مراسلو الجزيرة نت
شمال سوريا- بعد رحلة معاناة مضنية مع مرض السرطان، ودّعت أسرة “رئيسي” السورية طفلها محمد غياث، ذا الـ6 سنوات، بعد أن أخفقت محاولات عبوره من إدلب شمال غربي سوريا إلى الأراضي التركية، بهدف الحصول على العلاج الذي تفتقده مناطق سيطرة المعارضة السورية المنهكة من الحرب والحصار.
ويوما بعد آخر، كانت تتلاشى لدى الأسرة آمال نجاته لتعثّر معاملة حصوله على إذن للدخول، في وقت كان المرض ينهش جسده الصغير الذي لم يعد قادرا على التحمل، ثم لم تكتب له النجاة.
آلاف المرضى
وتُقدّر مصادر طبية في إدلب أعداد مرضى السرطان في شمال غرب سوريا بأكثر من 3 آلاف مصاب يحتاجون لمساعدة عاجلة، 65% منهم أطفال ونساء، مع زيادة يومية تُقدر بـ3 حالات تقريبا.
وتشير المصادر إلى تسجيل أكثر من 600 حالة إصابة بالمرض بعد كارثة زلزال فبراير/شباط الذي ضرب تركيا وسوريا، بينها 150 طفلا و200 امرأة، في حين توقّف إدخال مرضى السرطان إلى تركيا للحصول على العلاج بعد الكارثة، وسُمح أخيرا بعبور حالات قليلة ضمن شروط توصف بأنها قاسية.
مركز وحيد
يتحدث مدير صحة إدلب الدكتور زهير القراط، عن وجود مركز وحيد في المنطقة الواقعة شمال غربي سوريا، لعلاج حالات مرضى السرطان البسيطة، في حين يتم تحويل كافة مرضى الحالات المتقدمة والمعقدة للحصول على العلاج داخل المستشفيات التركية من خلال معبر باب الهوى الحدودي.
وقال القراط للجزيرة نت، إن أغلب حالات مرضى السرطان التي تتطلب الحصول على جرعات كيميائية أو علاج بالأشعة لا يمكن علاجها في الشمال السوري، ويتم التنسيق كي تنقل إلى داخل الأراضي التركية.
ووفق المسؤول الصحي، فإن التشاور مع الجانب التركي يتم بشكل يومي ولحظي مؤخرا لإدخال المرضى عن طريق المكتب الطبي في معبر باب الهوى، لكن يتم الاعتذار عن استقبالهم في الوقت الحالي نتيجة تداعيات الزلزال وتضرر مستشفى علاج السرطان في ولاية هاتاي وخروجه من الخدمة.
وحول الحل الأمثل على المدى الطويل، تحدث القراط عن مشروع لإنشاء مركز لعلاج الأمراض السرطانية في شمال غرب سوريا، بالتنسيق والتعاون مع المنظمات الإنسانية ومؤسسة “الدفاع المدني السوري”، لتقديم العلاج محليا وعدم الحاجة لدخول أي مريض إلى تركيا مستقبلا.
اعتصام المرضى
ولإيصال أوجاع المصابين الصامتين، تداعى نشطاء إعلاميون وعاملون في الشأن الطبي والإنساني إلى حملة مناصرة واسعة للمرضى شملت سوريا ودول الجوار والعالم، بهدف تسليط الضوء على مأساتهم، والمطالبة بالتدخل العاجل لإدخالهم إلى تركيا، أو توفير العلاج لهم في مستشفيات شمال غرب البلاد.
وتداول عدد من الإعلاميين السوريين تسجيلات مصورة يحلقون خلالها شعر رؤوسهم تضامنا مع الأطفال المصابين بالمرض والذين أبدى البعض منهم الخجل والرهاب من المجتمع عقب تساقط شعرهم.
وبالقرب من معبر باب الهوى الذي ينظر إليه كممر لمرضى السرطان إلى الأراضي التركية، نظّم ناشطون ومرضى سرطان وعاملون في الشأن الصحي اعتصاما مفتوحا، بهدف الضغط على أصحاب القرار، للسماح بعبور المرضى.
ورفع المشاركون في الاعتصام لافتات وصورا تحث على العبور الفوري للمصابين، محذّرين من تفاقم حالتهم الصحية يوما بعد آخر ومن أن مرض السرطان لا ينتظر، في ظل ضعف الكوادر الطبية في شمال غربي سوريا وعدم القدرة على تأمين العلاج الناجع للمرضى.
6 وفيات منذ بدء الحملة
وقال الإعلامي أحمد رحال، أحد منسقي الحملة التي رفعت شعار “أنقذوا مرضى السرطان”، “اليوم نشارك مرضى السرطان أنفسهم من خلال اعتصام هنا بالقرب من الحدود السورية التركية، للتأكيد على مطالبهم وحقهم المشروع في العلاج بالمستشفيات التركية أو أي دولة أخرى يمكن أن تستقبلهم”.
وأضاف رحال -في حديث للجزيرة نت- أن المرضى حضروا للمشاركة في الاعتصام رغم حالتهم الصحية المتردية وحرارة الشمس الحارقة، قائلين إنهم إما أن يموتوا هنا في خيام الاعتصام أو يسمح لهم بالدخول للحصول على العلاج.
وأشار رحال إلى أن 6 أشخاص بينهم أطفال فقدوا حياتهم متأثرين بالإصابة بمرض السرطان منذ بدء حملة المناصرة، نتيجة إغلاق معبر باب الهوى الحدودي في وجههم، محذرا من وفيات جديدة لحالات حرجة من المرضى.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.