اتهم الجيش السوداني قوات الدعم السريع باغتيال واختطاف عدد من المتقاعدين من ضباط القوات المسلحة والشرطة والأمن، بينما تباينت تصريحات القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) بشأن عملية التفاوض.
كما اتهم الجيش السوداني -في بيان- من وصفهم بالمتمردين بمواصلة خرق الهدنة، مما تطلب التعامل العسكري من طرف الجيش مع تلك الخروقات.
وأضاف أن قوات الدعم السريع واصلت القصف العشوائي في الخرطوم بحري وأم درمان والخرطوم، لإجبار السكان المدنيين على إخلاء هذه المناطق.
كما قال الجيش السوداني إنه كبّد من وصفهم بالمتمردين خسائر كبيرة في معارك بـ”جبل أولياء”، وإنه استولى على مدرعة إماراتية ومدفعين.
من جهتها، جددت قوات الدعم السريع التزامها الكامل بالهدنة الإنسانية المعلنة لفتح ممرات آمنة للمواطنين، من أجل توفير احتياجاتهم الأساسية ولتسهيل عمليات إجلاء الرعايا الأجانب.
وقالت قوات الدعم السريع -في بيان- إنها تصدت بحسم لهجمات من وصفتهم بالانقلابيين والفلول، في مخالفة وخرق بائن للهدنة الإنسانية، وألحقت بهم خسائر كبيرة في الأرواح.
وأكدت سيطرتها المُحكمة على 90% من ولاية الخرطوم وجميع المنافذ المؤدية إليها، كما قالت إنها حاولت معالجة مشكلة مياه الخرطوم بحري، إلا أن ما وصفها البيان بقوات الانقلابيين أطلقت النار وعطلت إصلاح محطة المياه.
البرهان يرفض الجلوس مع حميدتي
وفي موضوع التفاوض، قال القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان إنه لا يمكن الجلوس مع من وصفه بقائد المليشيا، لأنه يقود تمردا يجب حسمه.
ونقلت القوات المسلحة السودانية عن البرهان قوله إنه لا مجال لهذه المليشيا إلا الزوال، عبر التفاوض في كيفية استيعابها داخل القوات المسلحة أو قتالها من الشعب السوداني كافة، بحسب تعبيره.
وأضاف أنه لا يمكن لما سماها “مليشيا قبلية” -في إشارة إلى قوات الدعم السريع- أن تتحدث عن الديمقراطية والتحول المدني، مشيرا إلى أن من وصفهم بالمتمردين يتخذون المواطنين دروعا بشرية، وأكد أن الجيش يسيطر على كل السودان عدا بؤر قليلة في دارفور سيتم حسمها قريبا، بحسب قوله.
واعتبر البرهان أن محاولات ربط القوات المسلحة وقيادتها بالنظام السابق أضحت “ممجوجة” ولا تفوت على فطنة الشعب، وأكد أن القوات المسلحة يمكنها حسم المعركة في وقت قصير جدا، لكنها تعمل على الحفاظ على البنية التحتية وحماية المدنيين.
حميدتي مستعد للتفاوض
وبالمقابل، قال قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي إنه مستعد لإجراء مفاوضات مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بشرط أن يتوقف القتال أولا.
وأضاف حميدتي في لقاء صحفي أنه يتطلع إلى تشكيل حكومة مدنية بالكامل اليوم قبل غد، على حد تعبيره.
وأكد أنه ليست لديه خلافات مع البرهان لكنه يعتبره “خائنا” لأنه أعاد أنصار الرئيس السابق عمر البشير إلى الحكومة، مشيرا إلى إن من وصفهم بقادة الجبهة الإسلامية الراديكالية هم من يقودون البرهان، على حد وصفه.
وردا على سؤال بشأن من أطلق الرصاصة الأولى في المواجهات الحالية، قال حميدتي إن قواته ليست من أطلقها، وإنهم تفاجؤوا بها في وقت كان فيه جميع الوسطاء حاضرين، بعد أن اتفقت الأطراف على الجلوس الساعة العاشرة صباحا والتوقيع على الاتفاقية النهائية، على حد قوله.
وكان يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، قد قال للجزيرة إن هدفهم الوحيد هو منع عودة النظام السابق للحكم، وأشار إلى أن هناك تنظيما داخل الجيش يضم عناصر النظام السابق، وأنه هو من اتخذ قرار الحرب.
العنف القبلي في إقليم دارفور
في غضون ذلك، قدّرت الأمم المتحدة عدد ضحايا العنف القبلي في إقليم دارفور غربي البلاد بنحو 100 شخص منذ الاثنين الماضي، كما تحدثت عن رصد توزيع أسلحة على المدنيين.
وتجددت النزاعات القبلية في دارفور بعد اندلاع المعارك بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
وأظهرت صور آثار الدمار الذي لحق بالمحال التجارية والمنازل في مدينة الجنينة بسبب الاشتباكات التي وقعت أمس.
التحركات الدولية
وفي السياق ذاته، قال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في السودان فولكر بيرتس إنه تمت دعوة دول المنطقة المهمة لاستضافة البرهان وحميدتي للتوسط بينهما.
وفي مقابلة مع الجزيرة، أضاف بيرتس أن المخرج الآن من الأزمة في السودان هو التوصل إلى هدنة وآلية واضحة لمراقبة تنفيذها.
وحذر بيرتس من أنه في حال رفض أي جهة في السودان الاستجابة للحوار، فإنها ستكون معزولة دوليا حتى لو انتصرت في الحرب.
من جهته، حذر ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، من أن طول أمد القتال في السودان سيزيد من مخاطر زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وأكد دوجاريك أهمية استمرار كل الدول والمنظمات المعنية بالوضع السوداني، في استخدام نفوذها لوقف القتال.
وبدوره، دعا وزير الإعلام بدولة جنوب السودان مايكل مكوي لويث الأطراف المتحاربة في السودان للاستماع إلى الأسرة الدولية ودول المنطقة، والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفي واشنطن، قال فيدانت باتيل نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية إن واشنطن تتواصل مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من أجل الالتزام بوقف إطلاق النار ومواصلة تمديده.
وأكد باتيل أهمية الوصول إلى مرحلة يمكن فيها تحقيق وقف دائم للأعمال العدائية، بما يسمح باستمرار إجلاء المواطنين الأميركيين ورعايا الحلفاء والشركاء.
وأكد سفير النرويج في السودان إندرو ستيانسن ضرورة دفع الأطراف السودانية إلى وقف إطلاق نار حقيقي.
وأضاف -في نشرة سابقة مع الجزيرة- أنه يجب أن تربط أي وساطة الوضع الراهن بما كان قائما في السابق من عملية سياسية انتقالية.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.