لم يتوقع أحد، سواء من الجمهور أو صانعي العمل أنفسهم، أن يتفوق فيلم “يوم 13” على فيلم “هارلي” لمحمد رمضان بالإيرادات منذ طرحه بموسم أفلام عيد الفطر وحتى الآن، باستثناء الأسبوع الأول.
فيلم “يوم 13” تفوق أيضا على الفيلم الكوميدي “ابن الحاج أحمد”، ليصل إجمالي إيراداته إلى 27.5 مليون جنيه مصري بحسب موقع “السينما”، علما بأن عرضه ما زال مستمرا بجانب طرحه في دور العرض العربية قبل أيام.
للوهلة الأولى، يمكن القول إن صنّاع “يوم 13” كسبوا رهان شباك التذاكر، حين غامروا بطرح أول فيلم رعب مصري يُقدّم بتقنية ثلاثية الأبعاد (3D). وتبيّن بالفعل أن العمل جذب قطاعا عريضا من الجمهور الذي شعر بالحماس لخوض التجربة.
لكن يظل السؤال: هل تملك السينما المصرية التكنولوجيا الكافية للمنافسة في عالم المؤثرات البصرية والصوتية الذي قطعت فيه هوليود مساحات شاسعة طوال سنوات؟
إيرادات فيلم “يوم ١٣”
أول فيلم 3D عربي وصلت لـ25 مليون جنيه من بداية عرضه
وبكده تجاوزت إيرادات فيلم “122” للفنان “أحمد داود” برضوالفيلم هيتعرض يوم 25 مايو في جميع دور العرض الخليجية
بعد النجاح الكبير اللي حققه في مصر#بس_في_مصر pic.twitter.com/9P0Pxmu7lp— بس في مصر (@basfimasr) May 23, 2023
الخطة التسويقية
“من كل بستان زهرة” هذا بالضبط ما فعله أصحاب فيلم “يوم 13” في محاولة منهم لاصطياد كل الطيور بحجر وحيد وكسب فئات مختلفة من المشاهدين، كانت تلك خطتهم التسويقية بالجمع بين صناعة أول فيلم مصري ثلاثي الأبعاد، ينتمي لفئة الرعب غير المستساغة عربيا ويكون مستوحى من قصص حقيقية، ويجمع بين عدد هائل من النجوم ذوي الأسماء الجذابة، رغم أن معظمهم لا يتجاوز ظهوره على الشاشة بضع دقائق.
لم يلتفت صناع الفيلم لكون العمل لا يحمل مقومات حقيقية تؤهله للنجاح الفني وليس الجماهيري وحده.
حبكة تقليدية وغير جذابة
قصة العمل ليست جديدة بالمرة، وبالتالي ليست جذابة في ذاتها، إلا إذا أُضيفت إليها عوامل نجاح أخرى، إذ تدور حول شاب يترك وطنه لمدة ربع قرن، ثم يُقرر العودة بعد وفاة والده من أجل بيع القصر الذي كان يعيش فيه مع أسرته قبل الهجرة لتحسين وضعه ماديا.
يواجه الشاب مشكلة كون الجميع مقتنع تماما بأن القصر مسكون، مما يدفعه للعيش فيه فترة لدحض الشائعات. وسرعان ما تتأكد صحة الكلام المتداول، ومع اكتشافه قتل والدته بطريقة وحشية في القصر، يصبح الأمر منطقيا.
وهنا يُقرر أن يلجأ إلى مُعالج روحاني لمساعدته على كشف غموض ما يجري، قبل أن يزعم الأخير أن السبيل الوحيد هو معرفة القاتل لمنح الراحة والسكينة لروح الأم القتيلة التي تبعث لهم بالإشارات لمساعدتهم.
