تسلط نتائج الدراسة الضوء على التأثير الكبير للأنشطة البشرية على القطب الشمالي وتوضح أهمية التخطيط للتكيف معه، والذي قد يصبح خاليا من الجليد البحري موسميا في المستقبل القريب
حذرت دراسة جديدة من أن القطب الشمالي قد يصبح خاليا من الجليد البحري خلال سبتمبر/أيلول في وقت مبكر من ثلاثينيات القرن الحالي حتى في ظل سيناريو انبعاثات منخفضة، وقبل نحو عقد من الزمن أسرع مما كان متوقعا سابقا.
ووفقا لنتائج الدراسة التي نشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications) يوم السادس من يونيو/حزيران الجاري، فقد شهد الجليد البحري في القطب الشمالي انخفاضا سريعا في جميع الفصول خلال العقود الأخيرة مع تزايد الانخفاض الذي حدث منذ عام 2000.
ويتوقع المؤلفون أن القطب الشمالي قد يكون خاليا من الجليد البحري في سبتمبر/أيلول بحلول عام 2030 في ظل جميع سيناريوهات الانبعاثات، ويتناقض هذا مع التقييمات السابقة التي نوقشت في تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ “آي بي سي سي” (IPCC)، والتي لم تتوقع مستقبلا خاليا من الجليد البحري في القطب الشمالي بالصيف في ظل انبعاثات منخفضة.
نماذج مناخية
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة سيونغ كي مين أستاذ العلوم البيئية في جامعة بوهانغ للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية إن الفريق استخدم نماذج حاسوبية لمحاكاة السيناريوهات المحتملة لتغير المناخ، ووجد أن ظروفا بيئية خالية من الجليد يتوقع أن تحدث حتى في سيناريو الانبعاثات المنخفضة.
وأوضح سيونغ في تصريح للجزيرة نت “قمنا بتعديل النماذج وتوسيع نطاقها بناء على البيانات التي تم جمعها على مدار العام، وأظهرت نتائجنا أن للانبعاثات تأثيرات عميقة على القطب الشمالي، وأن دراسات النمذجة الحاسوبية السابقة قللت بشكل كبير الاتجاه السائد في انخفاض الجليد البحري بالمنطقة”.
ويؤثر الجليد البحري على كائنات القطب الشمالي والحياة البرية مثل الدببة القطبية وحيوانات أخرى تعيش في المنطقة، كما أنه يساعد في تنظيم درجة حرارة الكوكب من خلال التأثير على دورات الغلاف الجوي والمحيطات.
وأشار سيونغ إلى أن خلو القطب الشمالي من الجليد سيؤدي إلى تسخينه بشكل أسرع وأقوى، ومن ثم فقد يتسبب الاحترار في زيادة حدوث ظواهر الطقس المتطرفة.
ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي إلى تغيرات في دورات الغلاف الجوي، مثل حدوث مزيد من التقلبات في التيارات النفاثة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وزيادة احتمالية حدوث موجات الحرارة وحرائق الغابات والبرد المفاجئ وهطول الأمطار الغزيرة في نصف الكرة الشمالي.
التدخلات البشرية
ويؤثر خلو القطب الشمالي من الجليد البحري على المجتمعات البشرية والنظم البيئية الطبيعية داخله وخارجه من خلال صور عدة، مثل تغيير النشاط البحري، وزيادة تسريع احترار هذا القطب، وتغيير دورة الكربون.
ووفقا للدراسة، يمكن ملاحظة التأثير البشري على انخفاض الجليد البحري في القطب الشمالي على مدار العام، ويمكن أن يعزى إلى حد كبير إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من حرق النفط والغاز والفحم.
ولتحليل المساهمة البشرية في انحسار الجليد البحري في القطب الشمالي وعرض مساره المستقبلي استخدم الفريق بيانات الرصد الجوي في الفترة من 1979 إلى 2019 لمحاكاة نماذج المناخ.
وتشير النتائج إلى أن التأثير البشري على انخفاض الجليد البحري في القطب الشمالي يمكن ملاحظته بسهولة، بعكس مساهمات الهباء الجوي والعوامل الطبيعية (مثل النشاط الشمسي والبركاني) التي رصدت أماراتها بشكل أقل من ذلك بكثير.
وتسلط نتائج الدراسة الضوء على التأثير الكبير للأنشطة البشرية على القطب الشمالي وتوضح أهمية التخطيط للتكيف معه، والذي قد يصبح خاليا من الجليد البحري موسميا في المستقبل القريب، وفقا للبيان الصحفي المصاحب للدراسة والمنشور على موقع “نيتشر آسيا” (Nature Asia).
ويعتقد المؤلفون أن الجليد لن يختفي تماما في فصول الصيف من القطب الشمالي، لكن التأثير الأكبر سيبدو سنويا في سبتمبر/أيلول، وسيظل هناك بعض الجليد البحري الصيفي في الأجزاء النائية من المحيط المتجمد الشمالي.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.