متابعات ينبوع العرفة:
يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، تابع العالم عن كثب انهيار جدار برلين الذي مهّد لزوال الحدود بين الألمانيتين وتوحدهما. وقد جاء سقوط جدار برلين ليشكل إحدى المراحل الرئيسية بالحرب الباردة التي شارفت على نهايتها على إثر انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط الأنظمة الشيوعية المؤيدة لموسكو بأوروبا الشرقية.
وعلى بعد حوالي 350 كلم جنوب برلين، شهدت العاصمة التشيكوسلوفاكية براغ يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، أي بعد نحو أسبوع عن سقوط جدار برلين، مظاهرات عارمة ضد النظام الشيوعي. وقد انتهت هذه المظاهرات بسقوط العديد من الضحايا تزامنا مع رحيل الحكومة المؤيدة لموسكو.
جانب من احتجاجات براغ عام 1989
بداية الاحتجاجات
يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1989، عاشت تشيكوسلوفاكيا على وقع بداية الثورة الناعمة التي مثلت تحركا سلميا للإطاحة بالسلطة الشيوعية. فخلال الذكرى الخمسين لهجوم النازيين على جامعة براغ وإعدامهم لتسعة طلاب وإرسالهم لأكثر من ألف آخرين نحو معسكرات الموت، نظم طلاب هذه الجامعة حركة احتجاجية قوبلت برد أمني سريع وصارم من طرف الحكومة.
إلى ذلك، حكم الشيوعيون، المدعومون من موسكو، تشيكوسلوفاكيا بقبضة من حديد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد أرسى الشيوعيون بالبلاد نظام الحزب الواحد واتجهوا لمنع حرية التعبير عن الرأي تزامنا مع قمعهم لكل الحركات الاحتجاجية المعارضة. من جهة ثانية، أعادت الثورة الناعمة للأذهان أحداث ربيع براغ عام 1968. فعقب جملة من الإصلاحات السياسية التي رافقتها احتجاجات جماهيرية بالبلاد، اجتاحت قوات حلف وارسو، بقيادة الاتحاد السوفيتي، تشيكوسلوفاكيا متسببة في سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.
وأمام تواصل السياسة الاقتصادية الرديئة للحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي وعدم تحرك السوفيت أمام انهيار جدار برلين، قاد الطلاب التشيكوسلوفاكيون، المدعومون من قبل العديد من المعارضين السياسيين، حركة احتجاجية أملا في إجبار الشيوعيين على ترك السلطة.
صورة لجماهير غفيرة من المحتجين التشيكوسلوفاكيين
نصف مليون متظاهر ونهاية الحزب الشيوعي
وبشوارع براغ وبراتيسلافا، تجمهر الطلاب وأنشدوا يوم 17 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 أناشيد معادية للنظام الشيوعي. وكرد على ذلك، تدخلت قوات مكافحة الشغب واستخدمت القوة لتفريق المتظاهرين متسببة في إصابة العديد منهم. من جهة ثانية، قادت قوات الأمن حملات اعتقال طالت العديد ممن وصفتهم بمثيري الشغب والمتآمرين على أمن البلاد.
يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه، تجمهر نحو 200 ألف متظاهر ببراغ منذ الصباح. وبحلول المساء، ارتفع هذا العدد ليبلغ حوالي نصف مليون متظاهر. وأمام تواصل الاحتجاجات، اتجهت قيادة الحزب الشيوعي، بزعامة ميلوش جاكيس (Miloš Jakeš) للاستقالة يوم 24 من الشهر نفسه. وبعد ثلاثة أيام فقط، شهدت تشيكوسلوفاكيا إضرابا عاما استمر لساعتين وشل جميع قطاعات البلاد.
مع تواصل الاحتجاجات وعدم تدخل موسكو، أعلن الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي عن تخليه عن السلطة وإنهاء سياسة الحزب الواحد يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1989. ومطلع كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، اتجهت تشيكوسلوفاكيا لإزالة الأسلاك الشائكة التي كانت قد وضعتها سابقا على حدودها مع كل من ألمانيا الغربية والنمسا.
يوم 10 كانون الأول/ديسمبر 1989، عيّن الرئيس غوستاف هوساك (Gustáv Husák) أول حكومة ذات أغلبية ليبيرالية بتاريخ البلاد منذ العام 1948 قبل أن يستقيل من منصبه. وبحلول حزيران/يونيو 1990، شهدت البلاد أول انتخابات ديمقراطية منذ العام 1946. وأواخر العام 1992، انقسمت تشيكوسلوفاكيا بشكل سلمي لجمهوريتي تشيكيا وسلوفاكيا.
الجدير بالذكر ان خبر “بثورة ناعمة.. فقدت موسكو أحد أبرز حلفائها” تم اقتباسه والتعديل عليه من قبل فريق يبوع المعرفة والمصدر الأساسي هو المعني بصحة الخبر من عدمه.
وموقع ينبوع المعرفة يرحب بكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمتابعة كافة الأحداث والأخبار اول بأول.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.