عمان- تتعدد أوجه المنافسة بين الأطفال، وتشمل مجالات مختلفة مثل السعي لمركز القيادة أو الفوز بلقب البطل أو الطالب المتفوّق في المدرسة، ويعتقد البعض أن المنافسة ضارة، لكن آخرين يرون أنها مفيدة. فما مزايا المنافسة بين الأطفال وعيوبها؟ وكيف يمكن تعزيز حضورها الإيجابي لدى الناشئة؟
يعرِّف المستشار في الطب النفسي الدكتور أشرف الصالحي التنافس بأنه عبارة عن سلوك يتخذه الفرد إما للنجاح أو الدفاع أو السيطرة، وقد يكون إيجابيا أو سلبيا؛ فالتنافس ظاهرة نفسية تعمل على تنمية القوى العقلية والعاطفية للطفل، ولكسب مجموعة من المهارات التي تساعده في التوافق الاجتماعي ومواجهة المواقف الجديدة التي تحدث حوله من الخبرات والتجارب الحياتية.
ويشرح الصالحي أن بعض الأطفال لديهم ميل إلى التنافس أكثر من غيرهم، إذ يشكل ذلك جزءا من تكوينهم الشخصي، مشيرا إلى أن للأمر جوانب إيجابية وأخرى سلبية، ومن واجب الوالدين الانتباه إلى المسائل التي يتنافس عليها الأبناء مع أقرانهم، والعمل على تنمية روح التنافس الإيجابي وروح العمل الجماعي مع الأطفال من دون كره الآخرين.
تنمية التنافس الصحي
ينصح الصالحي الآباء بضرورة أن يعلّموا أبناءهم التنافس مع أقرانهم على الأنشطة النافعة لأنها تستحق المنافسة وأن يكونوا قدوة لأبنائهم، فيتحدث الأهل أمام أطفالهم عن إنجازاتهم، حتى يتعلموا منذ الصغر أن يركزوا على الإنجازات أكثر من التركيز على تفوّق الآخرين.
ويوضح أن تنمية التنافس الصحي والتحفيز عليه يكون لفظا وسلوكا، بحيث يركّز التشجيع دائما على الأداء الذي يقوم به الطفل في إنجاز لعبة ما أو نشاط معين في وقت محدد، مع التركيز على كلمات مثل “ممتاز” و”شجاع” و”قوي”.
ويشدّد على ضرورة أن يكون الأهل على دراية بالمجالات التي يُبدع فيها ابنهم ويُخرج فيها قدراته، مثل الألعاب الذهنية والحركية والعقلية، والموسيقى، بالإضافة إلى تأمين أنشطة منزلية للأطفال تلائم أعمارهم؛ مما يعزّز الجانب التنافسي بينهم، كما أن توجيه الطفل نحو الأداء والتميّز وشعوره بالإنجاز وتحقيق الهدف ينمّي لديه الثقة بالنفس.
وأضاف “علينا تشجيع الطفل وتحفيزه ضمن قدراته العقلية أو الجسدية، وألا نشجعه فقط على الفوز، لإدراكنا أنه قد ينجح أو يخسر. وعلينا تجنّب إلقاء اللوم عليه عند خسارته في نشاط معين، لأن الانتقاد واللوم المتكرّر يؤثر في شخصيته وينعكس سلبا على علاقاته مع محيطه، فيُولّد لديه الكراهية والغيرة والحقد بينه وبين الآخرين”.
التنمّر
ترى المستشارة التربوية بشرى عربيات أنه من الطبيعي أن تكون هناك منافسة بين الأطفال، سواء داخل الأسرة أو في المدرسة، ولا بد من التعامل مع الأمر بحذر شديد كي لا ينعكس ذلك على الطلاب إحباطا ويأسا جراء عدم قدرة بعضهم على التنافس مع الآخرين؛ وهذا يتطلب من التربويين اعتماد أساليب وفنون للتعامل مع الطلبة، على اختلاف قدراتهم وإمكاناتهم.
وتلفت عربيات إلى وجود عواقب وخيمة للمنافسة غير الصحية، ومنها التنمّر وعدم التفاعل بين المعلم والطالب، فضلا عن تراجع التحصيل الدراسي للطلبة مع تراجع وضعهم النفسي.
إدارة سلوك التنافس
يقول المتخصص التربوي والأسري الدكتور عايش نوايسة إن البيئة الإيجابية تُعد مطلبا مهما لتحقيق نمو شامل ومتوازن للطفل، وهذا يتطلب من التربويين أو الأهل سلوكا اجتماعيا وتعاملا نفسيا وعاطفيا سليما مع الطفل في المجالات كافة، مع الاعتماد على التحفيز وجعل عملية النمو منطقية وضمن سياقها الطبيعي.
ومن شأن ذلك أن يسهم في نمو الطفل ويساعده في التقدّم تربويا وتعليميا، مما ينعكس إيجابا على سلوكه وشخصيته وعلاقاته مع أقرانه والمحيط الذي يعيش فيه، ويتطلب ذلك من الأسر والتربويين رعاية خاصة للطفل تبعده عن التفكير في الأنا، وتجعله يفهم التنافس ضمن إطاره الاجتماعي.
فوائد المنافسة وعواقبها
ونشر موقع “بيرنتسن كيدز” (parentsnkids) بعض مزايا المنافسة بين الأطفال وعيوبها، فأشار إلى أن أهم المزايا هي:
- إعداد الأطفال لظروف الحياة الحقيقية في المستقبل.
- مساعدة الأطفال على تعلم المهارات الحياتية الأساسية، مثل المثابرة والمرونة، وكلها مفيدة لهم في مرحلة البلوغ.
- تشجيع الأطفال على التعلم من أخطائهم والمحاولة دائما، فالفشل أو الخطأ اللذان يقع فيهما الطفل يمكن أن يساعداه على أن يصبح شخصا أكثر صلابة، فلا ينهار عند مواجهة أو صعوبة تعترض طريقه.
أما بشأن عواقب المنافسة، فأهمها ما يلي:
- قد يؤدي الإجهاد المفرط في المنافسة إلى مشاعر سلبية تؤثر في الطفل.
- يمكن أن تؤثر المنافسة سلبا في تقدير الطفل لذاته، إذا اعتقد أنه لا يرقى إلى المستوى المطلوب أو لا يُكافَأ على جهوده.
- قد يؤدي امتعاض الوالدين من الطفل -إذا أخفق في المنافسة- إلى شعوره بالقلق وعدم الأمان، لاعتقاده بأنه ليس جيدا بما فيه الكفاية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.