شككت الخبيرة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي آشلي تيليس في انحياز الهند إلى الولايات المتحدة ضد الصين.
وأشارت في مقال لها بمجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) الأميركية إلى أن واشنطن على مدى العقدين الماضيين راهنت رهانا ضخما، في منطقة المحيطين الهندي والهادي، على أن معاملة الهند كشريك رئيسي سيساعدها في تنافسها الجيوسياسي مع بكين.
ومنذ عهد جورج دبليو بوش إلى الآن والرؤساء الأميركيون المتعاقبون يعززون، وفقا للخبيرة، قدرات الهند على افتراض أن القيام بذلك يقوي تلقائيا “القوى المؤيدة للحرية في آسيا”.
بل إن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، وفقا لتيليس، تبنت بحماسة تلك الخطة وزادت عليها بإطلاق مبادرة جديدة طموحة لتوسيع وصول الهند إلى أحدث التقنيات وتعميق التعاون الدفاعي بشكل أكبر، وجعلت الحوار الأمني الرباعي، الذي يشمل أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، ركيزة لإستراتيجيتها الإقليمية.
ولفتت الخبيرة الأميركية إلى أن هذه الإدارة تجاهلت، في الوقت ذاته، التآكل الديمقراطي وخياراتها غير المفيدة في السياسة الخارجية، مثل رفضها إدانة عدوان موسكو المستمر في أوكرانيا.
وعلقت بأنها فعلت كل هذا على افتراض أن نيودلهي سوف تستجيب بشكل إيجابي عندما تطلب واشنطن خدمة، خلال أزمة إقليمية مع الصين.
وحسب الكاتبة، فإن توقعات واشنطن الحالية في غير محلها، حيث إن نقاط الضعف الكبيرة في الهند مقارنة بالصين وقربها المحتوم منها، يضمن أن نيودلهي لن تتورط أبدا في أي مواجهة أميركية مع بكين لا تهدد أمنها بشكل مباشر.
وتقدر الهند التعاون مع واشنطن لما يجلبه من منافع ملموسة، لكنها لا تعتقد أن عليها -في المقابل- أن تدعم الولايات المتحدة ماديا في أي أزمة، حتى ولو كانت تنطوي على تهديد مشترك مثل الصين.
طموحات متباينة
وذكر المقال أن المشكلة الأساسية أن الولايات المتحدة والهند لديهما طموحات متباينة لشراكتهما الأمنية. فكما فعلت مع الحلفاء في جميع أنحاء العالم، سعت واشنطن إلى تعزيز مكانة نيودلهي داخل النظام الدولي الليبرالي، وعند الضرورة، التماس مساهماتها في الدفاع عن التحالف.
وأضاف أن نيودلهي ترى الأمور بشكل مختلف. فهي لا تحمل أي ولاء فطري تجاه الحفاظ على النظام الدولي الليبرالي، ولديها نفور دائم تجاه المشاركة في الدفاع المتبادل. وتسعى، في الوقت ذاته، إلى الحصول على تقنيات متقدمة من الولايات المتحدة لتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية.
وبالتالي تسهيل صعودها كقوة عظمى قادرة على موازنة الصين بشكل مستقل، لكنها لا تفترض أن المساعدة الأميركية تفرض أي التزامات أخرى عليها.
وألمحت الكاتبة إلى محاولة واشنطن لأكثر من 10 سنوات مساعدة الهند على تحسين قاعدتها التكنولوجية الدفاعية، وأردفت بأن هذه الجهود أثبتت عدم جدواها في كثير من الأحيان.
ورأت أنه رغم وضوح كون الصين الخصم الأكثر تهديدا للهند، فإن نيودلهي لا تزال تسعى إلى تجنب فعل أي شيء يؤدي إلى قطيعة بائنة مع بكين. ويدرك صانعو السياسة في الهند تماما التفاوت الصارخ في القوة القومية الصينية والهندية، والذي لن يُصحح في أي وقت قريب.
لا وجود لالتزام هندي
كما يجبر الضعف النسبي لنيودلهي على تجنب استفزاز بكين، لأن الانضمام إلى حملة عسكرية بقيادة الولايات المتحدة ضدها سيؤدي إلى ذلك حتما. ولا تستطيع الهند أيضا الهروب من قربها المادي من الصين، حيث تشترك الدولتان في حدود طويلة، لذا يمكن أن تهدد بكين الأمن الهندي بطرق ملحوظة.
وختم المقال بأنه يجب ألا تفسر العلاقات الدفاعية المعمقة لنيودلهي مع واشنطن على أنها مدفوعة إما بالدعم القوي للنظام الدولي الليبرالي، أو الرغبة في المشاركة في الدفاع الجماعي ضد العدوان الصيني.
وبدلا من ذلك، يتصور صانعو السياسة الهنود العلاقة الأمنية المكثفة وسيلة لتعزيز قدرات الدفاع الوطني للهند، ولكنها لا تشمل أي التزام بدعم أميركا في الأزمات العالمية الأخرى.
ولذا يجب على واشنطن بالتأكيد مساعدة الهند إلى الدرجة المتوافقة مع المصالح الأميركية. لكن ينبغي لها ألا تتوهم أن دعمها لها، مهما كان كريما، سيغري الهند بالانضمام إليها في أي تحالف عسكري ضد الصين. فالعلاقة مع الهند تختلف بشكل أساسي عن تلك التي تتمتع بها الولايات المتحدة مع حلفائها الآخرين. ويجب أن تدرك إدارة بايدن هذا الواقع بدلا من محاولة تغييره.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.