سبق للذكاء الاصطناعي أن أثبت قدرته في تحليل صور الأجهزة الطبية، والنجاح في اختبارات طلاب الطب. أما الآن، فحان دور أداة جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعي لإثبات قدرتها على قراءة التقارير التي يعدها الأطباء والتنبؤ بدقة بمخاطر الوفاة ودخول المستشفى مجدداً والمضاعفات المحتملة الأخرى.
وتولى ابتكار البرنامج فريق من كلية غروسمان للطب التابع لقسم لانغون للدراسات الصحية بجامعة نيويورك، ويخضع البرنامج للاختبار حاليا في عدد من المستشفيات الشريكة للجامعة بهدف تعميم استخدام هذه التقنية بالوسط الطبي مستقبلا.
ونشرت مجلة “نيتشر” (Nature) العلمية دراسة عن المنافع المحتملة من الاستعانة بهذا البرنامج.
وتم تشكيل نموذج التوقعات المسمى “نيوترون” (NYUTron) انطلاقا من ملايين الملاحظات الطبية التي تتضمنها ملفات 387 ألف مريض عولجوا بين يناير/كانون الثاني 2011 ومايو/أيار 2020 بالمستشفيات المرتبطة بجامعة نيويورك.
وشملت هذه الملاحظات تقارير الأطباء المكتوبة، والملاحظات عن تطور وضع المريض، وصور الأشعة السينية والأجهزة الطبية، والتوصيات المقدمة للمرضى عند مغادرتهم المستشفى، ويبلغ إجمالي الكلمات التي تتضمنها 4.1 مليارات كلمة.
وكان أبرز تحديات البرنامج النجاح في تفسير اللغة التي يستخدمها الأطباء، إذ إن لكلٍّ منهم مصطلحاته التي تختلف بشكل كبير عن الآخر وخصوصا لجهة الاختصارات.
وتم اختبار البرنامج في ظروف حقيقية، لا سيما من خلال التدريب على تحليل تقارير مأخوذة من مستشفى في مانهاتن، ثم مقارنة النتائج بنتائج مستشفى في بروكلين لمرضى مختلفين.
ومن خلال درس ما حدث للمرضى فعليا، تمكن الباحثون من قياس عدد المرات التي صحّت فيها تنبؤات البرنامج.
ليس بديلاً
وجاءت النتيجة مدهشة، إذ تبيّن أن برنامج “نيوترون” تمكّن من التنبؤ قبل خروج المرضى من المستشفيات المشاركة في الدراسة بوفاة 95% ممن فارقوا الحياة بالفعل لاحقا، وصحّت توقعاته بشأن 80% من أولئك الذين أعيد إدخالهم إلى المستشفيات بعد أقل من شهر على خروجهم منها.
واتسمت هذه النتائج بدقة تَفوق توقعات معظم الأطباء وتتجاوز أيضا توقعات النماذج المعلوماتية غير القائمة على الذكاء الاصطناعي المستخدمة حاليا.
غير أن المفاجأة كانت أنّ طبيبا ذا خبرة كبيرة، ويحظى باحترام واسع في الوسط الطبي، أعطى توقعات “أفضل حتى من تلك التي أعطاها البرنامج” على ما شرح إريك أورمان جراح الأعصاب ومهندس الحاسوب بكلية الطب في نيويورك، والمعد الرئيس للدراسة التي نشرت بمجلة “نيتشر”.
كما نجح البرنامج بنسبة 79% في توقع مدة بقاء المرضى في المستشفى، وبنسبة 87% في توقع حالات امتناع الجهات الضامنة وشركات التأمين عن تغطية نفقات الرعاية الطبية التي دفعها المرضى، وبنسبة 89% في توقع الحالات التي عانى فيها المرضى مشاكل صحية إضافية.
وشدد الدكتور أورمان على أن الذكاء الاصطناعي لن يحل أبدا محل العلاقة بين المريض والطبيب، لكنه قد يتيح “توفير مزيد من المعلومات (..) للأطباء لتمكينهم من اتخاذ “قرارات مستنيرة”.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.