الخرطوم- مع دخول أمد القتال بين الجيش السوداني والدعم السريع الشهر الثالث، يواجه السودانيون شبح أزمات اقتصادية متعددة مع ندرة السلع وارتفاع أسعار المواد الغذائية ومخاوف من نفاد المخزون الإستراتيجي.
رئيس الغرفة التجارية بولاية الخرطوم حسن عيسى قال للجزيرة نت إن البلاد بدأت استهلاك المخزون الإستراتيجي للسلع الرئيسية، ويتزامن ذلك مع ارتفاع الأسعار، حيث ارتفع رطل الشاي من ألف جنيه (دولارين) إلى 10 آلاف جنيه (20 دولارا)، مع شح المعروض.
وأضاف عيسى “توقفت المصانع التي كان مركزها العاصمة، وتوقف الإنتاج، بجانب شح السيولة، وإذا استمر الوضع على هذا النمط الاستهلاكي فلن يكفي المخزون شهرا آخر”.
الإمداد الغذائي
من جانبه، قال المهندس الزراعي بإدارة الأمن الغذائي عمار حسن بشير للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع عملت على تدمير البنية التحتية الصناعية والغذائية، وكسر بعض خطوط إمداد الغذاء والإنتاج والحصاد وطرق الوصول للأسواق والمستهلكين.
وأكد بشير أن انعدام الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد يهدد توافر الغذاء ويؤثر على الإمداد الغذائي بصورة فعالة، وتحدث عن تأثر أكثر من 19 مليون شخص (أي 40% من السكان) بتراجع الأمن الغذائي الحاد في السودان.
وتوقع برنامج الغذاء العالمي انزلاق نحو 2.5 مليون شخص في السودان إلى الجوع في الأشهر القادمة بسبب الحرب.
ارتفاع الأسعار
بدوره، قال الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي إن الحرب أدت إلى استمرار انخفاض مستويات المعيشة مع تزايد اضطراب السوق وارتفاع الأسعار.
وأكد فتحي -في حديث للجزيرة نت- أن أسعار المواد الغذائية الأساسية تتأثر بتغيرات الأسعار العالمية، وقال إنه في ظل عدم الاستقرار الأمني والسياسي ومع ارتفاع أسعار الطاقة والتباطؤ الاقتصادي؛ ستتراجع قدرة السودان في تأمين حاجاته من الغذاء، مما يؤدي إلى انخفاض المخزون الإستراتيجي منها.
وتحدثت الصحفية الاقتصادية رحاب فريني للجزيرة نت عن مواجهة السودانيين نقصا حادا في السلع الأساسية بسبب توقف المصانع وواردات بعض السلع، وانعكس ذلك في ارتفاع كبير للأسعار في الأسواق.
واستبعدت فريني حدوث فجوة غذائية بسبب وجود مخزون إستراتيجي كاف، إضافة إلى نشاط التجارة الحدودية مع إثيوبيا، مع توقعات بتدفق السلع الضرورية للأسواق لتغطية الفجوة في حال استمرار توقف المصانع.
ورغم تضاعف أسعار السلع الاستهلاكية، توقع التاجر فتح الله حبيب الله انخفاض الأسعار في الأسابيع القادمة بسبب انسياب حركة الواردات وتحويل بعض المنشآت الصناعية خارج الخرطوم.
الموسم الزراعي
ويرى مختصون أن القطاع الزراعي الذي يعتمد عليه بشكل رئيسي في توفير الغذاء في السودان يواجه عددا من التحديات خلال هذا الموسم، وحذر غريق كمبال نائب رئيس تجمع مزارعي القطاع المطري بالسودان من أزمة غذائية حادة قد تشهدها البلاد إذا لم تتم زراعة المساحات المستهدفة هذا الموسم التي تقدر بنحو 40 ألف مليون فدان.
وقال غريق للجزيرة نت إن الموسم الزراعي يشهد بداية متعسرة، حيثُ أثرت الحرب على التمويل الزراعي وتوافر السيولة، كما ارتفع سعر الغازولين ليصل سعر البرميل الواحد في بعض المناطق إلى نصف مليار جنيه (ما يعادل ألف دولار)، كما أن هناك صعوبة للزراعة في الولايات التي تشهد تدهورا أمنيا وعدم استقرار مثل ولايات دارفور وجنوب كردفان.
في المقابل، قال وزير الزراعة المكلف أبو بكر عمر البشرى للجزيرة نت إن لجنة عُليا قامت بحصر إنتاجية الموسم السابق وبلغت كمية الحبوب من الذرة والدخن 8 ملايين طن، واستهلاك البلاد لا يتجاوز 5 ملايين طن، وهناك نحو 3 ملايين طن أضيفت للمخزون الإستراتيجي للحبوب. وأضاف أنه تم وضع نحو 63 مليون فدان للزراعة في خطة هذا العام.
وأكد المسؤول السوداني أن السودان يستقبل موسم الأمطار قريبا مما يساعد على زيادة الإنتاج، وتم إدخال التقاوي والوقود اللازم لولايات دارفور وجنوب كردفان حتى لا تخرج من إنتاجية الموسم القادم. وأضاف “نتوقع موسما جيدا رغم شح الإمكانات نتيجة الحرب. السودان لن يجوع”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.