مراسلو الجزيرة نت
طهران- على وقع تطورات دبلوماسية إقليمية وضعت حدا للقطيعة بين طهران والرياض وحرّكت المياه الراكدة في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، صباح الأربعاء، زيارة إلى دمشق تلبية لدعوة رسمية من رئيس النظام السوري بشار الأسد.
ورغم أن الزيارة كانت قد وُضعت منذ عام على جدول أعمال الجانبين، إلا أن السفير الإيراني لدى دمشق حسين أكبري وصفها بـ”بالغة الأهمية نظرا للتغيرات والتطورات التي تحدث في المنطقة”.
ورسميا، يقول المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي بهادري جهرمي، إن زيارة رئيسي إلى سوريا “تركز على تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين”. بيد أن تركيبة الوفد المرافق للرئيس الإيراني المكون من وزراء الخارجية والدفاع والنفط والطرق والاتصالات تشير إلى أن الأجندة المدرجة على جدول المباحثات تفوق الجانبين السياسي والاقتصادي، وستركز على ما يحمله أعضاء الوفد الإيراني.
أهمية التوقيت
ولطالما قدمت إيران شتى أنواع الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لدمشق خلال فترة الحرب التي اندلعت عام 2011. وكتب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان -في تغريدة على تويتر قبيل مغادرته طهران- أن أهمية الزيارة تدل على “انتصار الإرادة السياسية للمقاومة، علاوة على أبعادها السياسية والاقتصادية والأمنية”.
ويرى مراقبون إيرانيون، في العوامل التالية أسبابا جوهرية لتلبية رئيسي دعوة الجانب السوري في التوقيت الراهن:
- عزم طهران ودمشق على تعزيز التعاون الثنائي وتكريس النفوذ الإيراني بمحاذاة “فلسطين المحتلة”.
- الاتفاق الإيراني السعودي على استئناف العلاقات الدبلوماسية.
- الاجتماعات التشاورية العربية من أجل إعادة سوريا إلى الحضن العربي.
وفي السياق، تستذكر الباحثة في الشؤون الدولية، برستو بهرامي راد، الثمن الباهض الذي دفعته بلادها دعما للنظام السوري طوال أكثر من عقد، مؤكدة أن الزيارة تأتي تتويجا للسياسة التي راهنت طهران عليها في الوقوف إلى جانب حكومة دمشق. مستدركة أنه من حق بلادها “أن تقطف ثمرة محاربة الإرهاب” في سوريا خلال فترة السلم وإعادة الإعمار فيها.
وفي حديثها للجزيرة نت، تعتقد بهرامي راد أن أهمية الزيارة تكمن في توقيتها المناسب، حيث توشك دمشق على الخروج من “أزمة النزاع الأهلي” والعودة إلى الحضن العربي والشروع بمرحلة إعادة الإعمار، مضيفة أن زيارة رئيسي إلى سوريا تأجلت نحو عام حتى تنجح المفاوضات الإيرانية السعودية.
قضايا إستراتيجية
أما بشأن توقيع طهران ودمشق اتفاقيات طويلة المدى على شتى الصعد لا سيما في التعاون العسكري والاقتصادي والتجاري، تؤكد بهرامي راد أن بلادها تولي اهتماما بالغا لعلاقاتها مع سوريا وذلك لما تتمتع به الأخيرة من موقع “جيو-إستراتيجي” في الشرق الأوسط، مستدركة أن مباحثات الجانبين الإيراني والسوري ستتناول قضايا إستراتيجية إلى جانب التعاون الاقتصادي.
وعلى النقيض من التحليل الذي يرى أن تطبيع العلاقات العربية مع سوريا سيتم على حساب علاقات الأخيرة مع طهران، تعتقد الباحثة الإيرانية أن علاقات بلادها مع دمشق تعززت عقب الأزمة السورية وأن زيارة رئيسي في التوقيت الراهن تدحض هذه الفرضية.
وتعود جذور التحالف بين طهران ودمشق إلى فترة الحرب العراقية الإيرانية حيث وقف نظام البعث السوري إلى جانب الجمهورية الإسلامية، ثم أصبحت دمشق حلقة رئيسية في تحالف “محور المقاومة” وهمزة وصل بين طهران والحركات المتحالفة معها.
جبهة أمامية
من ناحيته، يشير القيادي السابق في الحرس الثوري العميد المتقاعد حسين كنعاني مقدم، إلى الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على أهداف لـ”المقاومة” في سوريا، موضحا أن تل أبيب سعت حثيثا خلال السنوات الماضية لوضع حد للنفوذ الإيراني “قرب حدود فلسطين المحتلة” لكن دون جدوى، واصفا زيارة رئيسي اليوم بأنها فشل ذريع للسياسة الصهيونية، على حد قوله.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح كنعاني مقدم أن بلاده تعمل على تعزيز جبهة أمامية في الجولان السوري لمواجهة إسرائيل، وتوقّع أن يحتل موضوع إنشاء قواعد عسكرية وصاروخية إيرانية في الجولان السوري إلى جانب تشكيل قوات التدخل السريع جزءا أساسيا من المباحثات الإيرانية – السورية.
وكان الجانبان الإيراني والسوري قد اتفقا في فبراير/شباط الماضي على أن تزوّد طهران الجيش السوري بصواريخ الدفاع الجوي “15 خُرداد” لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية.
الرئيس الإيراني الدكتور إبراهيم رئيسي سيلتقي خلال زيارته لسوريا والتي ستستمر ليومين مع كبار المسؤولين السوريين من بينهم الرئيس السوري السيد بشار الأسد وسيتم خلال الزيارة بحث سبل تعزيز وتقوية العلاقات السياسية والرقي بمستوى التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.#إيران #سوريا pic.twitter.com/5P0RG4d5Rr
— حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية (@IranGov_ar) May 3, 2023
رسائل ودلالات
وتابع القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني، أن موضوع مشاركة الرئيس رئيسي في “حفل انتصار المقاومة في سوريا”، سيبعث برسالة مفادها أن “الأزمة السورية عززت قدرات تحالف المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني”، موضحا أن الزيارة تجسد النفوذ الإيراني بمواجهة إسرائيل عقب “تعافي” سوريا من أزمتها.
وكان مساعد الشؤون السياسية في مكتب الرئاسة الإيرانية محمد جمشيدي، قد أعلن أن الرئيس رئيسي سيشارك “في حفل انتصار المقاومة” خلال زيارته إلی سوريا، مؤكدا -في تغريدة على تويتر- أن منطقة الشرق الأوسط اجتازت تطورا جيوسياسيا اتسم بالعنف لفترة 12 عاما وأن بلاده هي التي خرجت منتصرة من هذه التطورات، واصفا الولايات المتحدة بأنها كانت الخاسر الوحيد في منطقة غرب آسيا.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.