غياب المبرر الدرامي
من بين سلبيات العمل عدم وجود أي مبرر درامي أو دافع لدى الشخصيات، على سبيل المثال لم يُقدم العمل ما يُبرر زواج بطلتي العمل الرئيسيتين دينا الشربيني ونسرين أمين من رجال يكبرونهم بضعف العمر مثل مجدي كامل ومحمد الصاوي على الترتيب، أو السبب وراء إصرار الأولى على مساعدة البطل حد التضحية بحياتها لمعرفة الحقيقة.
أداء تمثيلي ضعيف
ظهر الأبطال الرئيسيون بأداء بلا روح أو أي تفاصيل للشخصية، وهو ما لم يتحقق أيضا سواء على مستوى الأزياء أو الإكسسوارات، في حين جاء تمثيل ضيوف الشرف جيدا أو مناسبا إلى حد كبير.
الأمر الذي جعل الثلث الأخير من العمل أفضل من سابقيه، خاصة أن الجزء الخاص بهم الذي دارت أحداثه بالماضي قُدّم بشكل أفضل بصريا وضمّ العديد من الخيوط الدرامية المتشابكة والمثيرة.
الرعب بطريقة بدائية
أسلوبان وحيدان اعتمد عليهما فيلم “يوم 13” لإخافة الجمهور، الأول الإفزاع بشكل ساذج ليس نتيجة للأحداث وإنما لظهور أحد الشخصيات أمام الآخر دون مقدمات، وإغلاق أو فتح باب بشكل مفاجئ، أو قفزة حيوان على حين غرة.
والثاني تمثّل بالظلام أو لنكون أكثر دقة بـ “الحَد من الإضاءة” للدرجة التي جعلت الشاشة داكنة معظم الوقت، وهو ما أثرّ سلبا على المُشاهد مع استمرار الوضع وعدم تقديمه باحترافية، فمن جهة باتت انفعالات الأبطال غير واضحة، ومن جهة أخرى تسبب بشعور المتفرج بالإرهاق البصري بدلا من الخوف أو الاستمتاع.
نهاية مثالية
مع أن نهاية “يوم 13” بدت متوسطة فنيا، لكنها جاءت جيدة دراميا وغير متوقعة، بل توحي باحتمال تقديم جزء ثان، فاللعنة التي تم فك غموضها لم تلبث أن تتسبب بخلق لعنة جديدة مجهولة المعالم والشرور، وهو ما يُحسب لصانعي الفيلم.
هل تأثر العمل بأفلام الرعب الأميركية أو استطاع مجاراة أفلام الـ3D الأولية بالصناعة؟ فيما يخص الشق الأول، بالطبع بدا التأثر بثيمة الرعب الأجنبية واضحا، سواء من حيث اختيار الحبكة أو الأجواء المصاحبة للعمل من شكل المكان والديكورات واختيار زوايا التصوير.
مما جعل العمل أشبه بنسخة مقلدة رديئة دون أي بصمة عربية خاصة، الأمر نفسه وقع به أصحاب فيلم “خط دم” الذي صدر في 2020 وتناول ثيمة مصاصي الدماء، رغم أن الموروث الشعبي العربي يحمل بين طياته العديد من الأفكار التي تصلح كنواة لفيلم رعب من العيار الثقيل.
وهو ما فعله على سبيل المثال صانعو فيلم “الفيل الأزرق” أو حتى حاول آخرون تقديمه قديما خلال أفلام ليست الأفضل بالضرورة، لكنها حملت بصمة عربية مثل “الإنس والجن” لعادل إمام بالثمانينيات.
أما الشق الثاني من التساؤل المطروح، فمن الإجحاف المقارنة بين ما لدينا من أدوات وحجم إنتاج وبين ما يملكه الغرب، لذا سنكتفي باعتبار التجربة نقطة الصفر التي تفتح الباب أمام السينما العربية وتضع أقدامها على الدرب تحت شعار “نحن أيضا نستطيع”، على أمل تقديم ما هو أفضل.
اكتشاف المزيد من ينبوع المعرفة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.