، وبذلك لا تشعر أنها معنية بالصراع فيه بشكل مباشر.

U.S. Navy handout photo of the guided-missile cruiser USS Antietam (CG 54) is shown in the South China Sea
طراد الصواريخ الموجهة “يو إس إس أنتيتام” التابع للبحرية الأميركية في بحر جنوب الصين (رويترز)

وقد توصلت مجموعة “آسيان” عام 2012 إلى ما يعرف بإعلان “لائحة السلوك” في بحر جنوب الصين، والتي تنص على أن تتحول إلى اتفاقية في غضون 10 سنوات.

ولكن المدة انقضت ولم تصادق عليها دول المجموعة، بينما تعدّها الصين أساسا لضبط الملاحة في البحر محل النزاع، إضافة إلى النقاط التسع التي اعتمدتها وعدّتها حدودا جغرافية.

غير أن تصريحات الولايات المتحدة المتعاقبة تفيد بعدم موافقتها على إعلان السلوك أو النقاط التسع.

الولايات المتحدة وبحر جنوب الصين

ليس لواشنطن أي مطالبة للسيادة في بحر جنوب الصين، لكنها انتقدت بشدة ما سمته “عدوانية” الصين، وأصرت على أن حرية الملاحة للسفن التجارية فيه أمر حيوي للتجارة الإقليمية والدولية.

وتسير الولايات المتحدة دوريات عسكرية مشتركة مع الفلبين واليابان وأستراليا وإندونيسيا، كما زادت الدعم المالي لتعزيز القدرات العسكرية لدول آسيان ودول شرق آسيا، فضلا عن تعزيز التعاون الدفاعي الثنائي مع هذه الدول.

جزر بحر جنوب الصين وأهميتها

  • جزر سبراتلي: يفوق عدد مجموعة جزر سبراتلي 100 جزيرة، تتوزع على 11 إقليما، وعلى مساحة تصل إلى ألف كيلومتر مربع. أدى النزاع بين الصين وفيتنام عليها إلى مواجهة عسكرية يوم 19 يناير/كانون الثاني 1974 وأصبحت بعدها سبراتلي تحت السيطرة الكاملة للصين.
  • جزر باراسيل: بعد انتصار الصين على فيتنام عام 1974 أصبحت مجموعة جزر باراسيل تحت السيطرة الصينية، وهي تتوسط الساحل الجنوبي لجزيرة هاينان وساحل فيتنام الأوسط، وتتكون من 10 جزر وجروف صخرية، وتشغل مساحة 200 كيلومتر مربع.
  • جزر براتاس: تقع على بُعد 300 كيلومتر جنوب شرق هونغ كونغ و548 كيلومترا جنوب تايوان، و500 كيلومتر شمال غرب ليزون أكبر جزر الفلبين. وقد بقيت لمدة طويلة من الزمن تحت السيطرة التايوانية.
  • قطاع ماكلسفيلد: يقع على بعد حوالي 300 كيلومتر جنوب شرق أرخبيل باراسيل، ويبلغ طوله 140 كيلومترا وعرضه 60 كيلومترا، وهو جرف رملي يتكون من مجموعة جزر صغيرة منخفضة، ويقع تحت إدارة منطقة سانشيلد الصينية، ولكن تايوان تطالب به أيضا.

وتحاول أطراف النزاع إثبات أحقيتها في هذه الجزر بادعاءات تاريخية، وتدعي الصين أنها أول من اكتشف هذه الجزر ويشتد النزاع على جزر سبراتلي وبراسيل بشكل خاص نظرا لأهميتها وبنسبة أقل على جزر براتاس وقطاع ماكلسفيلد.


اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Previous post الدولار لن يفقد هيمنته قريبا حتى مع توسع بريكس
Next post Can The Highly Mutated COVID Variant Pirola or BA.2.86 Cause The Fourth Wave?

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading